في مخيم مؤقت داخل ميناء إيسكومبريراس جنوب إسبانيا، وهو أحد أماكن إنزال المهاجرين الواصلين إلى البر الإسباني، يتصاعد الجدل حول الظروف المعيشية السيئة وغير الإنسانية للمهاجرين المحتجزين داخله.
إعلان
لم تتباطئ موجة المهاجرين القادمين إلى الأندلس من الضفة المقابلة للمتوسط في الأيام الأخيرة، والتي أربك وصولها النظام الإسباني. حيث وصل يوم الثلاثاء 26 يوليو/تموز 32 جزائريا إلى شواطئ منطقة موريس في جنوب إسبانيا على متن تسعة زوارق حسبما أعلنت السلطات. وفي الأسبوع الماضي، تم اعتراض ما يقارب من 200 مهاجر من الجزائر في البحر وتمت إعادتهم إلى البر.
عادة بعد إنقاذ المهاجرين في المتوسط من قبل وحدات الإنقاذ الإسبانية وقوات خفر السواحل ، ينقل هؤلاء "الحراقة" المبحرين على متن قوارب صغيرة من الشواطئ الجزائرية، إلى ميناء إيسكومبريراس، بالقرب من قرطاجنة الإسبانية.
في هذا الميناء وبانتظار نقلهم إلى مراكز الاستقبال، يعيش حوالي 100 مهاجر في مخيم مؤقت أقامته السلطات المحلية في ظروف سيئة، حيث يتكدس الوافدون الجدد، بمن فيهم النساء والأطفال الصغار وكذلك القصر، في خيام بيضاء كبيرة وينامون على أسرّة غير ملائمة، وتزيد من قساوة هذه الظروف درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 40 درجة، ففي الداخل، أماكن خانقة غير ملائمة لطقس الصيف الأندلسي الحار، أما في الخارج، فيحاول المهاجرون حماية أنفسهم من أشعة الشمس من خلال الوقوف تحت ظلال الجدران.
" إنه مكان مثير للاشمئزاز ومقرف، يوجد جرذان وبعوض"
يوم الأربعاء 27 تموز /يوليو توجه عدد من المحامين إلى الموقع المذكور، لتفقده والإطلاع على أحوال المهاجرين وظروف حياتهم اليومية، ومن أجل تقديم المساعدة القانونية لهم. إحدى المحاميات وتدعى روز مانروبيا نددت بالظروف المعيشية الصعبة وغير المناسبة وقالت لوسائل إعلام محلية "إنه مكان مثير للاشمئزاز ومقرف، يوجد جرذان وبعوض"، وأضافت" يوجد العديد من الأطفال والقصر الذين يعيشون في ظروف غير صحية، محاطين بالقمامة، ويركضون حفاة الأقدام". ففي الشهر الماضي تعرض مهاجر جزائري لهجوم جرذ عض وجه بينما كان نائما على الأرض في خيمة.
نقابة الحراس المدنيين (AUGC)، وعناصر الشرطة الموجودين في المخيم يشتكون أيضا من الوضع "الفوضوي" للمخيم، وذلك بحسب ممثلهم جون مونتالبان الذي يقول إنها "حالة فوضى"، مشيرا إلى أن عناصر الشرطة والمهاجرين يعيشون بدون مكيفات للهواء وتحت أشعة الشمس الحارقة.
كما نبه ممقل الشرطة إلى الظروف غير الصحية والسيئة واللاإنسانية في المخيم. يضيف مونتالبان "لا أحد ينظف هنا". كما نشرت الشرطة صورا تظهر حاويات مليئة بالقمامة والملابس المتسخة والصناديق والنفايات المتناثرة على الأرض.
تم تركيب مراحيض مؤقته في المخيم، لكن المهاجرين لا يمكنهم الوصول إلى أماكن الاغتسال، وينظفون أنفسهم بمساعدة خرطوم مياه.
تطالب الشرطة والعاملون في المنظمات والمجال الإنساني بتغيير جذري لظروف استقبال المهاجرين الذين يصلون إلى ميناء إسكومبريراس، و يطالبون أيضا بفتح مركز مؤقت آخر لاستقبال المهاجرين.
"كثير من الناس مستعدون لمغادرة الجزائر"
وللأسف فإن الوضع ليس مرجحا للتحسن في المستقبل القريب، خاصة مع توافد المزيد من المهاجرين، كما أشارت إلى ذلك وكالة مراقبة الحدود الأوروبية "فرونتكس"، التي أعربت عن مخاوفها من ارتفاع تلك الأعداد خلال الصيف، وأصدرت تحذيرا للسلطات والهيئات المشرفة على أمن السواحل الإسبانية بشأن "الكثير من الأشخاص الذين يستعدون لمغادرة سواحل الجزائر باتجاه إسبانيا بشكل غير قانوني على متن قوارب".
كما أوردت الوكالة أنه بين الأول من كانون الثاني\يناير ونهاية حزيران\يونيو، وصل إلى السواحل الإسبانية وجزر البليار 3,619 مهاجرا جزائريا.
وعلى الرغم من المخاطر المرتبطة بالعبور وعمليات الطرد العديدة، يواصل العديد من الجزائريين الإبحار للوصول إلى أوروبا. من وهران أو مستغانم أو حتى الجزائر العاصمة، تنطلق العشرات من القوارب الصغيرة في البحر كل أسبوع متجهة إلى الأراضي الإسبانية.
وارتفعت مؤخرا معدلات الهجرة في صفوف الشباب الجزائري على خلفيات الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وانعدام الآفاق والحلم بحياة أفضل في مكان آخر.
وعلى الرغم من بعده عن السواحل الجزائرية، إلا أن الكثير من المهاجرين يحاولون الوصول إلى أرخبيل البليار الإسباني، حيث تبلغ المسافة بين السواحل الجزائرية وسواحل أوروبا من 200 إلى 250 كم في بعض الأماكن، ويعتبر عبورها على متن القوارب الصغيرة خطيرا للغاية.
مساء يوم الأربعاء 27 تموز/يوليو أعلنت منظمة "هيروز ديل مار" الإسبانية غير الحكومية، عن حادث غرق لقارب مهاجرين كان يحمل 14 شخصا أثناء محاولتهم عبور المتوسط إلى سواحل جنوب إسبانيا، كان القارب قد انطلق مساء الاثنين 25 تموز/يوليو من مدينة مستغانم الساحلية شمال غرب الجزائر، باتجاه إسبانيا. وقالت إن حرس السواحل الجزائري أنقذ مهاجرين جزائريين اثنين فقط، فيما لا يزال 12 مهاجرا آخرين، بينهم امرأة، في عداد المفقودين.
مهاجر نيوز 2022
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.