وجهة نظر: 75 عاما بعد أوشفيتس ـ ماذا يجب على ألمانيا فعله؟
٣٠ يناير ٢٠٢٠
75 عاما بعد تحرير معسكر أوشفيتس لا يكفي الحفاظ على الذكرى حية. فألمانيا بالتحديد وجب عليها في خضم كفاحها ضد كراهية اليهود ومعاداة الأجانب اتخاذ تدابير ملموسة ـ وذلك على الفور، كما تطالب إنيس بول في تعليقها التالي:
إعلان
طوال عقود هيمن في وطني الخجل. الخجل مما فعله الآباء والأجداد وما تتحمل ألمانيا مسؤوليته على الدوام. أكثر من ستة ملايين شخص قُتلوا في أوشفيتس وأماكن أخرى. ضمن آلية قتل صناعية لم توجد إلى ذلك الحين والتي تتجاوز القدرة على تصورها إلى يومنا هذا.
وهذا الشعور بالخجل كان المحور الفكري لخطابات ألقاها سياسيون ومفكرون في العديد من التظاهرات التذكارية، لاسيما في الأيام السنوية المكتملة الكبيرة. وحتى أنا وزملائي في الجامعة ولاحقا في أقسام التحرير كنا متأثرين ونقول: أخجل لما فعله بلدي.
طلقات نارية على كنيس
وفي هذه السنة يكون وضعي مختلفا، ربما لأنه للمرة الأخيرة في ذكرى سنوية مكتملة يكون شهود عصر موجودين والتظاهرات التذكارية تطغى. لكن لاسيما لأنه في بلدي تصبح اليهوديات واليهود مهددين من جديد، لأنه في أوج عيد يهودي يتعرض كنيس مليئ بالزوار لهجوم بأسلحة رشاشة، ولأن النكات حول اليهود باتت مجددا عادية و"أنت اليهودي" بات من جديد شتيمة في ألمانيا. والخجل لا يكفي عندما يتم الكشف في نهاية الأسبوع الذي يتذكر فيه العالم ضحايا الهولوكوست عن تقارير توحي بوجود عدد متزايد من النازيين في صفوف الجيش الألماني. اليوم. والآن.
وفي هذه السنة يطغى على خجلي الغضب من أن هذا كله يحصل مجددا في وطني. والغضب من أنه لا يتم منع ذلك كله في ألمانيا. والخطابات هي بالطبع مهمة ـ وكذلك الخطاب الرائع للرئيس فرانك فالتر شتاينماير الأسبوع الماضي في ياد فاشيم. وميزت المبادرات الكبيرة ثقافة الذكرى في هذه البلاد ـ بدء بركوع المستشار فيلي برانت في 1970 في وارسو.
لكن هذا وحده لم يعد كافيا. فإذا كانت ألمانيا تريد الاستمرار في تحمل المسؤولية التي تسببت فيها البلاد بسبب الجريمة الانسانية فيجب أن يحصل المزيد مما هو ملموس. السياسيون وجب عليهم إيجاد أجوبة على السؤال ما الذي يجب أن يحصل حتى لا تكون هناك حاجة في ألمانيا إلى مراقبة الكنس. والآباء وجب عليهم إيجاد الأجوبة على كيفية التخلص أخيرا من النكات حول اليهود في المدارس. وماذا يقدم نظام تعليمنا إذا كان واحد من بين أربعة تلاميذ من الفصل العاشر لا يفهم أي شيء تحت مفهوم أوشفيتس؟
إخراج الذكرى من زاوية النخب
نحن جميعا ـ المجتمع المدني مثل السياسيين والمفكرين ـ يجب أن إخراج ذكرى الهولوكوست من زاوية النخب، ولاسيما يجب أن يحصل المزيد في المدارس، لأن معاداة السامية ومعاداة الأجانب لا يجوز أن تجد مكانا لها داخل مجتمعنا. و" لا للتكرار مجددا" واضح لا يمكن إلا أن ترافقه سياسة عدم تسامح مطلقة.
ويصعب كراهية ما نعرف. ويمكن لألمانيا أن تنطلق أيضا من هذا الاعتراف: ماذا نعرف في الحقيقة عن المعتقد اليهودي والحياة اليهودية أو تاريخ اليهود في أوروبا؟ ولماذا لا يوجد تبادل مدرسي كبير مع اسرائيل؟
وقريبا لن يوجد شهود عصر. وجناة الماضي يصبحون بعيدين بجيل عن أولائك الذين يطبعون اليوم ألمانيا بشكل واضح. ولذلك لا يحق ضياع الوقت ـ فالحكومة الألمانية وجب عليها الآن العمل، وعلى هذا الأساس يمكن محاسبتها.
إنيس بول
إحياء ذكرى الهولوكست.. كي لا تتكرر أسوأ جريمة في تاريخ البشرية
بحلول الذكرى السنوية ألـ 75 لتحرير معسكر الإبادة النازية "أوشفيتز"، تشارك أكثر من 50 دولة في فعالية ينظمها مركز ياد فاشيم في القدس. الخارجية الإسرائيلية وصفت الفعالية بأنها "أكبر حدث سياسي" منذ تأسيس دولة إسرائيل.
صورة من: Holokauszt Emlékközpont, Budapest
يشارك في الفعاليات التي تقام في أورشليم/ القدس اليوم الخميس 23 كانون الثاني/ يناير وفود من نحو 50 دولة لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين لتحرير معسكر الموت في أوشفيتز. وذكرت وزارة الخارجية الإسرائيلية أن التجمع في مركز ياد فاشيم لضحايا الهولوكست، يعد "أكبر حدث سياسي" منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Zvulun
يشارك في الفعالية رؤساء كل من فرنسا وألمانيا وروسيا، وكذلك ملوك إسبانيا وهولندا وبلجيكا إضافة إلى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو والأمير البريطاني تشارلز. وتعتبر إسرائيل الحضور الكبير علامة على التضامن في وقت تتصاعد فيه معاداة السامية في جميع أنحاء العالم.
صورة من: picture-alliance/abaca/E. Blondet
وتأتي هذه الفعاليات بمناسبة مرور 75 عاما على تحرير معسكر الاعتقالات والإبادة النازي "أوشفيتز" في 27 كانون ثاني/ يناير عام 1945 على يد القوات السوفيتية. وتقام الفاعلية تحت شعار "تذَكُر الهولوكست، مكافحة معاداة السامية"، وذلك في ظل تصاعد المشاعر المعادية للسامية.
صورة من: Reuters/R. Zvulun
الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير جدد التأكيد خلال مشاركته في الفعالية على مسؤولية بلاده في المحرقة وقال "إننا نكافح معاداة السامية، إننا نتحدى سم القومية، إننا نحمي الحياة اليهودية، إننا نقف إلى جانب إسرائيل. هذا التعهد أجدده هنا في ياد فاشيم أمام أعين العالم". وأضاف "أنحني بشدة" لذكرى "القتل الجماعي لستة ملايين يهودي، ارتكب أبناء بلدي أسوأ جريمة في تاريخ البشرية".
صورة من: Reuters/A. Safadi
ويعتبر معسكر الاعتقال والإبادة النازي "أوشفيتز- بيركناو"، الذي أقامه النازيون في بولندا التي كانت في ذلك الوقت قد وقعت تحت الاحتلال النازي، رمزا للمحرقة النازية (الهولوكست). مليون إنسان قضوا نحبهم في هذا المعسكر سيء الذكر.
صورة من: Holokauszt Emlékközpont, Budapest
زار أكثر من 25 مليون شخص معسكر اعتقال أوشفيتز السابق النصب التذكاري لضحايا المحرق، منذ افتتاحه للزوار في عام 1947. وحاليا يستقبل المعسكر مليوني زائر من جميع أنحاء العالم يأتون إلى هناك كل عام.
صورة من: AP
واليوم العالمي لإحياء ذكرى المحرقة ( 27 يناير/كانون الثاني) تم اعتماده من قبل الأمم المتحدة في 1 نوفمبر 2005 لتخليد ذكرى المحرقة النازية والإبادة الجماعية التي أسفرت عن مقتل 6 ملايين يهودي. وبقرارها هذا تحث الجمعية العامة للامم المتحدة دول العالم على إحياء هذه الذكرى وذلك لتجنيب الأجيال القادمة من القيام بعمال الإبادة الجماعية.
صورة من: picture-alliance/ZUMAPRESS.com
يرفض القرار الأممي (60/7) أي إنكار للمحرقة ويدين جميع مظاهر التعصب الديني أو التحريض أو المضايقة أو العنف ضد الأشخاص أو المجتمعات على أساس الأصل العرقي أو المعتقد الديني. كما يدعو إلى الحفاظ على مواقع حدوث الهولوكست والتي كانت بمثابة معسكرات الموت النازية ومعسكرات الاعتقال ومعسكرات العمل القسري والسجون، وكذلك إنشاء برنامج دولي للتوعية وتعبئة المجتمع من أجل ذكرى المحرقة النازية. اعداد: علاء جمعة