وداعا ثقافة الترحيب- أنقرة تريد التخلص من اللاجئين السوريين
١٤ سبتمبر ٢٠١٩
يهدد الرئيس التركي اردوغان بإلغاء الصفقة حول اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، والسبب وراء هذه التهديدات يعود لتحديات السياسة الداخلية بحيث أن النبرة في أنقرة تجاه اللاجئين السوريين تغيرت بشكل واضح.
إعلان
إذا توخينا الدقة فإن رجب طيب اردوغان لم يصدر أي تهديد عندما قال في أنقرة بأن تركيا قد تصبح مجبرة "على فتح أبوابها" إذا لم تستمر المساندة من أوروبا في إعالة اللاجئين وإيجاد "منطقة آمنة" في شمال سوريا.
وخلفية مطلب اردوغان تكمن فيما يُسمى صفقة اللاجئين التي تم الاتفاق عليها في مارس/ آذار 2016. حينها وعد الاتحاد الأوروبي تركيا بتقديم ستة مليارات يورو خلال عدة سنوات لتمويل اللاجئين السوريين. وحسب المفوضية الأوروبية تم تحويل 2.4 مليار و 3.5 مليار يورو إضافية تم منحها عبر الاتفاق. وعلى عكس النبرة الحادة من أنقرة، فإن المفوضية الأوروبية في بروكسيل تتحلى بقدر من الاسترخاء من خلال بيان صحفي له جاء فيه: "نعتقد أنه بإمكاننا مواصلة التعاون مع شركائنا الأتراك بثقة جيدة"، كما ورد في البيان.
إعادة اللاجئين إلى سوريا
وحتى كريستيان براكيل، مدير مؤسسة هاينريش بول في اسطنبول لا يعتقد بأن اردوغان سيتخلى فعلا عن الصفقة مع الأوروبيين. وقال براكيل لدويتشه فيله بأن "لديه خيارات أفضل قليلة". ويرى الخبير في الشؤون التركية بأن المشاكل الحقيقية في التعامل مع اللاجئين في تركيا موجودة في مكان آخر. ففي الأسابيع والشهور الماضية ارتفعت عمليات ترحيل اللاجئين من تركيا إلى بلدانهم الأصلية. وفي حال اللاجئين من أماكن الحرب الأهلية في سوريا، كما يقول براكيل إلى مناطق صراع مثل ادلب.
و
وفي أنقرة لا يتم نكران أن نحو 320.000 من السوريين اللاجئين إلى تركيا عادوا إلى وطنهم. لكن السلطات التركية تتحدث عن "عائدين طوعيين". بيد أن الخبير براكيل يشك في هذا، إذ توجد سلسلة من التقارير الموثوق بها من أشخاص طلبوا في مراكز الشرطة تمديد رخص إقامتهم. "وهناك تم تقديم وثيقة لهم للتوقيع يؤكدون من جرائها سفرهم الطوعي" على عكس ما يرغبون. ويبدو أنه تحت استخدام العنف الجسدي تم إبلاغهم بأن الرفض لن يُقبل. وتحت هذه الظروف، كما يقول براكيل "لا يمكن الحديث عن مغادرة طوعية".
دور تركي خاص في سياسة اللجوء
وأسلوب التعامل هذا يفاجئ للوهلة الأولى. والرئيس التركي اردوغان وكذلك أعضاء من حزبه الحكومي أكدوا باستمرار على استعداد الحكومة التركية لتقديم المساعدة. وعلى هذا النحو قالت فاطمة شاهين من حزب العدالة والتنمية الحاكم، وهي منذ 2014 رئيسة بلدية غازي عنتاب على الحدود مع سوريا في خريف 2017 أثناء حديث مع دويتشه فيله:" منذ سنوات نحاول تقديم المساعدة للمنكوبين من سوريا. هذا له تقليد هنا وهذه هي ثقافتنا. فإذا كان جارك يتضوّر جوعا، فوجب عليك مساعدته. أعتقد أننا اصبحنا بسلوكنا نموذجا بالنسبة إلى العالم بأسره. نحن تحولنا إلى ضمير العالم."
وبالفعل لعبت تركيا فيما يخص اللاجئين السوريين دورا مميزا، إذ أن أكثر من 6.3 ملايين شخص هربوا من سوريا وأُجبروا على البحث عن مأوى في البلدان المجاورة. وأكثر من نصف هذا العدد استقبلته تركيا.
مخاطر موجات جديدة من اللاجئين
النشوة التي سادت في البداية تجاه القادمين الجدد طرأ عليها الفتور في الكثير من المناطق. فالأمر الذي كان سائدا والذي يسمح بقبول السوريين غير المسجلين في اسطنبول بالعيش في المدينة الكبيرة لم يعد مقبولا، فاللاجئين المعنيين وجب عليهم مغادرة المدينة. وكريستيان براكيل يرى تغير الأسلوب الخطابي لاردوغان على خلفية الانتخابات الخاسرة في السنوات الماضية في اسطنبول:" بالتحديد في الأحياء التي يعيش فيها الكثير من اللاجئين خسر حزب العدالة والتنمية نسبة من الأصوات. هذه الأحياء كانت في السابق معاقل لحزب العدالة والتنمية، إذ تمت معاقبة الحزب فيها". كما أن الوضع الاقتصادي المتوتر سبب في ذلك. وبشكل عام يُلاحظ أن الرفض تجاه اللاجئين، أكان ذلك من خلال العنصرية الظاهرة أو ممارسة العنف زاد بقوة. والأسلوب الخطابي المتغير هو محاولة واضحة لإعادة التحكم مجددا في الوضع."
وفي مدى صعوبة ذاك، هذا ما يظهر جليا عن النظر إلى سوريا المجاورة. ففي الأسابيع الماضية حصل تصعيد لعمليات القتال في أخر معاقل المتمردين الكبيرة، أي ادلب المتاخمة لتركيا. يعيش في المنطقة نحو ثلاثة ملايين لاجئ. وفي حال استمرار التصعيد في المنطقة، فإن هؤلاء الناس سيحاولون العبور إلى تركيا. وجاء رد فعل الحكومة التركية على ذلك، إذ أنها أعلنت عن عقد قمة حول سوريا الاثنين المقبل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني حسن روحاني.
دانييل هاينريش/ م.أ.م
تحالف الإكراه.. أبرز محطات الخلاف بين ألمانيا وتركيا
تحاول تركيا حاليا تحسين علاقاتها مع ألمانيا، خاصة بعد تأزم الوضع الاقتصادي وتفاقم الخلاف مع الولايات المتحدة. لكن تركيا كانت غالبا هي السباقة لتعكير صفو العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا، وهذه أبرز محطات الخلاف بينهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
عودة المياه إلى مجاريها؟
رغم المساعي التركية الأخيرة لتحسين علاقاتها مع ألمانيا قبيل زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى برلين في شهر أيلول/سبتمبر 2018. إلا أن تركيا كانت غالبا هي السباقة إلى تأجيج العلاقات مع حليفها التاريخي ألمانيا. لقاء قديم يعود لعام 2011 جمع أردوغان بالمستشارة ميركل.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
حبس صحفيين ونشطاء ألمان
رفعت محكمة تركية الاثنين (20 أب/أغسطس 2018) حظر السفر المفروض على الصحفية الألمانية ميسالي تولو التي اعتقلت العام الماضي بتهم تتعلق بالإرهاب. وتسببت قضية تولو، بالإضافة إلى قضية الصحفي دينيز يوجيل الذي ظل محتجزا عاما كاملا، وقضية الحقوقي بيتر شتويتنر الذي احتجز لثلاثة أشهر، إلى توتر شديد في علاقات أنقرة مع برلين. ومنذ الإفراج عن يوجيل في فبراير الماضي بدأت حدة التوتر في العلاقات تتراجع نسبيا.
صورة من: picture-alliance/dap/Zentralbild/K. Schindler/privat/TurkeyRelease Germany
اتفاقية اللاجئين مع تركيا
توصلت بروكسل وأنقرة إلى اتفاق في آذار/مارس 2016، يسمح بإعادة اللاجئين إلى تركيا، بمن فيهم طالبو اللجوء السوريون الذين وصلوا إلى اليونان. وذلك بعد تدفق أكثر من مليون لاجئ ومهاجر عبر تركيا إلى دول الاتحاد الأوروبي في عامي 2015 و2016. ووافقت أوروبا على تمويل صندوق مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات يورو مخصص لأكثر من مليونين ونصف مليون لاجئ موجودين في تركيا، في مقابل وعد أنقرة بالحد من تدفقهم.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/L. Pitarakis
الاعتراف بإبادة الأرمن
ازداد تدهور العلاقات بين ألمانيا وتركيا إثر قيام البرلمان الألماني "بوندستاغ" في حزيران/يونيو 2016، بالاعتراف بتعرض الأرمن للإبادة خلال حكم السلطنة العثمانية مطلع القرن الماضي. وكذلك بعد إدانة ألمانيا المستمرة لعمليات القمع في تركيا التي أعقبت الانقلاب الفاشل على الرئيس رجب طيب أردوغان صيف عام 2016.
صورة من: Getty Images/AFP/S. Gallup
انتقادات تركية للغرب
انتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الغرب في أكثر من مرة متهما إياه بعدم إظهار التضامن مع أنقرة بعد محاولة الانقلاب الفاشل. وقال إن الدول التي تخشى على مصير مدبري الانقلاب بدلا من القلق على ديمقراطية تركيا لا يمكن أن تكون صديقة.
صورة من: picture-alliance/abaca/F. Uludaglar
منح اللجوء لمعارضين تتهمهم تركيا بدعم الانقلاب
ما زاد من تدهور العلاقات المتوترة بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي هو منح ألمانيا حق اللجوء لجنود أتراك سابقين ومن ضمنهم قيادات عسكرية، تتهمهم الحكومة في أنقرة بالتورط في محاولة الانقلاب العسكري الفاشل في شهر تموز/ يوليو 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Charisius
رفض تجميد أصول مقربين من غولن في ألمانيا
رفضت ألمانيا طلباً رسمياً من تركيا بتجميد أصول أعضاء من شبكة رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشل. وأبلغت برلين أنقرة أنه ليس هناك أساس قانوني كي يقيد مكتب الإشراف المالي الاتحادي حركة غولن وأنصاره.
صورة من: picture alliance/dpa/M.Smith
مسألة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي
رُشحت تركيا للانضمام إلى عضوية الاتحاد الأوروبي منذ عام 1999، وبدأت المفاوضات بين الجانبين حول هذا الشأن عام 2005. لكن المفاوضات تجمدت خريف عام 2016. وتعترض أغلب الأحزاب السياسية الألمانية في الوقت الحاضر على انضمام تركيا للاتحاد.
صورة من: picture-alliance/dpa/T. Bozoglu
الترويج للتعديلات الدستورية على الأرض الألمانية
رفضت ألمانيا ترويج ساسة أتراك في أراضيها للتعديلات الدستورية التي أقرت عام 2017. واتهم أردوغان المستشارة ميركل آنذاك باللجوء إلى ممارسات "نازية" لمساندتها هولندا في النزاع الذي نشب بينها وبين تركيا لنفس المسالة، مما أثار استنكار ألمانيا وحمل الرئيس الألماني شتاينماير على مطالبته بالتوقف عن هذه "المقارنات المشينة".
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Steinberg
التجسس في ألمانيا على معارضي أردوغان
أعلنت رئاسة الشؤون الدينية التركية سحبها أئمة من ألمانيا، وذلك بعدما أعلنت هيئة حماية الدستور (المخابرات الداخلية الألمانية) في كانون الثاني/يناير 2017، أنها تحقق في اتهامات بالتجسس ضد اتحاد "ديتيب" الإسلامي التركي في ألمانيا. وتتهم الهيئة أئمة المساجد التابعة لـ "ديتيب" بتقديم معلومات عن معارضين للرئيس أردوغان للقنصليات التركية.
صورة من: DW/O. Pieper
الجنود الألمان يغادرون قاعدة أنجرليك التركية
رفضت أنقرة زيارة وفد من لجنة الدفاع بالبرلمان الألماني لجنود الجيش الألماني المتمركزين في قاعدة أنجرليك التابعة لحلف الناتو. وقررت ألمانيا إثر ذلك في حزيران/يونيو 2017 سحب قواتها الـ 260 الذين كانوا للمشاركة في عمليات التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" في كل من سوريا والعراق، بنقل هذه القوات إلى الأردن. في الوقت نفسه مازال جنودا ألمان يتمركزون في قاعدة تابعة للناتو في كونيا.
صورة من: Getty Images/AFP/T. Schwarz
تشبيه ميركل بهتلر وهجوم الصحافة التركية على ألمانيا
نشرت صحيفة تركية موالية للحكومة في أيلول/سبتمبر 2017، صورة للمستشارة ميركل، على صفحتها الأولى، تظهرها بشارب هتلر الشهير، ويبدو فوق رأسها الصليب المعقوف رمز النازية. وجاء التصعيد الإعلامي هذا قبيل الانتخابات التشريعية الألمانية عام 2017 وبعد المناظرة التلفزيونية بين المستشارة ميركل ومنافسها الاشتراكي شولتس، حيث دعا كلاهما إلى إنهاء المفاوضات بشأن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Say
قمة جبل جليد الخلافات
شددت الخارجية الألمانية في تموز/يوليو 2017، من تحذيرات السفر إلى تركيا التي تعد مقصدا سياحيا للألمان، وذلك عقب تصاعد حدة الخلاف بين ألمانيا وتركيا وإعلان برلين عن "توجه جديد" في سياستها تجاه أنقرة.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
إيقاف تصدير الأسلحة
تصدير الأسلحة إلى تركيا يمثل إشكالية أيضا، وأوقفت الحكومة الألمانية صادرات الأسلحة لها بالكامل تقريبا خلال الأشهر الأولى من توليها المهام رسميا مطلع هذا العام. جاء ذلك بعد تزايد الانتقادات ضد تصدير أسلحة إلى تركيا إثر توغل قواتها في منطقة عفرين ذات الغالبية الكردية. وكان من بين الأسلحة التي استخدمتها تركيا دبابات ألمانية من طراز "ليوبارد".
صورة من: Reuters
قضية مسعود أوزيل واستغلالها إعلاميا
أعلن مسعود أوزيل اعتزاله اللعب دوليا مع منتخب ألمانيا على خلفية الانتقادات الحادة التي وجهت إليه بسبب التقاطه صورا مع أردوغان، قبيل نهائيات كأس العالم في روسيا. واتهم أوزيل الاتحاد الألماني بالعنصرية مشددا على أنه لم تكن لديه أي "أغراض سياسية" عندما التقط الصورة مع أردوغان. فيما انتقد أردوغان المعاملة التي لاقاها أوزيل التي وصفها بـ"غير المقبولة".
صورة من: picture-alliance/dpa/Presidential Press Service
"ضمانات هيرمس"
رغم الأزمة التي مرت بها العلاقات الألمانية - التركية، ارتفعت الضمانات الألمانية لائتمان الصادرات إلى تركيا، والتي تعرف باسم "ضمانات هيرمس"، بصورة ملحوظة في عام 2017 ووصلت إلى نحو 1.5 مليار يورو. وكانت الحكومة الألمانية قد وضعت حدا أقصى للضمانات في أيلول/ سبتمبر 2017، بلغ هذا المبلغ. ورفعت ألمانيا هذا التحديد في شهر تموز/يوليو الماضي. وتعتبر ألمانيا أهم شريك تجاري لتركيا على مستوى العالم.
صورة من: picture-alliance/Hermes Images/AGF/Bildagentur-online