استقالة وزير الدفاع الأمريكي بعد قرار الانسحاب من سوريا
٢١ ديسمبر ٢٠١٨
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن وزير الدفاع جيم ماتيس سيتقاعد، وذلك بعد أشهر من الشائعات التي تفيد بأنه يفقد تأثيره على الرئيس. وجاءت استقالة ماتيس بعد يوم واحد من إعلان ترامب قرار سحب قوات بلاده من سوريا.
إعلان
أعلن وزير الدفاع الأمريكي جيم ماتيس فجأة استقالته أمس (الخميس 20 ديسمبر/ كانون الأول 2018) إثر اختلافه مع الرئيس دونالد ترامب في السياسات الخارجية، وذلك بعد يوم واحد من قرار ترامب سحب قواته بالكامل من سوريا.
وأعلن ماتيس عن اعتزامه الاستقالة في خطاب صريح لترامب تحدث فيه عن تزايد الشقاق بينهما وينتقد ضمنا عدم اكتراث ترامب بأقرب حلفاء أمريكا. وأذاع ماتيس فحوى الخطاب بعد اجتماع مباشر مع ترامب تحدث فيه الاثنان عن اختلاف الرؤى بينهما حسبما ذكر مسؤول كبير بالبيت الأبيض.
وكتب ماتيس في الخطاب "ولأنه من حقكم أن يكون لديكم وزير دفاع له رؤى أكثر تقاربا مع رؤاكم في هذه الموضوعات وغيرها، فأعتقد أن من المناسب لي التنحي عن منصبي". وقال مسؤولون أمريكيون إن الاستقالة لم تكن بإملاء من ترامب.
وكان ترامب قد أعلن يوم الأربعاء أنه سيسحب قواته من سوريا، في قرار يمثل تحولا في السياسة الأمريكية بالمنطقة. ويوم الخميس، قال مسؤولون إنه يبحث إصدار أمر بسحب أعداد كبيرة من القوات الأمريكية من الحرب الدائرة منذ 17 عاما في أفغانستان، وهو ما يمثل تحديا جديدا لماتيس.
وماتيس جنرال متقاعد من مشاة البحرية وضعه إيمانه بأهمية حلف شمال الأطلسي وتحالفات أمريكا التقليدية في خلاف دائم مع ترامب. وقد نصح الرئيس بعدم الانسحاب من سوريا، وهو ما قال أحد المسؤولين إنه كان من العوامل التي ساهمت في استقالته.
ومن المؤكد أن يحدث خبر الاستقالة صدمة بين حلفاء الولايات المتحدة العسكريين الذين أربكهم بالفعل نهج ترامب إزاء الأمن العالمي والذي يصفونه بأنه يصعب التكهن به ويسير في خط منفرد. كما أن الخطوة تثير تساؤلات عن مدى التزام خليفة ماتيس بالمعاهدات الدولية بما فيها تلك المتعلقة بحلف شمال الأطلسي.
وأشار خطاب ماتيس إلى اختلافه مع سياسات ترامب معبرا عن قناعته بضرورة أن تحافظ الولايات المتحدة على تحالفاتها القوية وتظهر احترامها للحلفاء.
وكان ترامب قد انسحب من عدد من الاتفاقيات الدولية منذ تولى منصبه في يناير كانون الثاني 2017. وأعلن ترامب في تغريدة على تويتر ترك ماتيس للمنصب وقال إنه سيرشح وزيرا جديدا قريبا.
وقال "سيتقاعد الجنرال جيم ماتيس في نهاية فبراير بعد أن خدم في إدارتي وزيرا للدفاع على مدى العامين الماضيين". ومن المرشحين المحتملين لتولي المنصب السناتور الجمهوري توم كوتون الذي يعتبر منذ فترة طويلة من أبرز المرشحين لتولي حقيبة الدفاع.
هذا وأعرب مسؤولون أمريكيون عن قلقهم تجاه المسار الذي تنتهجه الولايات المتحدة، بعد الاستقالة المفاجئة لوزير الدفاع جيم ماتيس. وقال السيناتور الجمهوري الأمريكي البارز ماركو روبيو، مساء الخميس، إن الولايات المتحدة تتجه نحو سلسلة من الأخطاء السياسية الخطيرة. جاء ذلك في تغريدة علق فيها روبيو، وهو من أشد منتقدي قرار الرئيس دونالد ترامب بانسحاب بلاده من سوريا، على استقالة وزير الدفاع جيم ماتيس.
أطراف عسكرية متعددة في سوريا.. من هي وما أهدافها؟
تميزت الحرب في سوريا بديناميكية سريعة جداً وكثرة اللاعبين فيها، إن بشكل مباشر أو من وراء الكواليس. ماذا ربح أو خسر أهم الفاعلين العسكرييين بعد قرابة سبع سنوات من الصراع الدامي الذي دخلت فيه جماعات إرهابية على الخط؟
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/A. Al-Bushy
جيش الأسد
خسر الجيش السوري الكثير من مواقعه وقُتل أو انشق الآلاف من جنوده. اليوم تتواجد جيوش وميليشيات تابعة لأكثر من ثمان دول على التراب السوري. بيّد أن جيش الأسد استفاد من الدعمين الروسي والإيراني في استعادة مناطق استراتيجية كان قد خسرها سابقاً كحلب وحمص ودير الزور، مما حدا بعدة أطراف كانت تشترط رحيل الأسد قبل الشروع بأي مفاوضات إلى البدء في تغيير مواقفها.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Syrian Presidency
المقاتلون الأكراد
كسب الأكراد الكثير في السنتين المنصرمتين، وبدأ صوتهم بالارتفاع ونفوذهم بالتزايد، إذ سيطروا على مناطق غنية بالنفط في شمال شرق البلاد. كما يشكّلون ركيزة "قوات سوريا الديمقراطية" التي حرّرت الرقة بدعم التحالف الدولي، فضلاً عن إقامتهم "إدارة ذاتية" في مناطق سيطرتهم. بيدَ أن عملية غصن الزيتون التي أطلقها الجيش التركي في عفرين ضد المقاتلين الأكراد، أدت إلى خسارتهم عدة مساحات، فضلاً عن مقتل المئات بينهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Ronahi TV
المعارضة المسلّحة
ظهرت المعارضة المسلّحة السورية في البداية بديلاً محتملاً لنظام الأسد، إذ سيطرت على مساحة شاسعة من سوريا. غير أنها خسرت لاحقا الكثير منها. تعاني المعارضة من التشتت في المواقف الإيديولوجية، فضلاً عن تعدّد الداعمين وتنوّع أهدافهم. مما حدا بالبعض لإطلاق كلمة "معارضات" سورية عليها، كما تعرضت لضربة كبيرة بعد دخول التنظيمات الإرهابية كـ"داعش" و"النصرة" على الخط واستيلائها أراضٍ كانت تحت سيطرتها.
صورة من: picture alliance/AA/A. Huseyin
الجيش الروسي
قبل أكثر من سنتين بدأ التدخل الجوي الروسي في سوريا. اليوم يتواجد آلاف الجنود الروس في أكثر من قاعدة عسكرية في سوريا، أهمها "قاعدة حميميم". سياسياً استطاعت موسكو فرض نفسها كلاعب سياسي أساسي في المشهد السوري لصالح نظام الأسد؛ فهي عرابة "محادثات أستانا" و"مؤتمر سوتشي" و"مناطق خفض التصعيد" مع كل من تركيا وإيران. كما تدعم تياراً في المعارضة يُدعى "منصة موسكو".
صورة من: picture-alliance/AP Photo/P. Golovkin
الجيش الأمريكي
تعوّدت واشنطن على تحقيق سريع لرهاناتها العسكرية في الشرق الأوسط كما حدث في العراق وأفغانستان، لكن لم يتكرر الأمر في سوريا؛ فالتحالف الذي قادته ضد "داعش" تأخر كثيراً في تحقيق أهدافه، كما أن تسليحها للمقاتلين الأكراد كان من أسباب توتر علاقتها بأنقرة. الرؤية الأمريكية لمستقبل دورها في سوريا غير واضحة، بيّد أن واشنطن ربحت على الأقل قواعد عسكرية لها داخل البلد..
صورة من: picture alliance/AP Images/M. Rourke
القوات الإيرانية
لم تتخلّ إيران عن حليفها الأسد في سوريا طوال سنوات الحرب، وأبدت تصميماً كبيراً على بقاء النظام، موفرة دعماً عسكرياً ومالياً وغيرها من أشكال الدعم، كما تتوّفر على ميليشيات مسلحة داخل البلد، يقودها قاسم سليماني ممّا أثر بشكل كبير في تطورات الحرب. ويبدو أن طهران حصدت ثمار جهودها، فنفوذها تعاظم داخل سوريا بشكل أثار حفيظة خصومها في المنطقة، خاصة تل أبيب والسعودية.
صورة من: picture alliance / AA
الجيش التركي
دعّم أردوغان المعارضة السورية كثيراً، لكن تداعيات الحرب أرهقت نظامه، إذ لم تتحقق رهاناته في سقوط بشار الأسد، كما عانت تركيا من هجمات نفذها "داعش" بترابها. غير أن القوات التركية تدخلت مؤخراً بقوة في شمال سوريا في إطار عملية "غصن الزيتون" الهادفة لقصم ظهر المقاتلين الأكراد، واستفاد أردوغان في العملية من قلق دولي لم يكن كافياً لثنيه عن الاستمرار، ضامناً بذلك توسيع مناطق تسيطر عليها أنقرة داخل سوريا.
صورة من: Getty Images
حزب الله
أحد أقوى الأطراف الشيعية في سوريا، قدم دعماً غير محدود للنظام السوري وشارك مبكراً في الحرب الدائرة منذ سنوات. أثر تدخل حزب الله العسكري لصالح الأسد سلباً على صورته في العالمين العربي والإسلامي. في المقابل، ساهم في الحفاظ على تحالفٍ استراتيجي مع طهران ودمشق وبشكل أقل موسكو، ممّا أكسبه نفوذاً جغرافياً في سوريا، خاصة مع سيطرته على المناطق الحدودية بين سوريا ولبنان.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/H. Malla
القوات الفرنسية
دخلت فرنسا في الأزمة السورية بقوة عبر تحرك ديبلوماسي ضد النظام السوري وعسكري ضد "داعش"، لكنها لم تحصد ثماراً كثيرة، فمواقفها ضد الأسد تبدو جد متذبذة، كما أن ضرباتها العسكرية لم تنجح، ليس فقط في إنهاء "داعش"، بل حتى في تجنب هجماته الإرهابية التي تعدّ فرنسا أكثر المتضررين منها خارج الشرق الأوسط، فضلا عن أنها لم تؤثر كثيرا في إنقاذ الوضع الإنساني داخل سوريا رغم ما تعلنه من جهود في ذلك.
صورة من: Reuters/C. Hartmann
جماعات إرهابية تدخل على الخط
وضع التحالف الدولي الجماعاتَ الإرهابية كهدف رئيسي في استراتيجيته العسكرية بسوريا، وتكبد "داعش" هزائم كبيرة في سوريا كما في العراق، ولاسيما في الرقة (عاصمة "خلافته" المزعومة) لكن خطره لم ينتهِ بعد. كما تراجعت جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا) التي فكت ارتباطها مؤخرا بتنظيم القاعدة، لكنها لا تزال في إدلب وقامت مؤخرا بإسقاط مقاتلة روسية، ممّا جعل موسكو أن هدفها حاليا هو القضاء على هذه الجبهة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo
10 صورة1 | 10
وقال روبيو إن خطاب استقالة ماتيس "أوضح بجلاء أننا نتجه نحو سلسلة من الأخطاء السياسية الخطيرة التي ستعرض بلادنا للخطر، وتضر تحالفاتنا وتمكن أعداءنا". وأضاف "أتمنى أن نستطيع نحن الذين أيدوا مبادرات هذه الإدارة خلال العامين الماضيين إقناع الرئيس بأن يختار مسارا مختلفا".
ومن جانبه، قال السيناتور الجمهوري ليندسي جراهام ، وهو حليف لترامب، إنه تلقى نبأ استقالة ماتيس بـ "حزن شديد". وقال جراهام في بيان "الجنرال ماتيس هو مزيج بين رجاحة العقل والنزاهة، وانخرط في مكافحة الإسلام الراديكالي منذ عقود وقدم نصائح عسكرية سليمة وأخلاقية للرئيس ترامب". وفي السياق، قالت نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب، إن ماتيس كان بمثابة "راحة" لأولئك المهتمين بسياسة إدارة ترامب. وأضافت في تغريدة عبر تويتر "علينا جميعا أن نشعر بالقلق في هذا الوقت."