نددت وزيرة الخارجية الألمانية بشدة بهجوم معبر كرم أبو سالم الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة، والذي أوقع قتلى في صفوف الجيش الإسرائيلي. وتزامن الهجوم مع تضاؤل الآمال في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار خلال محادثات القاهرة.
إعلان
أدانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بشدة إطلاق حركة حماس صواريخ على معبر كرم أبو سالم الحدودي بين إسرائيل وقطاع غزة. وقالت بيربوك الاثنين (السادس من مايو/ أيار 2024)، خلال زيارتها لدولة فيجي الجزرية الواقعة في المحيط الهادئ: "قصف إحدى أهم نقاط الوصول للمساعدات الإنسانية يظهر مرة أخرى أن إرهابيي حماس لا يهتمون على الإطلاق بالإمدادات الإنسانية لسكان غزة"، مضيفة أن حماس أظهرت بذلك وجهها الحقيقي مرة أخرى ولم تكن أبدا قلقة بشأن المواطنين في غزة، وقالت: "الإرهابيون لا يهتمون على الإطلاق بمصير المواطنين في غزة".
ويذكر أنحركة حماس، وهي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
وشددت بيربوك على أن العكس ينطبق على ألمانيا، وقالت "منذ أشهر نبذل قصارى جهدنا للتخفيف من المعاناة الهائلة التي يعيشها الناس في غزة"، مضيفة أن الهجوم يوضح أيضا أنه كلما زادت المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة، كلما انكشف القناع عن حماس، مشيرة إلى أنها في الأشهر الأخيرة عملت بشكل مكثف لضمان إمكانية وصول المساعدات الإنسانية عبر معابر حدودية أخرى، وقالت: "نحن نبذل كل ما في وسعنا لضمان استمرار هذا الوضع وزيادة هذه المساعدات الإنسانية بشكل كبير للغاية ووصولها إلى غزة".
وشددت بيربوك على جهود بلادها في وقت تتهم فيه نيكاراغوا ألمانيا بما اعتبرته انتهاكاً لاتفاقية 1948 لمنع الإبادة الجماعية عبر تزويد إسرائيل بأسلحة تستخدمها في حربها مع حماس في غزة، وتقدمت نيكاراغوا بطلب أمام المحكمة الدولية بـ "اتخاذ إجراءات عاجلة"، إلا أن محكمة لاهاي رأت أن "الظروف ليست على النحو المطلوب لكي تمارس سلطتها بطلب إجراءات احترازية". ولم يبث بعد في جوهر الدعوى المرفوعة من قبل ماناغوا ما يمكن أن يستغرق أشهرا أو حتى سنوات.
الهجوم على معبر كرم أبو سالم
ويشار إلى أن ثلاثة جنود إسرائيليين قتلوا، في الهجوم على معبر كرم أبو سالم الحدودي جنوبي إسرائيل أمس الأحد. وبحسب الجيش الإسرائيلي، أصيب أحد عشر فردا آخرين من قوات الجيش بجروح. ووفقا للبيانات، أطلقت عشرة صواريخ من قطاع غزة باتجاه المعبر الحدودي.
وقال الجناح المسلح لحركة حماس إنه أطلق صواريخ على قاعدة للجيش الإسرائيلي قرب المعبر، لكنه لم يحدد المكان الذي أُطلقت منه القذائف. ونقلت وسائل إعلام تابعة لحماس عن مصدر مقرب من الحركة قوله إن المعبر التجاري لم يكن الهدف من الهجوم.
في المقأبل، أعلنت فرق إنقاذ ومسعفون ليل الأحد الإثنين عقب الهجوم، مقتل 16 شخصا من عائلتين في غارات إسرائيلية على مدينة رفح الجنوبية في قطاع غزة. وأكد الجيش الإسرائيلي وقوع الضربة المضادة، قائلا إنها أصابت المنصة التي أُطلقت منها قذائف حماس، إضافة إلى "مبنى عسكري" قريب.
ويعتبر كرم أبو سالم المعبر الحدودي الرئيسيلإيصال المساعدات من إسرائيل إلى قطاع غزة. وأغلق الجيش الإسرائيليالمعبر مؤقتا أمام المساعدات الإنسانية بعد الهجوم الصاروخي، مشيرا إلى أن باقي المعابر "مفتوحة".
معبر رفح.. "شريان الحياة" لسكان غزة ونافذتهم الضيقة نحو العالم
يمثل معبر رفح بين مصر وقطاع غزة المنفذ الوحيد لنحو مليوني فلسطيني على العالم الخارجي. نشأ المعبر في ظروف خاصة وتعرض للإغلاق كثيراً بسبب حروب وخلافات سياسية.. فما هي قصته؟
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
معبر رفح .. شريان حياة
لا يختفي اسم "معبر رفح" من وسائل الإعلام منذ بدء الاشتباكات بين حماس والجيش الإسرائيلي، إذ يُعد المنفذ الرئيسي الذي تدخل منه المساعدات المختلفة من غذاء ودواء ووقود وغيرها إلى قطاع غزة. كان المعبر حجر أساس في اتفاق الهدنة الأخير بين الطرفين حيث تم الاتفاق على عبور المئات من شاحنات المساعدات المختلفة يومياً إلى جانب خروج حملة الجنسيات الأجنبية والمرضى والمصابين الفلسطينيين من خلاله.
صورة من: Fatima Shbair/AP/picture alliance
نقطة الاتصال بالعالم الخارجي
في أقصى جنوب قطاع غزة، وعند صحراء سيناء في الجانب المصري، يُشكل معبر "رفح" البري المنفذ الرئيسي للقطاع إلى العالم. يوجد في غزة ستة معابر أخرى منها ايريز (حاجز بيت حانون) في الشمال وكرم أبو سالم جنوب شرق القطاع لكنها تقع جميعاً تحت السيطرة الإسرائيلية بالكامل. يبقى معبر رفح هو نقطة الاتصال الوحيدة بين قطاع غزة والعالم الخارجي.
صورة من: Mustafa Hassona/Anadolu/picture alliance
كيف نشأ المعبر؟
نشأ المعبر عقب توقيع مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979 وانسحاب إسرائيل من سيناء عام 1982. قبل عام 1967 لم تكن هناك حدود بين رفح المصرية والفلسطينية لكنهما فصلتا بعد تنفيذ الشق الخاص من ااتفاقية ترسيم الحدود. خُصص المعبر لعبور الأفراد فيما خصص معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل لعبور البضائع.
صورة من: BOB DAUGHERTY/AP/picture alliance
إدراة مشتركة وفق اتفاقية أوسلو
سمحت اتفاقية أوسلو لممثلي السلطة الفلسطينية بالتواجد في المعبر. لكن منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005 وإلى اليوم تغيرت ظروف المعبر عدة مرات وفقاً للتطورات الأمنية والعسكرية في القطاع. تم إغلاق المعبر مع انتفاضة عام 2000 وبعدها ظل ما بين الإغلاق والفتح، فيما شددت مصر إجراءات العبور من وقتها وحتى اليوم.
صورة من: Terje Bendiksby/NTB/picture alliance
من يتحكم في المعبر؟
سيطرت إسرائيل على المعبر خلال احتلالها للقطاع وحتى عام 2005 الذي انسحبت فيه من غزة. تم توقيع "اتفاقية الحركة والوصول" عام 2005 والتي جمعت بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية وبرعاية أمريكية، وهي الاتفاقية التي أقرت بأن يخضع المعبر للسيطرة الفلسطينية - الإسرائيلية برعاية أوروبية تراقب حق الجانب الفلسطيني في العبور والتبادل التجاري بما لا يمس الأمن الإسرائيلي.
صورة من: picture alliance / ASSOCIATED PRESS
ضرورات أمنية
عملت مصر وإسرائيل على تقييد الحركة من غزة وإليها منذ أن فرضت حركة حماس سيطرتها على القطاع في 2007 حين وصل الصراع بين حماس وحركة فتح إلى ذروته. تقول الدولتان إن ذلك ضروريا لأسباب أمنية. ورهنت مصر التعامل مع المعبر بموافقة كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية بالضفة الغربية. وخلال الحرب الأخيرة فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً على قطاع غزة في 9 أكتوبر/تشرين الأول.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
بين إغلاق وفتح المعبر
في عام 2010 قررت مصر فتح المعبر بشكل أكبر عقب ما عرف بواقعة "أسطول الحرية". ومع أحداث ثورة يناير/ كانون الثاني 2011، أمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر باقتصار فتح المعبر على الحالات الطارئة. لم يفتح المعبر بشكل كامل إلا مع ثورة 25 يناير لكن منذ عام 2013 عاد الوضع إلى ما كان عليه سابقاً. في عام 2017، فُتح المعبر أمام حركة الأفراد الحاصلين على تصريح أمني مع الخضوع لعمليات تفتيش صارمة.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
مخاوف مصرية
تكمن أكبر مخاوف مصر في أمرين؛ الأول هو حدوث تدفق هائل للاجئين الفلسطينيين الفارين من الحرب عبر معبر رفح. والثاني وهو الأخطر ويتمثل في احتمال دخول مسلحين إسلاميين إلى البلاد، خصوصاً وأن مصر تواجه جماعات إسلامية متشددة في سيناء وذلك على مدار أكثر من 10 سنوات. لذلك تولي مصر أهمية مشددة لتأمين معبر رفح.
صورة من: Hatem Ali/AP/picture alliance
تطبيق إجراءات مشددة
لا تسمح السلطات المصرية للفلسطينيين بمغادرة غزة بسهولة، إذ يجب على الفلسطينيين الراغبين باستخدام معبر رفح التسجيل لدى السلطات الفلسطينية المحلية قبل سفرهم بنحو شهر وقد يتم رفض طلبهم إما من قبل السلطات الفلسطينية أو المصرية دون إبداء الأسباب. وفيما يشكو فلسطينيون من سوء معاملة على المعبر، تُبقي إسرائيل سيطرتها كاملة على ما يمر عبر القطاع خوفاً من وصول أي مساعدات خاصة لحركة حماس.
صورة من: Mohammed Talatene/dpa/picture alliance
الأولوية للحالات الإنسانية
أعطيت الأولوية في الاتفاق الأخير بين حماس وإسرائيل لعبور المساعدات الإنسانية والحالات المرضية وخصوصاً الأطفال الخُدج (غير مكتملي النمو) حيث أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قراراً باستقبالهم في المستشفيات المصرية.
صورة من: Egypt's State Information Center/Xinhua/picture alliance
مخاوف من كارثة إنسانية
في مؤتمر صحفي كبير عقد في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حذر الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش من أمام بوابات المعبر في الجانب المصري من استمرار إغلاقه، منذراً بحدوث كارثة إنسانية إن لم تدخل المساعدات الإنسانية إلى غزة، وشدد على ضرورة ضمان عبور قوافل المساعدات بعدد كبير من الشاحنات كل يوم إلى قطاع غزة لتوفير الدعم الكافي لسكانه.
صورة من: picture alliance/dpa
القصف يعرقل انتظام عمل المعبر
خلال الحرب الأخيرة، أكدت مصر عدة مرات أن المعبر مفتوح من جانبها وأنه لم يتم إغلاقه منذ بدء الأزمة الراهنة، لكن تعرض مرافقه في الجانب الفلسطيني للدمار بسبب الغارات الإسرائيلية يحول دون انتظام عمله بشكل طبيعي، وفق ما ذكرت الخارجية المصرية. إعداد: عماد حسن.
صورة من: Russia Emergencies Ministry/dpa/picture alliance