وسط تشديد أمني- انطلاق محاكمة سوري مشتبه به في قتل ألماني
١٨ مارس ٢٠١٩
بعد سبعة أشهر من مقتل ألماني في كيمنيتس بدأت محاكمة مشتبه به سوري أمام غرفة محاكمة خاصة فى درسدن. وتحظى المحاكمة باهتمام واسع. ويستغرب بعض أصدقاء الضحية من التصنيف القضائي للتهمة، بينما يرى شباب سوريون أن مواطنهم "برئ".
إعلان
في ظل إجراءات أمنية مشددة في درسدن بشرق ألمانيا انطلقت اليوم الإثنين (18 مارس/ آذار 2019) محاكمة طالب اللجوء السورى علاء س. المشتبه به في اعتداء الطعن، الذي أودى بحياة ألماني في مدينة كيمنيتس الصيف الماضي.
ويوجه الادعاء العام، للسوري تهمة "ضرب أفضى إلى الموت" لألماني (اسمه دانيل هـ 35 عاما) من خلال توجيه طعنات سكين له في نهاية آب/ أغسطس الماضي بالمشاركة مع آخر عراقي هارب، وإصابة شخص آخر بجروح خطيرة.
وتشهد المحاكمة اهتماما كبيرا بسبب ما صاحب الجريمة الصيف الماضي من مظاهرات غير مسبوقة لليمين المتطرف في كيمنيتس واعتداءات على أجانب هناك. وخضع ممثلو الإعلام والجمهور الذين سعوا لحضور المحاكمة لتفتيش دقيق اليوم الإثنين.
ولأسباب أمنية وللاهتمام الكبير للرأي العام لا تُجرى المحاكمة في كيمنيتس، بل في مبنى المحكمة العليا لمدينة درسدن، والذي يحوي قاعة على درجة عالية من التأمين كانت مخصصة لمحاكمة أعضاء التنظيم الإرهابي اليميني المتطرف "مجموعة فرايتال". ويتم في هذه القاعة فصل الحضور عن أطراف المحاكمة عبر ألواح زجاجية.
"بالنسبة لي كان قتلاً"
وقبل بدء المحاكمة، أخفق دفاع المتهم أمام المحكمة الاتحادية في طلبه بإجراء المحاكمة خارج ولايات سكسونيا وتورينغن وبراندبورغ. كما رفضت المحكمة العليا لدرسدن إحالة المحاكمة من المحكمة الابتدائية لكيمنيتس إلى المحكمة الابتدائية للايبزيغ.
وجاء إلى درسدن لحضور المحاكمة والدة الضحية وأخته غير الشقيقة و أعرب أحد أصدقاء القتيل لموقع "فوكوس" أونلاين عن استغرابه من توجيه تهمة "ضرب أفضى إلى الموت" وقال للموقع الألماني "بالنسبة لي كان ذلك قتلاً".
وفي المقابل حضرت أيضا مجموعة من ثمانية شبان سوريين وقال أحدهم لفوكوس إنهم حضروا من أجل إظهار مساندتهم لعلاء س. وأضاف "إنه بريء مائة في المائة". وتابع الشاب "أؤمن باستقلال القضاء الألماني والمحكمة ستصدر القرار الصحيح".
وبالتوازي مع انطلاق المحاكمة يتوقع حضور مئات من النازيين الجدد ومشاغبي كرة القدم (الهوليغانز) إلى كيمنيتس للمشاركة في مراسم دفن مشجع كرة قدم شهير لنادي كمنيتس، الذي يلعب في دوري محلي بشرق ألمانيا. وجرى حفل تأبين المشجع توماس هالر قبل نحو أسبوع في ملعب كمنيتس ولفت الأنظار في كافة أرجاء ألمانيا، حيث كان هذا المشجع من قادة اتحاد "هونارا" السابق، وهو اختصار لـ"هوليغانز- نازيون- عنصريون".
ص.ش/هـ.د (د ب أ)
كيف تحولت مدينة كارل ماركس السابقة إلى مسرح للتطرف اليميني؟
شهدت كيمنتس تحولا كبيرا منذ إعادة توحيد ألمانيا بدءًا بعودة اسمها الأصلي إلا أنها أمست رمزا للخوف على ديمقراطية ألمانيا وانقسام المجتمع بعدما وقعت جريمة قتل لرجل ألماني، يشتبه أن مرتكبيها هما اثنان من طالبي اللجوء العرب.
صورة من: Secunda-Vista/Fotolia.com
ثالث أكبر مدن ساكسونيا
بمساحتها البالغة نحو 220 كيلومترا مربعا وعدد سكانها البالغ نحو ربع مليون نسمة، تعد مدينة كيمنتس بعد مدينتي دريسدن ولايبزيغ الشهيرتين، ثالث أكبر مدن ولاية ساكسونيا بأقصى شرق وسط ألمانيا. وكانت واحدة من أهم مدن الصناعة في ألمانيا في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
صورة من: picture-alliance/dpa
تغيير الاسم على طريقة السوفييت
اسمها جاء من نهر كيمنتس الذي يمر بها، وبنهاية الحرب العالمية الثانية تدمر نحو 90 في المائة من قلب المدينة. ومن عام 1953 وحتى 1990 في فترة ما عرف بـ"ألمانيا الشرقية" تحول اسمها لـ"مدينة كارل ماركس"، على غرار ما كان الاتحاد السوفيتي السابق يفعله من إعادة لتسمية المدن مثل ستالينغراد (فولغوغراد حاليا) ولينينغراد (سانت بطرسبرغ).
صورة من: imago/ecomedia/robert fishman
مشاهد من عصر النازية
كان برلمان كيمنتس من أوئل البرلمانات، التي سيطر عليها النازيون خلال حقبتهم، ما غير الوجه الثقافي للمدينة. وجرى اضطهاد اليهود ومصادرة أملاكهم، وحرق معابدهم في "ليلة الكريستال". ومن لم يهرب منهم خارج كيمنتس تم ترحيله أو إرساله إلى مراكز الاعتقال.
صورة من: picture alliance
تأثير سوفيتي كبير
بعد الحرب العالمية الثانية أصبح النفوذ السوفيتي واضحا في كيمنتس سواء من الناحية العسكرية أو المالية أو التعدين أو حتى الثقافة. وفي فترة الستينات كانت هناك حركة عمران كبرى. وفي السبعينات نالت شهرة في المسرح والرياضة مثل التزلج الفني على الجليد ورياضات الدرجات والسباحة ورفع الأثقال.
صورة من: picture-alliance/ ZB
مصاعب ما بعد الوحدة
رغم آلاف الشركات التي أُنشئت في كيمنتس بعد الوحدة الألمانية منذ 1990 إلا أن ذلك لم يخف لسنوات طويلة ما يعانيه السكان من بطالة. غير أن نسبة البطالة بدأت في التحسن فوصلت إلى 13 في المائة عام 2013 لتصبح الآن أقل من 8 في المائة عام 2018.
صورة من: picture-alliance/ZB
جريمة قتل تفسح الطريق لليمين المتطرف
مثل غيرها من مدن ولايات شرق ألمانيا وجد اليمين المتطرف نفسه في كيمنتس، رغم أن أعضاء حزب البديل الشعبوي والحزب القومي (النازيون الجدد) في برلمان المدينة هم أربعة فقط من بين 60 عضوا. غير أنه في ليلة السبت/ على الأحد (26 أغسطس/ آب 2018) ظهر اليمين المتطرف بقوة إثر مقتل رجل ألماني عمره 35 عاما، خلال احتفالات المدينة.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Prautzsch
الاحتشاد أمام كارل ماركس
صدر أمر باعتقال اثنين مشتبه بهما في قتله، أحدهما سوري عمره 23 عاما، والآخر عراقي عمره 22 عاما، يفترض أنهما وجها للرجل الألماني عدة طعنات. وبعدما انتشر خبر مقتله وقعت مظاهرات بعد ظهر الإثنين في قلب مدينة كيمنتس، واحتشدت مجموعات من اليمين المتطرف حول تمثال كارل ماركس.
صورة من: Getty Images/AFP/O. Andersen
صراع اليمين واليسار وهجوم على أجانب
بالتزامن مع ذلك تكونت مظاهرة مضادة من قبل الأحزاب اليسارية في نفس المكان، مما حتم تدخل الشرطة لمنع وقوع الصدام. وقام أشخاص من اليمين المتطرف بمهاجمة أجانب في كيمنتس. وفي المساء بدأت المظاهرات تهدأ بعدما أسفرت عن جرح ستة أشخاص، وتقول الشرطة إن عدد المشاركين في المظاهرات جاء أكبر من توقعاتها بكثير.
صورة من: picture-alliance/dpa/A. Seidel
"غير قابل للانقسام"
أظهرت تلك الأحداث مدى المخاطر التي تحدق بالديمقراطية والتعددية في ألمانيا، وتحدث سياسيون ومشاهير عن قلقهم من الانقسام، وأُعلن عن تنظيم مبادرة "غير قابل للانقسام" (unteilbar#)، من أجل التظاهر في برلين في 13 أكتوبر/ تشرين الأول، ضد الإقصاء وتأييداً لمجتمع ألماني منفتح. وستكون هناك في نفس اليوم مظاهرات في عواصم أوروبية أخرى ضد النزعة القومية. إعداد: صلاح شرارة.