وزير الصحة الألماني: التطعيم الإلزامي لن يدرأ الخطر الراهن
٢٣ نوفمبر ٢٠٢١
في ضوء الجدل المحتدم بألمانيا بشأن إلزامية التطعيم، قال وزير الصحة الألماني ينس شبان إن التطعيم الإجباري العام لن يكسر الموجة الحالية المميتة من وباء كورونا، فيما تخشى غالبية سكان ألمانيا من إغلاق جديد.
إعلان
أعرب ينس شبان، وزير الصحة في حكومة تسيير الأعمال في ألمانيا، عن اعتقاده بأن النقاش الدائر حول تطبيق التطعيم الإجباري العام ضد كورونا لن يؤدي في الوقت الراهن إلى الهدف المنشود منه وكسر الموجة الحالية للوباء.
وفي تصريحات لمحطة إذاعة "دويتشلاند فونك"، قال الوزير الذي ينتمي إلى حزب المستشارة أنغيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، اليوم الثلاثاء (23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021) إن هذا النقاش " لن يحل مشكلتنا الخطيرة الراهنة".
وأضاف شبان: "لن نكسر هذه الموجة عن طريق ذتطعيم إلزامي سيأتي تأثيره بعد فوات الآوان. يجب علينا أن نقلل المخالطات الآن وأن نتحرك على نحو حاسم على مستوى الدولة. ولهذا السبب لست أدري إن كانت كل هذه القوة التي لدينا في هذا النقاش مركزة على نحو صحيح في اللحظة الراهنة".
يُذكر أن العديد من حكام الولايات الألمانية أعربوا مؤخراً عن تأييدهم لتطبيق مثل هذا التطعيم الإجباري. غير أن شبان أبدى تشككه حيال هذه الخطوة. وقال شبان إن التطعيم الإجباري لا يمثل قضية قانونية، فحسب بل إنه يمثل أيضاً قضية العلاقة بين الدولة والمواطن، " فهي قضية حرية ومسؤولية"، مشيراً إلى أن هناك بالإضافة إلى ذلك أسئلة مفتوحة تتعلق بكيفية تنفيذ هذه الخطوة. وفي الوقت نفسه، شدد شبان على أن مسألة أخذ التطعيم تمثل مسؤولية أخلاقية ومجتمعية، حسب اعتقاده.
تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا سجلت رقماً قياسياً جديداً لعدد الإصابات بفيروس كورونا الثلاثاء، حيث سجل معهد روبرت كوخ لمكافحة الأمراض معدل إصابة لمدة سبعة أيام بلغ 399.8 إصابة جديدة بالفيروس لكل 100 ألف شخص. ويمثل ذلك زيادة مقارنة بمعدل الإصابة الذي بلغ 386.5 إصابة يوم أمس الاثنين و312.4 إصابة في اليوم السابق.
وفي تطور جديد، حذرت وزارة الخارجية الأمريكية من السفر إلى ألمانيا بسبب الانتشار الهائل الحالي لفيروس كورونا. وارتبطت نصيحة وزارة الخارجية الأمريكية من المستوى الرابع ذات الصلة بـ "عدم السفر" بتقييم جديد للوضع من قبل المراكز الأمريكية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها.
تشديد الإجراءات
كما شبان إلى فرض مزيد من القيود لاحتواء الارتفاع "الهائل" في حالات الإصابة بفيروس كورونا، من خلال تخصيص المزيد من الأماكن العامة
فقط لأولئك الذين تم تطعيمهم أو تعافوا في الآونة الأخيرة من كوفيد-19 وكانت نتيجة فحصهم سلبية، في محاولة لاحتواء الموجة الرابعة في ألمانيا.
ولم يستبعد شبان عمليات الإغلاق رغم أنه قال إن هذا سيتقرر في منطقة تلو الأخرى. وتتخذ بعض المناطق مثل ساكسونيا وبافاريا، الأكثر تضرراً، إجراءات بالفعل مثل إلغاء أسواق عيد الميلاد.
وصرح الوزير الألماني بالقول: "الوضع ليس خطيرا فحسب، بل إنه مأساوي الآن في بعض المناطق في ألمانيا... يتعين علينا نقل المرضى
لأن وحدات العناية المركزة ممتلئة وهذا لا يؤثر فقط على مرضى كوفيد-19".
قانون جديد
يأتي ذلك في وقت يترقب فيه بألمانيا أن يدخل القانون الجديد للحماية من العدوى في ألمانيا حيز التنفيذ اعتبارا من غد الأربعاء، بعدما تم نشره في الجريدة الرسمية اليوم الثلاثاء. وكان الرئيس الألماني فرانك-فالتر شتاينماير صادق أمس الاثنين على القانون الذي يتضمن شروطا جديدة للحماية من كورونا. وأقر البرلمان الألماني القانون يوم الخميس الماضي، قبل أن يقره مجلس الولايات يوم الجمعة.
يذكر أن القانون المثير للجدل، والمقدم من أحزاب ائتلاف "إشارة المرور"، ينص على تدابير لمكافحة جائحة كورونا، تشمل قاعدة "3 جي" في أماكن العمل والحافلات والقطارات. وتقصر هذه القاعدة الدخول إلى الأماكن المختلفة أو ركوب وسائل النقل العام على الملقحين أو المتعافين أو من لديهم نتيجة اختبار كورونا سلبية.
وفي ظل القانون الجديد، لن يتم مبدئيا فرض قيود على التجول على نطاق واسع ولن يتم إغلاق المدارس. ومن المنتظر أن تقوم الحكومة الاتحادية والولايات بتقييم تأثير هذا القانون في التاسع من الشهر المقبل وتشديده إذا لزم الأمر.
من جانب آخر أظهرت نتائج استطلاع في ألمانيا أن غالبية سكان البلاد يرون أنه من المحتمل أن يحدث إغلاق جديد في الفترة الراهنة التي يحل فيها عيد الميلاد "الكريسماس" بسبب الارتفاع الكبير في أعداد الإصابات بعدوى فيروس كورونا.
وأوضحت نتائج الاستطلاع الذي أجراه معهد "يوغوف" لأبحاث الرأي والمنشورة اليوم الثلاثاء أن 71 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع توقعوا حدوث هذا الإجراء. وأجاب 25 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع بـ "نعم" على سؤال حول ما إذا كان هناك إغلاق سيحدث في هذا الوقت، فيما أجاب 46 بالمائة بـ "نعم على الأرجح".
وفي المقابل، قلّل 22 بالمائة ممن شملهم الاستطلاع من احتمال حدوث إغلاق فيما أجاب 5 بالمائة على السؤال المطروح بـ "لا" وقال 17 بالمائة "لا على الأرجح". وكان المعهد أجرى الاستطلاع أمس الاثنين وشمل نحو 1900 شخص تبدأ أعمارهم من 18 عاماً.
ع.غ/ و.ب (د ب أ)
"موجة رابعة" من كورونا.. حقائق عن معركة ألمانيا مع الجائحة
موجة جديدة من كورونا في ألمانيا تدق ناقوس الخطر. مخاوف واسعة من عودة الإغلاق العام كحل أخير وارتفاع نسبة الوفيات والضغط على النظام الصحي، لكن مع ذلك تظهر ألمانيا أنها قد تعلمت بعض الدروس من الأشهر السابقة.
صورة من: Daniel Bockwoldt/dpa/picture alliance
أرقام قياسية للإصابات الجديدة
دخلت ألمانيا "الموجة الرابعة" من جائحة كورونا بأرقام قياسية، بلغت الخميس 11 نوفمبر/ تشرين الثاني حوالي 50.196 ألف إصابة و235 حالة وفاة. ولم تسجل ألمانيا على الإطلاق رقماً مماثلاً في الإصابات منذ بداية الجائحة، لكن أرقام الوفيات تظل نسبياً أقلّ مما سجل نهاية عام 2020، ما يؤكد الاستنتاجات بكون التطعيم لا يمنع من الإصابة بالفيروس، لكنه يخفض أرقام الإصابات الحرجة وبالتالي أرقام الوفيات.
صورة من: Rüdiger Wölk/imago images
موجة بدون صرامة المواجهة
ألمانيا لا تخطط هذه المرة لإجراءات صارمة كما فعلت ما بين نهاية 2020 وبداية 2021. فقد سمحت عدة مدن بإقامة احتفالات الكرنفال، كما لا توجد خطط لإغلاق عام ولا لتشديد القيود. وسبق لوزير الصحة ينس شبان أن أيد إنهاء إجراءات الوضع الوبائي الموحدة على الصعيد الفيدرالي نهاية نوفمبر 2021، ما يتيح رفع عدد من الإجراءات كارتداء الكمامات، لكن القرار قد لا يصادق عليه البرلمان بسبب ارتفاع الإصابات مجددا.
صورة من: Henning Kaiser/dpa/picture alliance
بين قاعدة 3G وقاعدة 2G
سمحت ألمانيا باستئناف الكثير من الخدمات كدخول المطاعم والمقاهي وصالونات الحلاقة وأماكن الترفيه المغلقة وفق قاعدة 3G التي تعني ضرورة التطعيم، أو إثبات عدم الإصابة بالفيروس عبر كشف سريع، أو التعافي من الفيروس بعد الإصابة به. وبدأت مكاتب وإدارات كذلك باعتمادها، لكن عدة ولايات بدأت تعتمد قاعدة 2G التي تستثني الكشف السريع لأجل مواجهة الموجة الرابعة، ما أثار جدلاً كبيرا بين رافضي التطعيم.
صورة من: Ying Tang/NurPhoto/picture alliance
مجانية الكشف السريع
أتاحت ألمانيا بشكل مجاني اختبارات الكشف السريعة عن الفيروس لكل السكان، وكان الطلب عليها شديدا عند إطلاقها بسبب عدم تقدم حملة التطعيم حينها، لكن مع مرور الوقت، قررت السلطات إلغاء مجانيتها لدفع عدم المطعمين إلى الإسراع بذلك. لم تنجح الفكرة كثيراً، وعادت الحكومة الاتحادية للتفكير في إعادة المجانية، خصوصًا أن معهد روبرت كوخ أوصى بهذه الاختبارات حتى للمطعمين في حالة حضورهم للفعاليات الكبرى كالاحتفالات.
صورة من: Sean Gallup/Getty Images
حملة التطعيم لم تبلغ أهدافها
أرادت الحكومة الألمانية بلوغ نسبة تطعيم تصل لـ 75 بالمئة من العدد الإجمالي للسكان نهاية صيف 2021، غير أن الرقم لم يتجاوز إلى حدود شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 67,5 في المئة. نجحت ولايات في الاقتراب أو حتى تجاوز النسبة المستهدفة، خصوصا في شمال وغرب البلاد كبريمن (81.6 بالمئة)، لكن ولايات في الشرق لم تتجاوز حتى 60 بالمئة كسكسونيا (59.5 بالمئة)، ويعود ذلك لانتشار الحركات المنكرة لكورونا في هذه المناطق.
صورة من: Jens Schlueter/Getty Images
أوضاع المستشفيات تحت السيطرة
تفتخر ألمانيا بنظامها الصحي القادر على مواجهة الضغط، لكنها تعرّضت لاختبار قاسٍ خلال موجة كورونا الثانية بسبب الطلب الكبير على وحدات العناية المركزة الذي اقترب من 6 آلاف حالة في ديسمبر/ كانون الأول 2020. حاليا يبقى في الرقم ما بين 2000 و 3000 آلاف، وتخطط الحكومة الاتحادية لتوزيع الحالات الحرجة على مجموع التراب الألماني حتى لا يقع الضغط على ولاية لوحدها، خصوصا في الشرق.
صورة من: Waltraud Grubitzsch/dpa/picture alliance
جائحة في قلب الانتقال السياسي
الحكومة الحالية هي حكومة تصريف أعمال فقط في انتظار تشكيل الحكومة الجديدة بقيادة محتملة بقيادة أولاف شولتس. وُجهت انتقادات كبيرة لحكومة ميركل في التعامل مع الجائحة، خصوصا إثر بطء عملية التطعيم والتردد الكبير في اتخاذ القرارات والتراجع عنها. ويرغب شولتس بتجاوز هذه الأخطاء ووضع استراتيجية أقوى، لكن المشاورات المطولة لتشكيل الحكومة قد تؤثر على النقاش الخاص بكورونا.
صورة من: Kay Nietfeld/dpa/picture alliance
الجائحة غيرّت المشهد
أضحت الكمامات جزءا أساسيا من المشهد العام في البلد، كما اتخذت عدة مؤسسات إجراءات بتشجيع العمل من البيت أو تقليل نسبة حضور الموظفين في المكاتب. وأدت الجائحة إلى التفكير في تغيير نمط الحياة، خصوصا التباعد الاجتماعي مع التركيز على اللقاءات الافتراضية. كما أثرت الجائحة على النظام التعليمي بسبب اعتماد التعليم عن بعد وإغلاق المدارس في بعض الفترات، ما خلق مخاوف من تأثير ذلك على الأجيال الصاعدة.
صورة من: Sebastian Kahnert/dpa-Zentralbild/dpa/picture alliance
توقعات بتعافي الاقتصاد
تضررت قطاعات كثيرة من الجائحة وخسر ناس كثر أعمالهم وتراجع النمو الاقتصادي كما ارتفعت نسبة التضخم ومعدل إفلاس الشركات، لكن مع ذلك حافظت ألمانيا على ريادتها الاقتصادية في أوروبا، وأظهرت عدة مؤشرات إمكانية تعافي تدريجية للبلد. وتوقع معهد الاقتصاد الألماني أن يعود الوضع الاقتصادي إلى ما كان عليه قبل الأزمة، ابتداء من 2022، كما أن الوضع لم يصل في تدهوره إلى أزمة عام 2009 التي تم في النهاية تجاوزها.