"ورشة القرن".. من سيدفع فاتورة إعادة إعمار قطاع غزة الضخمة؟
١٨ يناير ٢٠٢٥
قدرت منظمات دولية أن فاتورة إعادة إعمار قطاع غزة المدمر ستكلف المليارات. وبعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بدأت التساؤلات حيال عملية إعادة الإعمار، وماهي الأطراف التي سوف تساهم في هذه العملية. فهل هناك شروط سياسية؟
إعلان
بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، تعالت الآمال في أن يأذن ذلك بإطلاق عملية إعادة إعمار قطاع غزة، التي تُقدر بمليارات الدولارات في ضوء الدمار والخراب الكبير الذي حل بالقطاع بعد 15 شهرا من القصف والمعارك المدمرة.
قدر تقرير مشترك صدر عن البنك الدولي و الأمم المتحدة تكلفة الأضرار التي لحقت بالبُنى التحتية الحيوية في قطاع غزة بسبب الحرب بنحو 18.5 مليار دولار.
وذهبت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن أعمال القصف الذي تعرض لها القطاع خلفت وحدها 42 مليون طن من الركام، فيما يستوجب إزالتها سنوات بتكلفة تتجاوز عتبة الـ 1.2 مليار دولار.
وتشير هذه الأرقام إلى ضخامة عملية الإعمار ما أثار تساؤلات حيال الأطراف التي سوف تدفع فاتورة إعادة إعمار غزة الباهظة.
ويرى محمد قواص، الباحث والكاتب السياسي المقيم في لندن، أن عملية إعادة إعمار غزة ستكون بمثابة "ورشة القرن".
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف "هذه الورشة ستكون تاريخية وسوف يشارك فيها كل موارد المال الدولي، بداية من المؤسسات المالية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لكن الأموال الأساسية ستأتي من الدول المانحة وتقليديا هي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول عديدة، أهمها دول الخليج".
وفي سياق متصل، قالت منظمة الصحة العالمية الخميس (16 يناير/كانون الثاني 2025) إن إعادة إعمار المستشفيات والمنشآت الطبية في قطاع غزة ستتكلف عدة مليارات من الدولارات. وتشير التقديرات الأولية إلى أن هناك حاجة لنحو 3 مليارات دولار لقطاع الصحة وحده خلال الأشهر الـ 18 المقبلة.
وقال ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية المسؤول عن الأراضي الفلسطينية، إنه من المتوقع خلال إطار زمني يتراوح بين خمس إلى سبع سنوات، أن يصل الطلب إلى 10 مليارات دولار.
إعلان
تحالف دولي لإعادة الإعمار
وفي ضوء هذه الأرقام الضخمة، يعتقد يوسي ميكلبيرغ، الباحث البارز في شؤون الشرق الأوسط بمعهد "تشاتام هاوس" بلندن، أن مسؤولية تحمل عبء إعادة إعمار غزة، ضخمة.
وفي مقابلة مع DW عربية، أضاف "نحن نتحدث عن عملية إعمار تتطلب المليارات. لن يُنجز الإعمار إلا إذا كان هناك تحالف من الحكومات القادرة على القيام بذلك والراغبة في القيام بذلك. يجب أن تشارك في عملية الأعمار دول من المنطقة ومن خارجها وليس دولة واحدة فقط قادرة على ذلك".
وأعلنت مصر استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي من أجل إعادة إعمار غزة، ودعت الخارجية المصرية "المجتمع الدولي لدعم الجهد الإنساني وتقديم المساعدات لقطاع غزة، والبدء في مشروعات التعافي المبكر" تمهيدا لإعادة الإعمار.
بيد أن الانخراط الدولي في عملية إعادة إعمار غزة ربما يقترن بشروط سياسية.
ونقلت رويترز عن 12 من الدبلوماسيين الأجانب والمسؤولين الغربيين قولهم إن مناقشات تجري خلف الأبواب المغلقة تشمل إمكانية أن تشرف الإمارات والولايات المتحدة إلى جانب دول أخرى بشكل مؤقت على الإدارة والأمن وعملية إعادة الإعمار في قطاع غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي منه وحتى تتمكن إدارة فلسطينية من تسلم المسؤولية.
ونقل التقرير عن مسؤول إماراتي قوله إن أبو ظبي لن تشارك في أي خطة لا تتضمن إصلاحا كبيرا للسلطة الفلسطينية وتمكينها ووضع خارطة طريق موثوقة نحو إقامة دولة فلسطينية.
وتعارض الإمارات أيضا حماس ، التي تصنفها الولايات المتحدة وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
"غطاء سياسي"
وفيما يتعلق بالاتحاد الأوروبي الذي يُعد من أكبر الجهات المانحة للمساعدات الإنسانية المقدمة للفلسطينيين، نقلت رويترز عن مصادر قولها في أغسطس/آب الماضي إن فرنسا وألمانيا وبريطانيا قد اقترحت مبادرة لإعادة إعمار غزة.
لكن المبادرة حملت في طياتها شروطا أبرزها نزع سلاح حماس ومنع إعادة تسليحها، فيما تمثل الشرط الأكثر أهمية في عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
وفي ذلك، قال يوسي ميكلبيرغ، الباحث في تشاتام هاوس، إن "نقص الحوكمة في غزة يمثل إحدى أبرز العقبات السياسية أمام إعمار غزة".
وأضاف "يجب حل هذه المشكلة من خلال الآليات الصحيحة سواء دولية أو محلية من أجل التأكد من وجود حوكمة جيدة بما في ذلك الشفافية الكاملة. أي مناقصات لإعادة بناء غزة في الوقت الراهن يشوبها دائما خطر الفساد".
ويعتقد الباحث والكاتب السياسي محمد قواص أن عملية الإعمار تتطلب "غطاءً سياسيا وإجماعا على كيفية إدارتها".
وأضاف في حديثه إلى DW عربية "بالمعنى الاستراتيجي، قد تكون الأموال متوفرة، لكن هذه الأموال الصادرة عن دول معينة لديها شروط، وهذه الشروط تفرض على أي دولة تستفيد من هذه الأموال سواء كانت مفروضة من البنك الدولي أو صندوق النقد الدولي أو من الدول المانحة. أهم هذه الشروط هو من سيحكم غزة وكيف ستدار أموال عملية الإعمار".
السلطة الفلسطينية.. مسار متعثر نحو تحقيق هدف الدولة المستقلة
تأسست السلطة الفلسطينية عام 1994 بموجب اتفاقية أوسلو الأولى، لتكون هيئة حكم ذاتي انتقالي نحو دولة فلسطينية مستقلة، لكنها فشلت في تحقيق ذلك، وسط تجمد مؤسساتها وانقسامات وصراعات داخلية وضغوط خارجية، ورفض إسرائيلي.
صورة من: Justin Lane/epa/dpa/picture alliance
ملف الاعتراف بالدولة الفلسطينية من جديد في الجمعية العامة
يرتقب أن تدعم الجمعية العامة للأمم المتحدة الجمعة 10 مايو أيار 2024، المساعي الفلسطينية من خلال الاعتراف بأحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة بالمنظمة الدولية وإحالة الطلب مجددا لمجلس الأمن الدولي "لإعادة النظر في الأمر بشكل إيجابي". وتفيد تقارير بأن أيرلندا وإسبانيا وسلوفينيا ومالطا تنتظر التصويت وتدرس الاعتراف بدولة فلسطينية على نحو مشترك في 21 مايو أيار.
صورة من: Shannon Stapleton/REUTERS
الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد اعتراف كامل بدولة فلسطينية
منعت الولايات المتحدة الخميس (18 أبريل/ نيسان 2024) قرارا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يمنح دولة فلسطين المراقبة العضوية الكاملة في المنظمة الدولية. وصوتت 12 دولة عضو في مجلس الأمن لصالح القرار، واستخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضده، وامتنعت بريطانيا وسويسرا عن التصويت. وأدانت السلطة الفلسطينية في بيان الفيتو الأمريكي، فيما رحبت به إسرائيل.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
الفيتو الأمريكي كان متوقعا
قدّمت الجزائر، بصفتها العضو الممثّل للمجموعة العربية في مجلس الأمن، مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بـ"قبول دولة فلسطين عضواً في الأمم المتحدة". وأعلنت البعثة الدبلوماسية المالطية التي تتولّى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي لنيسان/أبريل أنه سيتم التصويت على مشروع القرار على الرّغم من أنّ الولايات المتّحدة، التي تتمتّع بحقّ الفيتو، عبّرت صراحة عن معارضتها له.
صورة من: Yuki Iwamura/AP/picture alliance
اتفاقية أوسلو عام 1993..مرحلة التأسيس
تأسست السلطة بموجب اتفاقية أوسلو الأولى - اتفاقية إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي- التي تم توقيعها في واشنطن بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في سبتمبر/أيلول 1993.
صورة من: Avi Ohayon/GPO
الاعتراف المتبادل وسلطة منتخبة
نص الاتفاق على بنود أبرزها اعتراف متبادل بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي وإعلان مبادئ تحقيق السلام وانسحاب إسرائيلي تدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة. لكنه نص أيضا على تشكيل سلطة فلسطينية تكون منتخبة وتتمتع بصلاحيات محدودة.
صورة من: J. David Ake/AFP/Getty Images
اتفاقيات تفصيلية لاحقة مع إسرائيل
بُني على اتفاقية أوسلو توقيع اتفاقيات أخرى بين السلطة وإسرائيل سواء لأغراض سياسية أو اقتصادية أو أمنية. في 29 أبريل/نيسان 1994، جرى توقيع "بروتوكول باريس" ليمثل الشق الاقتصادي لاتفاقية أوسلو. وفي أكتوبر / تشرين أول 1998، جرى توقيع "مذكرة واي ريفر" وبعدها "اتفاقية المعابر" في عام 2005.
صورة من: Palestinian Presidency /Handout/AA/picture alliance
هيكل السلطة الفلسطينية
يتألف هيكل السلطة الفلسطينية من المؤسسة التشريعية (المجلس التشريعي) ومؤسسات تنفيذية مثل الرئاسة ومجلس الوزراء بالإضافة إلى أجهزة أمنية أبرزها "قوات الأمن الوطني" و "الأمن الوقائي".
صورة من: MUHAMMED MUHEISEN/AP/picture alliance
رام الله مقر السلطة
اتخذت السلطة الفلسطينية من مدينة رام الله بالضفة الغربية مقرا لمؤسساتها الرئيسة الثلاثة وهي الرئاسة والحكومة والمجلس التشريعي. وتهيمن حركة فتح ذات التوجه العلماني على منظمة التحرير، التي تعد المكون الرئيسي في السلطة.
صورة من: AFP/F. Arouri
1996 ..أول انتخابات
جرت أول انتخابات في عهد السلطة في يناير / كانون الثاني عام 1996 لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي وتحت إشراف دولي بمشاركة 88% من الناخبين الذين يحق لهم التصويت في غزة و70% في الضفة الغربية.
صورة من: ENRIC MARTI/AP/picture alliance
وفاة عرفات وبدء حقبة أبو مازن
توفي ياسر عرفات، أول رئيس للسلطة، في نوفمبر / تشرين الثاني 2004. وخلفه محمود عباس "أبو مازن" في رئاسة منظمة التحرير ورئاسة السلطة بعد فوزه بالانتخابات. لاقى وصول عباس إلى السلطة ترحيبا من إسرائيل ودول غربية بسبب انتقاده لأعمال العنف خلال "الانتفاضة الثانية" على النقيض من عرفات.
صورة من: Awad_Awad/dpa/picture-alliance
انتخابات 2006.. فوز حماس
مثل فوز حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب، بأغلبية المقاعد في الانتخابات التشريعية لعام 2006 مفاجأة للسلطة ومنظمة التحرير. وفي 28 مارس/آذار 2006، تولى إسماعيل هنية ـ رئيس المكتب السياسي لحماس حاليا ـ رئاسة الحكومة.
صورة من: Mohamed Hams/EPA/picture alliance/dpa
2007.. طرد السلطة من غزة
عقب ذلك، توترت العلاقة بين فتح وحماس حيث خاض الفصيلان مواجهات مسلحة لفترة قصيرة قبل طرد السلطة من غزة عام 2007. ومنذ ذلك الوقت أصبح القطاع تحت إدارة حركة حماس، التي تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وألمانيا ودول أخرى على قائمة الإرهاب.
صورة من: Hatem Moussa/AP/picture alliance
تعطل إجراء انتخابات
لم تعقد أي انتخابات رئاسية منذ انتخاب محمود عباس في عام 2005 كما لم تعقد انتخابات برلمانية منذ عام 2006. ولم يعقد المجلس التشريعي الفلسطيني أي جلسة منذ عام 2007. ومع انتهاء فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات في عام 2009، اعتبرت حماس محمود عباس رئيسا غير شرعي.
صورة من: Safadi/dpa/picture-alliance
تدني نسبة التأييد
حسب استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية في شهر مارس / آذار الماضي، اعتبر 63% من المشاركين في الضفة الغربية وغزة أن السلطة تشكل عبئا على الفلسطينيين. وذكر الاستطلاع أن 84% يريدون استقالة محمود عباس.
صورة من: Abbas Momani/Getty Images/AFP
تنامي الضغوط على السلطة
تتعرض السلطة لضغوط دولية متنامية في أعقاب هجوم حماس الإرهابي على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول وما تلى ذلك من عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة. يتزامن هذا مع انتقادات واسعة النطاق للسجل الحقوقي للسلطة والفساد داخل أجهزتها.
صورة من: Ayman Nobani/dpa/picture alliance
طلب نيل العضوية الكاملة في الأمم المتحدة
في الثالث من أبريل/نيسان 2024 جددت السلطة الفلسطينية طلبها نيل "العضوية الكاملة" في الأمم المتحدة، وهو الطلب الذي كانت قد قدّمته السلطة في 2011. وتتمتّع فلسطين منذ نهاية 2012 بصفة "دولة مراقب غير عضو في الأمم المتّحدة". وترفض إسرائيل "حل الدولتين" وأي " اعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية ".