فون دير لاين: السلام في سوريا يستلزم مفاوضات مع الأسد أيضاً
٢٢ أبريل ٢٠١٨
كشفت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين بأن هناك فرص متزايدة لتحقيق هدنة في الحرب الأهلية في سوريا بعد الضربات الجوية، معتبرة أن تحقيق السلام يتطلب إجراء مفاوضات مع جميع الأطراف بما فيهم نظام الأسد أيضاً.
إعلان
قالت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين إن الجيش الألماني كان قادراً على المشاركة في الضربة العسكرية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد الأسبوع الماضي.
وأضافت فون دير لاين في تصريحات خاصة لصحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية في عددها الصادر الأحد (22 نيسان/ أبريل 2018): "إننا قادرون أيضاً على ما قامت به بريطانيا جواً في هذه الحالة"، مضيفة بقولها: "لم يُطلب منا في هذه المرة".
وأعربت فون دير لاين عن اعتقادها بأن هناك فرص متزايدة لتحقيق هدنة في الحرب الأهلية في سوريا بعد الضربات الجوية، وقالت: "الضربات الجوية أدت إلى إعادة إحياء مبادرات سلام. الأمر الحاسم هو أن يتم إعادة إحياء مباحثات جنيف للسلام مع قبل جميع الأطراف مجدداً"، مؤكدة أن تحقيق ذلك يستلزم إجراء مفاوضات أيضاً مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد.
وأضافت وزيرة الدفاع الألمانية قائلة: "يتعين علينا الانتباه إلى أن لا تتهاوى سوريا تماماً"، مؤكدة ضرورة التحدث مع نظام بشار الأسد من أجل تحقيق خطوات أولى وهي وقف إطلاق النار ودخول مساعدات إنسانية.
وقالت الوزيرة الألمانية إن "الحصول على مقعد في مجلس الأمن يرتبط بمسؤولية خاصة وتوقعات من جانب المجتمع الدولي"، موضحة أن ذلك يبدأ من المساعدة الإنسانية وحتى الدعم العسكري. وتابعت قائلة: "يتعين على أي بلد ذات ثقل سياسي واقتصادي عالي الامتثال لهذه المسؤولية".
من جانب آخر، حث وزير الخارجية الألماني هايكو ماس يوم السبت روسيا على المساعدة في حل الأزمة السورية وذلك لدى مغادرته لحضور اجتماع وزراء خارجية مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى في تورونتو.
وأبلغ ماس الصحفيين قبل مغادرته قائلاً "نحن بحاجة إلى إسهامات بناءة من روسيا من أجل التوصل إلى حل سلمي" مضيفاً أن الأمر ذاته ينطبق على الصراع الأوكراني الذي من المقرر أن يناقشه وزراء خارجية مجموعة السبع.
في غضون ذلك، اختتم أعضاء مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش اليوم الأحد اجتماع عمل غير رسمي لمدة يومين في السويد، واتفقوا على الحاجة إلى "إعادة وتعزيز الحوار" على المستوى الداخلي وبشأن سوريا. وفي بيان، قال سفير بيرو لدى الأمم المتحدة، غوستافو ميزا كوادرا، الرئيس الحالي لمجلس الأمن إن "هناك حاجة لتنشيط العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة".
ويشهد المجلس انقساماً حاداً بشأن الحرب الأهلية السورية، وكان آخره، بشأن كيفية الرد على هجوم كيميائي مزعوم على بلدة دوما القريبة من العاصمة دمشق في السابع من نيسان/ أبريل الجاري. وأخفق أعضاء المجلس مراراً في الاتفاق على كيفية الرد على الهجوم.
وبعد جلسة لهم مطلع الأسبوع، اتفق سفراء المجلس أيضاً على "تكثيف الجهود" فيما يتعلق بالوضع الإنساني في سوريا، وتعهدوا بإنشاء "آلية مستقلة ونزيهة لتحديد الجهة" بشأن الأسلحة الكيميائية.
وأُقيم اللقاء في منتجع باكاكرا، وهو المقر الصيفي الذي جرى تجديده حديثاً ويخص الأمين العام الراحل للأمم المتحدة داج هامرشولد. وحضر مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا جلسة اليوم الأحد، التي ساهمت في تسليط الضوء على حس المجلس بالمسؤولية، حسبما قال سفير السويد لدى الأمم المتحدة أولوف سكوج للصحفيين بمطار مالمو وهو في طريقه إلى نيويورك.
ح.ع.ح/ع.غ(د.ب.أ/رويترز)
محطات في الدور الألماني خلال الأزمة السورية
إلى جانب الدور الإنساني، لعبت ألمانيا أدوارا أمنية وسياسية في الأزمة السورية. وعلى مدى سبع سنوات، لم تتخلف برلين عن تسجيل حضورها في ملفات الأزمة داعية دائماً إلى وقف الحرب و"الجرائم ضد الإنسانية" في سوريا.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
منفذ اللاجئين
منذ بداية الأزمة في سوريا سنة 2011، يبحث السوريون عن منافذ لمغادرة بلدهم نحو بلدان أكثر أمانا. وكانت ألمانيا واحدة من المنافذ التي فتحت الباب أمامهم منذ 2015، كما أتاحت لهم فرصة النفاذ من ويلات الحرب حتى صار عدد السوريين من غير الحاملين للجنسية الألمانية، عام 2017، يقدر بحوالي 699 ألف شخص، في ألمانيا، أي ثالث أكبر جالية أجنبية في البلاد، حسب ما أفاد "مكتب الإحصاء الاتحادي".
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Pförtner
"ماما ميركل" محبوبة اللاجئين السوريين
لعبت قرارات ميركل في ملف اللاجئين دورا رياديا. وكان قرارها الشهير عام 2015، بفتح الحدود الألمانية أمام اللاجئين السوريين خاصة وقد وصلوا أوروبا عبر البحر المتوسط، محط أنظار العالم بأسره، إذ لم تقف عند "اتفاقية دبلن" و"فضاء شينغن" والهدنة مع دول أوروبا الشرقية. وتمسكت بشعارها "نستطيع أن ننجز ذلك"، في إشارة منها إلى تفاؤلها بالتغلب على أزمة اللاجئين. قرارات ميركل جعلتها تُنعت بـ"ماما ميركل".
صورة من: Reuters/F. Bensch
إدماج وإندماج
تعمل ألمانيا بشكل مكثف على إدماج اللاجئين في الحياة العامة. وتخصص ميزانيات مهمة من أجل تعليم اللغة وتوفير دورات للاندماج ، فضلا عن دورات التأهيل للعمل لصالح اللاجئين. علاوة على ذلك، يحظى الأطفال باهتمام خاص، إذ يذهبون، بعد وصولهم بفترة بسيطة إلى ألمانيا، إلى المدارس أو إلى دور الحضانة وذلك بهدف الانفتاح على العالم الجديد والتأقلم معه.
صورة من: picture-alliance/W. Rothermel
إنقاذ وتطبيب ومليارات اليورو للدعم
قدمت ألمانيا مساعدات كثيرة للسورين خلال الحرب. فبالإضافة إلى التطبيب، رصدت عام (2017) للمساعدات الإنسانية في سوريا 720 مليون يورو. فضلا عن 2.2 مليار يورو، قدمتها لسوريا منذ بداية الحرب الأهلية هناك في عام 2012، وكان وزير الخارجية الألمانية زيغمار غابرييل، قد تعهد بعشرة ملايين يورو إضافية للمساعدات المقدمة لسوريا في ظل الوضع المأساوي في الغوطة الشرقية.
صورة من: Ärzte ohne Grenzen
مساعدات إنسانية في الداخل والخارج
لا تنحصر المساعدات الإنسانية الألمانية على المحتاجين اليها في سوريا فحسب، بل تشملهم في ألمانيا أيضا، حيث تتظافر جهود الدولة والمجتمع المدني لمد اللاجئين بالمعونة الضرورية، خاصة في الأيام الأولى من التحاقهم. وتعتبر موائد "تافل" من بين الجهات التي يتوجه إليها اللاجئون بهدف الحصول على الطعام.
صورة من: DW/B. Knight
حضور ألماني أنساني حتى في مخيمات اللجوء عبر العالم
تقديم ألمانيا لمساعداتها الإنسانية لصالح اللاجئين لا يقتصر على سوريا أو ألمانيا، وإنما يتجاوزه وصولاً الى مخيمات اللاجئين في الأردن ولبنان، مثلا. وقد مولت الحكومة الألمانية مشاريع مهمة في المخيمات، كمشروع الكهرباء الذي استفاد منه مخيم الزعتري والذي بلغت طاقته 12.9 ميغاوات. وبالإضافة إلى توفير الكهرباء، فقد أتاحت المحطة بيئة أكثر أماناً للأطفال والبالغين في هذا المخيم.
صورة من: picture-alliance/dpa/B.v. Jutrczenka
إنقاذ من الجوع والعطش
عانى الدمشقيون من ندرة المياه وانقطاعها المتواصل بسبب الحرب واستمرار المعارك، خاصة في منطقة وادي بردى، قرب دمشق. وكانت الحكومة الألمانية أول من بادر لحل هذا المشكل، إذ قالت وزارة الخارجية الألمانية، في يناير/ كانون الثاني 2017، إن دبلوماسيين ألمانا ساعدوا في التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة السورية وقوات المعارضة في وادي بردى، بهدف إعادة إمدادات المياه إلى دمشق.
صورة من: picture-alliance/dpa/Y. Badawi
محاربة داعش
شارك الجيش الألماني في الحملة العسكرية الدولية ضد تنظيم داعش في سوريا. وقد شارك في العملية ما يناهز 1200 جندي ألماني. المهمة العسكرية الألمانية في سوريا، شملت عناصر المشاة، إضافة إلى طائرات استطلاع من نوع "تورنادو" وطائرة للتزود بالوقود وسفينة حربية لدعم حاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" في البحر المتوسط، فضلا عن عمليات استطلاعية عبرالأقمار الصناعية.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive/USAF
اتفاق مع تركيا ساهم في إنقاذ أرواح آلاف من طالبي اللجوء
في بدايات عام 2016، وقع الاتحاد الأوربي وأنقرة اتفاقية للحد من تدفق اللاجئين من السواحل التركية إلى أراضي الاتحاد. هذا الاتفاق الذي تعرض لانتقادات، وتبعه توتر كبير بين الطرفين التركي والأوروبي، كانت ألمانيا من بين مناصريه. فقد اعتبرته اتفاقا ناجحا ما دام قد حقق هدفه، و"ساهم في مكافحة أعمال التهريب المميتة للاجئين عبر بحر إيجة بشكل فعال"، حسب تصريح المتحدث باسم الحكومة الألمانية.
صورة من: Reuters/Yves Herman
محاربة الأسلحة الكيماوية
لعبت ألمانيا دورا بارزا في محاربة الأسلحة الكيماوية في سوريا، وكانت المستشارة الألمانية انغيلا ميركل، قد أعلنت دعمها للضربة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا على أهداف منتخبة في سوريا يوم 14 أبريل/ نيسان2018، كما رأتها "ضرورية وملائمة للحفاظ على فعالية الحظر الدولي لاستخدام الأسلحة الكيماوية ولتحذير النظام السوري من ارتكاب انتهاكات أخرى".
صورة من: picture alliance/AP Photo/H. Ammar
ألمانيا وسيط محايد محتمل و"رسول سلام"
تساءل البعض عن سبب عدم مشاركة ألمانيا في الضربة العسكرية على النظام السوري، فيما أعتبر آخرون إمكانية لعب ألمانيا دور الوسيط المحايد للبحث عن حل للنزاع. وتشير معطيات إلى إمكانية تأثير ألمانيا في إيجاد حل للأزمة السورية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية الألمانية هايكو ماس، الذي أكد أن الصراع السوري بحاجة إلى حل يتم التوصل إليه عبر التفاوض وتشارك فيه كل القوى في المنطقة. مريم مرغيش.