1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
وسائل إعلامعالمي

المنصات الرقمية خطر على الديمقراطية ... ما العمل؟

١٦ نوفمبر ٢٠٢٥

هل يجلب التقدم التكنولوجي بالضرورة معه تقدماً اجتماعياً؟ في عصر الكراهية والأخبار المزيفة والتضليل فقد الكثيرون إيمانهم بذلك. هل يمكننا تحسين أداء فيسبوك وتيك توك وإكس وأخواتها من المنصات الرقمية من خلال التنظيم؟

تطبيقات وسائل تواصل اجتماعي على هاتف ذكي
بالنسبة لكثير من الناس لا تعتبر المنصات الرقمية مجرد وسيلة للترفيه، بل هي أيضا المصدر شبه الوحيد للمعلومات السياسية.صورة من: Yui Mok/dpa/picture alliance

في كانون الثاني/يناير 2025 أجرى  إيلون ماسك مقابلة على منصته إكس مع أليس فايدل، زعيمة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف. وقال: "أريد أن أكون واضحاً جداً: حزب البديل من أجل ألمانيا هو الوحيد القادر على إنقاذ ألمانيا"، في تدخل سافر من شبكة اجتماعية قوية في حملة الانتخابات البرلمانية الألمانية.

في رومانيا فاز المرشح اليميني المتطرف كالين جورجيسكو بشكل مفاجئ في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية عام 2024: لم يشارك هذا السياسي الخارج عن التيار السائد في أي مناظرة تلفزيونية ولم يستثمر أي أموال في حملته الانتخابية. جاء نجاحه بشكل أساسي بفضل فيديوهات "ريلز" على منصة تيك توك استهدفت الناخبين الرومانيين.

وسرعان ما ظهرت شكوك مبررة بأن  الروبوتات الاجتماعية والذباب الإلكتروني (مستخدمون بشريون يعملون مقابل أجر لصالح جهة أجنبية أو حكومية) قد تدخلوا في الأمر. وتم إلغاء الانتخابات. ومن المعروف أيضاً أن الروبوتات والترولز استُخدمت للتلاعب الرأي العام بشكل موجه في العديد من المناقشات والمواضيع الرقمية الأخرى مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو جائحة كورونا.

المواقف المتطرفة والأقليات الصاخبة تحظى بأكبر قدر من الاهتمام

وبالتالي فإن ما يحدث في العالم الرقمي له تأثير كبير على تشكيل الرأي العام. في مؤتمر "التكنولوجيا الكبرى والديمقراطية الرقمية: ما مدى الحاجة إلى تنظيم الخطاب العام؟" من سلسلة فعاليات "قانون الإعلام العالمي" التي تنظمها DW وجامعة كولونيا صرح ديتر دور، الخبير في قانون الإعلام والقانون الدستوري بوضوح: "الديمقراطية مهددة بشدة".

صحيح أن وسائل الإعلام الرصينة حاضرة على هذه المنصات. بل إنها تستخدم Instagram و Youtube وغيرها كقنوات لنشر محتواها. لكن هناك العديد من الجهات الفاعلة الأخرى التي تنشط على هذه المنصات. ولا يتعلق الأمر بالضرورة بالروبوتات الرقمية أو الذباب الإلكتروني: فهناك العديد من الحسابات التي لا تلتزم بمعايير معينة، بل تحرض، وتنشر ادعاءات كاذبة وصوراً ومقاطع فيديو تم التلاعب بها وتوليدها باستخدام الذكاء الاصطناعي.

تكافئ خوارزميات  الشبكات الاجتماعية المحتوى المتطرف. يوضح الأستاذ الجامعي ديتر دور: "التعبيرات المتطرفة عن الرأي التي تحقق انتشاراً واسعاً تبرزها وتظهرها الخوارزميات للمتابع أكثر من غيرها"؛ إذ أن ذلك يساعد على إبقاء المستخدمين لفترة أطول على المنصات وكسب المزيد من المال منهم.

ديتر دور، الخبير في قانون الإعلام والقانون الدستوري بوضوح: "الديمقراطية مهددة بشدة".صورة من: Boris Geilert/DW

قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي: بصيص أمل

أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدراً مهماً إن لم يكن الوحيد للمعلومات بالنسبة لكثير من الناس. وقد أدرك الكثيرون في مجال السياسة والبحث أن قوة هذه المنصات تشكل مشكلة. ولكن: هل يمكن فعل شيء حيال ذلك؟

لقد بذل الاتحاد الأوروبي جهوداً كبيرة في مجال القواعد الرقمية في السنوات الأخيرة، لا سيما من خلال قانون الخدمات الرقمية. ويسري قانون الخدمات الرقمية منذ شباط/فبراير 2024 ويلزم بشكل أساسي المنصات الإلكترونية الكبيرة ومحركات البحث مثل أمازون وغوغل و إكس  وفيسبوك بمزيد من الشفافية ومزيد من الحماية للمستخدمين.

ريناته نيكولاي هي نائبة المدير في المديرية العامة لشبكات الاتصالات والمحتوى والتكنولوجيا في المفوضية الأوروبية والتي تطبق قانون الخدمات الرقمية تقول: "نحن نتبع ثلاثة مبادئ في هذا الصدد: أولاً: يجب على المنصات تقييم المخاطر وتقليلها. ثانياً: نحن نعزز حقوق المستخدمين على سبيل المثال من خلال توفير إمكانية تقديم الشكاوى. ثالثاً: نطالب بالشفافية في الخوارزميات ونلزم المنصات بمنح الباحثين حق الوصول إلى بياناتها".

يبدو هذا إنجازاً كبيراً: يجب على المنصات فتح المجال للبحث في خوارزمياتها، ومنح المستخدمين إمكانية إيقاف المحتوى المخصص أو الإعلانات؛ إذ أن الخوارزميات لا تميل فقط إلى التحيز ضد المحتوى المعتدل والمتنوع، بل إنها في النهاية تخلق ما يُعرف بـ"فقاعات التصفية" أو "غرف الصدى". وفيها يحيط بالمستخدمين بشكل أساسي محتوى ومستخدمون آخرون يعكسون آراءهم الخاصة. وبذلك فإنهم معرضون لخطر الوقوع في دوامة التطرف.

رؤية غير متوازنة

تشتهر خوارزميات تيك توك بقدرتها على تخصيص محتوى الخلاصة بسرعة ودقة فائقتين. وقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة بوتسدام ومؤسسة برتلسمان مؤخراً أن المنصة لم تكن متوازنة في عرض برامج ونشاطات الأحزاب المختلفة خلال الحملة الانتخابية للبرلمان الألماني في 2025. وحسب الدراسة تم عرض مقاطع الفيديو من الحسابات الرسمية للأحزاب السياسية المتطرفة، وخاصة حزب البديل من أجل ألمانيا بشكل أكثر تكراراً من مقاطع الفيديو من حسابات أحزاب الوسط (الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب المسيحي الديمقراطي وشقيقه البافاري).

وعند سؤاله عن هذا الأمر أجاب تيم كلاوس المسؤول في تيك توك في المؤتمر بإجابة مراوغة. لكن حسب تصريحاته فإن  المنصات الرقمية أيضاً ليست مهتمة بالعمل في بيئة مليئة بالتضليل والشعبوية. فهي تحاول تقليل الأخبار المزيفة والخطاب الذي يحض على الكراهية وما شابه ذلك بمساعدة الذكاء الاصطناعي ولكن أيضاً من خلال موظفيها.

ريناته نيكولاي، نائبة المدير في المديرية العامة لشبكات الاتصالات والمحتوى والتكنولوجيا في المفوضية الأوروبية: "فنلندا نموذج يحتذى به في هذا المجال ويمكننا أن نتعلم منها". صورة من: Boris Geilert/DW

فنلندا قدوة في الكفاءة الإعلامية

بالمناسبة هناك قوانين أخرى إلى جانب قانون خدمات الرقمية الخاص بالاتحاد الأوروبي تنظم المنصات الرقمية مثل قانون حرية الإعلام الأوروبي. وهو يكمل قانون خدمات الرقمية من خلال توفير وضع خاص لوسائل الإعلام التقليدية على المنصات بحيث يتم التعامل مع محتواها بشفافية وعدم إزالتها دون سبب.

وحتى لو بدا الأمر مكرراً هناك شيء آخر مهم إلى جانب اللوائح التنظيمية: تحسين الكفاءة الإعلامية. يجب أن يفهم الناس  وسائل الإعلام الرقمية بشكل أفضل ويستخدموها بشكل أكثر مسؤولية. ففي النهاية هم الذين ينشرون المحتوى ويستهلكونه ويشاركونه ويعلقون عليه. تشرح ريناته نيكولاي، نائبة المدير في المديرية العامة لشبكات الاتصالات والمحتوى والتكنولوجيا في المفوضية الأوروبية: "فنلندا نموذج يحتذى به في هذا المجال ويمكننا أن نتعلم منها". في الواقع لدى فنلندا استراتيجية وطنية شاملة لتعزيز الكفاءة الإعلامية. تبدأ هذه الاستراتيجية من رياض الأطفال وتجعل الفنلنديين بارعين جداً في فحص المحتوى بشكل نقدي والتعرف على المعلومات المضللة.

على أي حال لا يمكن مكافحة التضليل والتلاعب على  الإنترنت إلا من خلال الجمع بين جميع التدابير المتاحة. وحتى إذا تم استخدام  جميع الوسائل المتاحة يظل الخبراء مثل ديتر دور متشككين: "لا يوجد الكثير مما يمكن فعله لمواجهة هذا التسونامي". يضاف إلى ذلك التحديات الجديدة المستمرة مثل روبوتات الدردشة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وتقدم معلومات خاطئة أو غير موضوعية.

في مؤتمر DW وجامعة كولونيا أوضحت ريناته نيكولاي في النهاية أن أوروبا ليست "ضد المنصات"، بل تريد العمل معها "لتغيير نماذج الأعمال بحيث لا تعرض الديمقراطية للخطر بل تعززها".

ومن الأمثلة على التعاون الجيد الانتخابات البرلمانية التي جرت هذا العام في مولدوفا. قبل الانتخابات اجتمع ممثلو الاتحاد الأوروبي والسلطات المولدوفية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني ومشغلو المنصات مثل غوغل وميتا وتيك توك حول طاولة واحدة لمكافحة التضليل وحماية العملية الانتخابية. ويبدو أن هذه الجهود كانت ناجحة: فلم تتمكن حملة التضليل الروسية ضد الحزب الحاكم الموالي لأوروبا، حزب العمل والتضامن PAS، من التأثير بشكل حاسم على نتائج الانتخابات.

أعده للعربية: م.أ.م

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW