ألمانيا- فيزر تعتزم مواصلة النهج المتشدد ضد "أعداء الدولة"
١٧ ديسمبر ٢٠٢٢
عقب مداهمات لـ"مواطني الرايخ"، قالت وزيرة داخلية ألمانيا إن ملاحقة "المجتمعات الموازية" في بلادها لن تتوقف وإن هؤلاء يزدرون الديمقراطية الألمانية ويتمسكون بنظريات المؤامرة، وأكدت على ضرورة نزع السلاح من أيدي المتطرفين.
إعلان
بعد مداهمات واسعة النطاق ضد شبكة "مواطني الرايخ"، تعتزم وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر مواصلة "النهج المتشدد ضد أعداء الدولة".
وقالت الوزيرة في تصريحات لصحيفة "فيلت آم زونتاغ" الألمانية، تنشرها غداً الأحد (18/12م2022)، إنها على يقين من أن السلطات ستعثر على المزيد منهم، وأضافت: "نعلم أن هناك الآن مجتمعات موازية - حتى في الأوساط التي يفترض أنها برجوازية ومزدهرة - تضم أفراداً أصبحوا متطرفين في ازدرائهم لديمقراطيتنا ويتمسكون بإيديولوجيات المؤامرة وأوهام التخريب ولا يتورعون عن العنف - ونراقبهم عن كثب".
وكان مكتب المدعي العام الاتحادي أمر يوم الأربعاء قبل الماضي باعتقال 25 مشتبهاً بهم من "مواطني الرايخ".
وتتهم السلطات 22 منهم بالانتماء إلى تنظيم إرهابي يريد قلب النظام السياسي. وبحسب البيانات، فإن المتآمرين أرادوا تشكيل 286 "سرية أمن داخلي" لتقوم أيضاً بعمليات اعتقال وإعدام بعد الانقلاب.
ويقوم المدعي العام الاتحادي والمكتب الاتحادي للشرطة الجنائية بالتحقيق مع 54 مشتبهاً بهم. وحتى الآن، تمت مصادرة حوالي 400 ألف يورو و 50 كيلوغراماً من العملات الذهبية والفضية.
واتهمت الوزيرة حزب البديل من أجل ألمانيا بـ "القرب الروحي" من الوسط المحيط بـ"مواطني الرايخ"، وقالت إن هذا التقارب بدا واضحا بشكل خاص في "الطريقة التي يحاول بها حزب البديل من أجل ألمانيا السخرية من تحقيقات المدعي العام الاتحادي"، وتابعت قائلة إنها "لن تتفاجأ إذا كشفت التحقيقات عن المزيد من الصلات بينهما".
يذكر أنه خلال المداهمة التي جرت في 7 ديسمبر / كانون الأول وألقي فيها القبض على 25 شخصاً، تم أيضاً اعتقال النائبة البرلمانية السابقة عن " حزب البديل من أجل ألمانيا" بيرجيت مالساك-فينكمان.
ودعت فيزر (المنتمية للحزب الاشتراكي الديمقراطي) مجدداً إلى تشديد قوانين الأسلحة، وقالت: "علينا نزع السلاح من المتطرفين بكل حسم"، مضيفة أنه عندما يُلفت شخص ما انتباه الشرطة قبل ارتكاب الجريمة - مثل منفذ هجوم هاناو - يجب التحقق مما إذا كان هذا الشخص لديه سلاح أم لا، مؤكدة ضرورة التحقق أيضاً بشكل دوري من الأشخاص الذين بحوزتهم رخصة حمل سلاح.
وأضافت أنه "إذا كانت هناك نتائج تشير إلى أن شخصاً ما يعاني من مرض عقلي وخطير"، فلا ينبغي أن يحصل الشخص المعني "على رخصة حمل السلاح ويجب سحب الأسلحة منه"، وقالت إن "ما نريد أيضاً حظره هو الأسلحة نصف الآلية التي تشبه أسلحة الحرب .. لا ينبغي لأحد أن يمتلك هذه الأسلحة بشكل خاص".
تشديد الإجراءات الأمنية في البرلمان الألماني
من ناحيتها توقع رئيسة البرلمان الألماني ، بيربل باس، تشديد الإجراءات الأمنية في البرلمان (بوندستاغ) في أعقاب حملة المداهمات الواسعة ضد شبكة "مواطني الرايخ". وقالت باس في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في برلين: "لا أريد الخوض في تفاصيل الآن، لكني أفترض أننا سنشدد النظام داخل مبنى البرلمان وقواعد الدخول والسلوك مجددا". وفي الوقت نفسه، أكدت باس ضمان سلامة نواب البرلمان وموظفيه، وقالت: "لا داع هنا للشعور بالقلق. سلامة البرلمان مضمونة في كل الأوقات، وأنا أولي اهتماما كبيرا لذلك".
ع.ح./ع.ج.م. (ا ف ب، د ب ا، ايه بي دي)
"مواطنو الرايخ".. متطرفون ألمان يخططون لإسقاط الدولة
يُعرف عن أعضاء حركة "مواطني الرايخ" التطرف اليميني والعنف وعدم الاعتراف بجمهورية ألمانيا الاتحادية التي تأسست بعد انهيار النازية. فما هي هذه الحركة؟ وما الخطر الذي تشكله؟ وكيف تتعامل معهم ألمانيا؟
صورة من: picture-alliance/chromorange/C. Ohde
ماذا يعتقد أعضاء الحركة؟
ترفض حركة "مواطني الرايخ" وجود شيء اسمه الدولة الألمانية الحديثة، ويصرّ أعضاء الحركة على أن الامبراطورية الألمانية لا تزال قائمة بحدود 1937 أو حتى بحدود 1871. تقول الحركة إن ألمانيا حاليا لا تزال محتلة من لدن القوى الأجنبية، وأن البرلمان والحكومة وكذلك السلطات الأمنية، ليست سوى دمى متحكم فيها من تلك القوى.
صورة من: picture-alliance/SULUPRESS/MV
فولفغانغ إبل.. أول "مواطني الرايخ"
فولفغانغ إبل من برلين الغربية هو أول من قال باستمرار وجود "دولة الرايخ". عمل إبل في خدمة القطارات المحلية ببرلين التي أدارتها آنذاك حكومة ألمانيا الشرقية تحت اسم "دويتشه رايشسبان". وعند تسريحه من وظيفته عام 1980، زعم بأنه كان موظفا حكوميا بالفعل في "دولة الرايخ" ولا يمكن إقالته من قبل مؤسسة قامت بعد الحرب. لكنه خسر كل الدعاوى القضائية التي رفعها ليتبنى بعد ذلك نظريات متطرفة وعنصرية.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Ebener
ماذا يفعل أعضاؤها؟
يرفض المنتسبون للحركة أداء الضرائب أو الغرامات. يعتبرون أن كل ما يجنونه مالهم الخاص وأن ممتلكاتهم كالمنازل هي أمور بعيدة تماما عن أيّ تنظيم أو إشراف من سلطات الدولة. يرفض أعضاؤها كذلك الإقرار بالدستور الألماني وبقية القوانين الموجودة في البلد، لكنهم في الآن ذاته يرفعون عدة دعاوى قضائية! يقومون بإعداد أوراقهم الخاصة غير المعترف بها كجوازات السفر ورخص القيادة.
صورة من: picture-alliance/Bildagentur-online/Ohde
كيف تطوّرت الحركة؟
بدأت الحركة سنوات الثمانينيات، لكن ما بدا أنه مجموعة ضعيفة دون قيادة، تطوّر إلى حركة من حوالي 19 ألف منتسب بحسب ما تؤكده الاستخبارات الألمانية. حوالي 950 من أعضائها تم تصنيفهم متطرفين من أقصى اليمين. على الأقل ألف عضو في الحركة يملكون رخص حيازة السلاح، وعدد كبير منهم يتبنون إيديولوجيات معادية للسامية وللأجانب.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Weihrauch
ما هي سمات أعضائها؟
يبلغ معدل أعمار أعضاء المجموعة 50 عاما. الرجال هم الجنس الأكثر حضورا داخلها. كما تجذب أشخاصًا يعانون من مشاكل مالية واجتماعية. يترّكز أعضاؤها بشكل أكبر في جنوبي وكذلك شرقي البلاد. من أشهر أسمائها، أدريان أرساخي، متوج سابق بلقب أكثر رجال ألمانيا وسامة. يقضي حاليا عقوبة بسبع سنوات، منذ الحكم عليه عام 2019 بعد إطلاقه النار وتسبّبه بجروح لرجل شرطة.
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
المنعطف الخطير
تُعتبر قضية فولفغانغ ب. ، الذي حُكم عليه بالسجن مدى الحياة عام 2017 بعد إدانته بقتل ضابط شرطة، هي المنعطف الذي دفع السلطات الألمانية إلى التعامل بشكل أكثر جدية مع متطرّفي هذه المجموعة. قام هذا المُدان بإطلاق النار على ضباط كانوا يفتشّون منزله بحثًا عن إمكانية حيازته أسلحة نارية. أحدثت الجريمة ضجة كبيرة وجذبت أنظار العالم كما طرقت ناقوس الخطر حول العنف اليميني المتطرف في ألمانيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
جهود متأخرة
يتهم متتبعون ألمانيا بأنها لم تأخذ لمدة طويلة التهديد الذي تمثله هذه المنظمة على محمل الجد، ففي 2017 فقط بدأت الأجهزة الأمنية الألمانية لأول مرة بتوثيق الجرائم ذات الخلفية المتطرفة بين المجموعة. منذ ذلك الحين، تكرّرت المداهمات الأمنية لأهداف الحركة، كما قامت السلطات بحظر العديد من أنشطتها وفروعها. كذلك حقق جهازا الشرطة والجيش داخلياً لمعرفة إذا ما وُجد أعضاء أو متعاطفون مع الحركة بين صفوفهما.
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Zinken
"إخوة" عبر العالم
رغم إعلان تشبثها بـ"الامبراطورية الألمانية"، إلّا أن عددا من أعضائها ظهروا مع العلم الروسي، ما قوّى اتهامات للحركة بأنها مدعومة من روسيا لأهداف تضرّ بالسلطات الألمانية. هناك تشابه بين "مواطني الرايخ" والحركة الأمريكية "حرية على الأرض" التي يؤمن أعضاؤها أنهم لا يحترمون إلّا القوانين التي تناسبهم بها وبالتالي فهم مستقلون عن الحكومة وقوانينها.
صورة من: DW/D. Vachedin
الأمير هاينريش الثالث عشر.. قائد المؤامرة
تزعم الأمير هاينريش الثالث عشر مجموعة "مواطني الرايخ" المتهمة بتدبير مؤامرة الانقلاب التي كشفت عنها السلطات مؤخرا. كان هاينريش قد خسر كل القضايا التي رفعها لاستعادة ممتلكات تعود لحقبة القيصر. وزعم بعد ذلك أن جمهورية ألمانيا الاتحادية قامت على أسس غير صحيحة، مرددا عبارات معادية للسامية وروج لإحياء الإمبراطورية وزعم أنه جرى تفكيكها ضد رغبة الشعب. إعداد: سامانثا إيرلي، رينا غولدينبرغ (ترجمة إ.ع/ م.ع)