تواصل الهجمات ـ "اتفاق" أوروبي على تشكيل مهمة لردع الحوثيين
١٦ يناير ٢٠٢٤
اتفقت دول الاتحاد الأوروبي مبدئيا على تشكيل مهمة بحرية لحماية السفن في البحر الأحمر، فيما أعلن الجيش الأمريكي مصادرة مكونات صواريخ إيرانية الصنع موجهة إلى جماعة الحوثيين المدعومة من طهران، والتي استهدفت مجددا إحدى السفن.
إعلان
قال دبلوماسيون أوروبيون اليوم الثلاثاء (16 كانون الثاني/يناير 2024) إن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قدموا دعماً مبدئياً لفكرة تشكيل مهمة بحرية لحماية السفن من هجمات حركة الحوثي في البحر الأحمر.
وأضاف الدبلوماسيون أن الهدف هو تشكيل المهمة في موعد أقصاه 19 فبراير/شباط على أن تبدأ العمل سريعاً. وقال العديد من الدبلوماسيين إنهم يأملون في تسريع العملية في ضوء التوتر في المنطقة. وقال الدبلوماسيون إن اللجنة السياسية والأمنية التابعة للتكتل وهي المعنية بالسياسة الخارجية والدفاعية للاتحاد قدمت دعمها المبدئي للمهمة التي ستتعاون مع شركاء يؤيدون الفكرة.
وقالت الولايات المتحدة الشهر الماضي إنها ودولاً أخرى ستسير دوريات في البحر الأحمر في مهمة جديدة أُطلق عليها اسم "حارس الازدهار" لتهدئة مخاوف تأثير الاضطرابات بأحد أهم الشرايين التجارية في العالم على الاقتصاد العالمي. لكن بعض حلفاء الولايات المتحدة، خاصة الدول الأوروبية، أبدوا تحفظات على الخطة واعترضوا على فكرة أن تكون تحت قيادة واشنطن.
في هذه الأثناء تواصلت هجمات الحوثيين على السفن، حيث قالت شركة أمنية ومصدران بوزارة الشحن اليونانية اليوم الثلاثاء إن ناقلة بضائع فارغة ترفع علم مالطا استُهدفت بصاروخ في أثناء عبورها شمالاً بالبحر الأحمر على مسافة 76 ميلاً بحرياً إلى الشمال الغربي من مدينة الصليف الساحلية باليمن. وقال أحد المصدرين اليونانيين إن السفينة زوغرافيا المملوكة لليونان كانت تبحر من فيتنام إلى إسرائيل وعلى متنها طاقم مكون من 24 فرداً وكانت فارغة من البضائع عندما تعرضت للهجوم. وأضاف "لم تقع إصابات.. فقط أضرار مادية".
أهمية طريق البحر الأحمر للملاحة الدولية
01:32
وتبنّى المتمردون المدعومون من إيران استهداف السفينة اليونانية "بعددٍ من الصواريخِ البحريةِ المناسبة، وكانتِ الإصابةُ مباشِرة"،مشيرين إلى أنها كانت متجهة إلى موانئ إسرائيل.
ضربة أمريكية جديدة ومصادرة أسلحة إيرانية
وأبلغ مسؤولان أمريكيان رويترز بأن الجيش الأمريكي نفذ اليوم الثلاثاء ضربة جديدة على صواريخ مضادة للسفن تابعة للحوثيين في اليمن، وذلك في أحدث تحرك عسكري للجماعة المتحالفة مع إيران بسبب استهدافها لسفن الشحن في البحر الأحمر. وقال المسؤولان اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما إن الهجوم استهدف أربعة صواريخ مضادة للسفن.
وأعلن الجيش الأمريكي الثلاثاء مصادرة مكونات صواريخ إيرانية الصنع على متن قارب في بحر العرب كانت موجهة إلى الحوثيين، في أول عملية من نوعها مذ بدأ المتمردون استهداف سفن قبالة اليمن. ونفذت قوات النخبة في البحرية الأمريكية ("نيفي سيلز") العملية في 11 كانون الثاني/يناير في المياه الدولية قرب سواحل الصومال، وفق ما أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى (سنتكوم) في بيان الثلاثاء.
وتتضمن المضبوطات "مكونات صواريخ بالستية وصواريخ كروز" على ما أعلنت القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى (سنتكوم) في بيان على منصة إكس. وكشف البيان أن عنصرين من قوات النخبة أعلِن فقدان أثرهما في البحر، شاركا في هذه المهمة. ونقل عن قائد القيادة الوسطى مايكل كوريلا مواصلة "عملية بحث حثيثة" للعثور عليهما.
وأكدت سنتكوم "إنها أول عملية مصادرة لأسلحة فتاكة تقليدية متطورة من مصادر إيرانية للحوثيين منذ بدء الهجمات الحوثية على سفن تجارية في تشرين الثاني/نوفمبر 2023". وأضافت أن "المكونات التي ضبطت تتضمن أجهزة دفع وتوجيه ورؤوس حربية للصواريخ البالستية للحوثيين وصواريخ كروز مضادة للسفن إضافة إلى مكونات مرتبطة بالدفاع الجوي"، موضحة أن "التحليل الأولي يشير إلى أن الحوثيين استخدموا هذه الأسلحة نفسها لتهديد ومهاجمة بحارة أبرياء على متن سفن تجارية دولية تعبر البحر الأحمر".
خ.س/ع.ج.م (رويترز، أ ف ب، د ب أ)
باب المندب - مضيق لا تتراجع أهميته الاستراتيجية عبر التاريخ
أعلنت السعودية، أكبر مصدر للبترول في العالم "وقفا مؤقتا" لعبور صادراتها البترولية من مضيق باب المندب بعدما هاجم الحوثيون في اليمن ناقلتي بترول. وتظهر من جديد أهمية أمن باب المندب، المدخل الجنوبي للبحر الأحمر.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
أهمية منذ فجر التاريخ
لأن مضيق باب المندب يمثل البوابة الجنوبية للبحر الأحمر، أحد أهم البحار من الناحية التجارية والاستراتيجية منذ قدم التاريخ، بدأ الصراع للسيطرة عليه وتأمين عبور السفن فيه منذ أقدم العهود، بداية من مصر القديمة (الفرعونية) ومرورا بالإمبراطوريات المتعاقبة، وحتى القوى العظمى والإقليمية في عصرنا الحاضر.
صورة من: Getty Images/Hulton Archive
باب الدموع
كلمة المندب في اللغة العربية تعني البكاء والنواح على الميت، ولذلك تُحكى حول سبب تسميته بباب المندب حكايات كثيرة، منها ما يُقال أن أمهات الأفارقة على الجانب الغربي، كن يقفن ينحن على أولادهن، الذين أخذهم العرب عبيدا، إلى الشاطئ الآخر من المضيق.
داخل المياه الإقليمية لثلاث دول
وفقا للقانون الدولي فإن المياه الإقليمية لأي دولة عادة تمتد من ساحلها 12 ميلا بحريا (حوالي 22 كيلومتر) إلى داخل المياه. وبهذا يكون مضيق باب المندب واقعا ضمن المياه الإقليمية لثلاث دول، هي اليمن وجيبوتي وإريتريا، حيث يبلغ عرضه حوالي 30 كيلومتر بين رأس باب المندب شرقا ورأس سيان غربا.
صورة من: picture alliance/Photoshot/BCI
اليمن والسيطرة على باب المندب
في قلب مضيق باب المندب تقع جزيرة بريم اليمينة، التي تقسمه إلى ممرين بحريين أحدها شرقي ضيق، عرضه أقل من 4 كيلومتر وآخر غربي واسع (حوالي 21 كيلومتر) لكن توجد به أيضا جزر أخرى صغيرة تجعل اتساعه أقل من 18 كيلومتر. ويقول العالم العراقي عبدالزهرة شلش العتابي إن من يسيطر على عدن بالدرجة الأولى وجيبوتي بالدرجة الثانية يسيطر على مضيق باب المندب.
صورة من: Imago/photothek
أهمية استراتيجية
رغم أهميته الاستراتيجية منذ القدم، ازداد مضيق باب المندب أهمية بعد افتتاح قناة السويس في عام 1869، حيث أصبح الطريق الرئيسي للتجارة بين أوروبا وجنوب شرق آسيا بديلا عن طريق رأس الرجاء الصالح. وتعبر المضيق حاليا من الجنوب للشمال والشمال للجنوب نحو 21 ألف قطعة بحرية سنويا.
صورة من: picture-alliance/akg-images
الطريق الرئيسي لناقلات البترول
مع اكتشاف البترول في الجزيرة العربية في ثلاثينات القرن الماضي ازدادت أهمية باب المندب مرة أخرى حيث إنه يربط منطقة الانتاج (الجزيرة العربية) بمناطق الاستهلاك في أوروبا والولايات المتحدة. ويمر منه يوميا ما لا يقل عن 4 ملايين برميل نفط ، حسب الباحث المصري أحمد التلاوي.
صورة من: picture-alliance/dpa
ثغرة أمن قومي لدول عديدة
يشكل أمن مضيق باب المندب مسألة أمن قومي بالنسبة لدول إقليمية مثل مصر وإسرائيل ودول الخليج العربية، خصوصا السعودية. وهناك مخاوف من سيطرة الحوثيين، المدعومين من إيران على المضيق. واعترفت مصر في عام 2016 بوجود قوات بحرية لها في باب المندب "لوقف إمدادات الحوثيين بالسلاح والمواد اللوجستية".ا
صورة من: picture-alliance/dpa
القراصنة الصوماليون
قبل تهديد الحوثيين لأمن باب المندب كان هناك القراصنة الصوماليون، الذين ظهروا بقوة عام 2008، حيث بدأوا في مهاجمة السفن العملاقة في منطقة القرن الإفريقي مهددين الملاحة في باب المندب. غير أن التدخل الدولي جعل القرصنة تتراجع تماما منذ عام 2012.
صورة من: picture alliance/AP Photo/F.Abdi Warsameh
أهمية مزدوجة لدول الخليج
لا شك أن الاقتصاد العالمي يتأثر بأمن المضيق لكن بالنسبة لدول الخليج العربية فإن أمن باب المندب أهميته مزدوجة، فهو منفذ الخليج على أسواق النفط الأوروبية والأميركية، ومن ناحية أخرى فإن تهديد أمنه الآن يأتي من الحوثيين المدعومين إيرانيا. وعندما هاجم الحوثيون ناقلتي نفط سعوديتين أعلنت السعودية (الأربعاء 25/7/2018) وقفا مؤقتا لمرور نفطها في باب المندب. وارتفعت أسعار النفط عالميا.