حكومة باشا تستهل أعمالها من مدينة سرت وسط خلافات مع طرابلس
٧ يونيو ٢٠٢٢
انطلقت أعمال الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي برئاسة فتحي باشاغا، من مقرها بمدينة سرت، وذلك بعقد اجتماع تشاوري. فيما تستمر الخلافات مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، التي ترفض تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة.
إعلان
أعلن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء الليبي المكلف فتحي باشاغا، أنه عقد، اليوم الثلاثاء (السابع من يونيو/ حزيران 2022)، اجتماعا تشاوريا لمناقشة تهيئة عدد من المقار الإدارية اللازمة لضمان عمل باقي الوزارات والمؤسسات الحكومية بالشكل الأمثل، إضافة لبحث الترتيبات اللازمة لاجتماع مجلس الوزراء الثالث المزمع عقده الأسبوع القادم في المدينة.
وصرح باشاغا، في هذا الصدد قائلاً: "لدينا واجب وطني تجاه أبناء الشعب الليبي، وليس في صالح مشروعنا الوطني الذي تبنيناه أن نؤجل عمل الحكومة، ولذلكقررنا ممارسة أعمالنا من مدينة سرت." وأضاف: "سوف أحرص وباقي أعضاء حكومتي على التجول في كافة أرجاء البلاد حرصاً منا على التواصل المباشر مع المواطنين والوقوف عن كثب على المختنقات التي تعانيها البلديات، واتخاذ كافة الخطوات لترسيخ مبدأ اللامركزية."
يذكر أن الحكومة كلفها مجلس النواب، وأدت اليمين القانونية أمامه بداية مارس/ آذار الماضي، ولم تتمكن حتى الآن من دخول العاصمة طرابلس واستلام مهامها، بسبب رفض حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، الأمر الذي أدى لاختيار مدينة سرت مقرا مؤقتا لها.
وفي سرت أيضا، ناقشت لجنة مُشكلة من قبل رئيس مجلس النواب، في اجتماعها الثاني اليوم بحضور الأجهزة الرقابية التابعة لمجلس النواب ومصرف ليبيا المركزي ووزارة المالية بالحكومة الليبية، جميع الملاحظات الواردة بتقارير الأجهزة الرقابية ومصرف ليبيا المركزي حول مشروع قانون الميزانية العامة للدولة للعام 2022، المقدم من الحكومة بغية تجهيز مشروع القانون لعرضه على مجلس النواب الأيام المُقبلة.
ووفقا لما نقله الناطق باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، عبر صفحته بفيسبوك عشية اليوم، فقد ناقش الإجتماع أيضا القانون الموحد لمرتبات العاملين بالدولة، في مسعى لتحسين مستوى دخل المواطن وتحقيق العدالة الإجتماعية بين جميع شرائح المجتمع.
يذكر أن مجلس النواب الليبي قد كلف باشاغا بتشكيل حكومة في فبراير/ شباط الماضي، ومنحها الثقة نهاية ذات الشهر، وأدت اليمين أمام المجلس في غرة مارس/ آذار، وحاولت في مناسبتين دخول عاصمة البلاد، إلا أن قوات داعمة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة، عبد الحميد الدبيبة، حالت دون ذلك، لتتخد حكومة باشاغا من مدينة سرت مقرا مؤقتا لها، في ظل استمرار إصرار الدبيبة على عدم تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، ويساندها في ذلك المجلس الأعلى للدولة.
ولم تنل حكومة باشاغا اعترافا دوليا. وأصدرت في مايو/ أيار الماضي ميزانية العام الحالي وأحالتها لمجلس النواب، الذي فشل بدوره في جمع رؤساء المؤسسات السيادية والرقابية ومحافظ البنك المركزي في الاجتماع الذي دعا له في سرت الثلاثاء الماضي بخصوص الميزانية.
ف.ي/ص.ش (د ب ا)
توق الليبيين إلى السلام.. طريق طويل من المؤتمرات والعنف
منذ اندلاع الاحتجاجات ضد نظام معمر القذافي في مطلع عام 2011 تعيش ليبيا في دوامة من العنف والاضطراب وعدم الاستقرار السياسي. فيما يلي أبرز محطات الصراع ومحاولات إرساء سلام يتفلت من بين أيدي الليبين مرة تلو الأخرى.
صورة من: picture alliance/dpa
تستضيف العاصمة الألمانية برلين الأربعاء (23 حزيران/يونيو 2021) جولة جديدة من محادثات السلام الليبية. ستركز المحادثات على التحضير لانتخابات وطنية مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر وسحب الجنود الأجانب والمرتزقة من ليبيا، ومسألة تشكيل قوات أمنية موحدة. واستضافت برلين برعاية الأمم المتحدة في 19 كانون الثاني/ يناير 2020 مؤتمرا حول ليبيا شارك فيه طرفا النزاع إلى جانب رؤساء روسيا وتركيا وفرنسا ومصر.
صورة من: Getty Images
في شباط/فبراير من عام 2011 اندلعت في بنغازي ومن ثم في مناطق أخرى تظاهرات جوبهت بعنف من قبل نظام معمر القذافي، الذي حكم البلاد منذ عام 1969 بقبضة من حديد. شن تحالف بقيادة واشنطن وباريس ولندن هجمات على مقار قوات القذافي، بعد حصوله على ضوء أخضر من الأمم المتحدة. ثم انتقلت قيادة العملية الى حلف شمال الأطلسي. ولقي القذافي مصرعه في 20 تشرين الأول/أكتوبر بالقرب من مسقط رأسه في سرت.
صورة من: dapd
غرقت ليبيا في دوامة من العنف والاضطرابات السياسية لم يفلح المجلس الوطني الانتقالي، الذي تشكل في الأيام الأولى للثورة برئاسة مصطفى عبد الجليل كبديل للنظام، في وضع حد لها. وفي يوليو/ تموز 2012 انتخب برلمان تسلم سلطاته بعد شهر من المجلس الوطني الانتقالي. تشكلت حكومة برئاسة علي زيدان في تشرين الأول/أكتوبر، بيد أنها سقطت بعد حجب الثقة عنها في آذار/مارس 2014.
صورة من: Picture-Alliance/dpa
تعرضت السفارتان الأميركية في أيلول/سبتمبر 2012 والفرنسية في نيسان/أبريل 2013 لهجومين تسبب الأول بمقتل أربعة أميركيين بينهم السفير كريستوفر ستيفنز والثاني بإصابة حارسين فرنسيين، فأغلقت غالبية السفارات الأجنبية أبوابها وغادرت طواقمها البلاد.
صورة من: Reuters
في أيار/مايو 2014، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر بدء عملية "الكرامة" ضد جماعات إسلامية مسلحة في شرق ليبيا. وانضم ضباط من المنطقة الشرقية إلى صفوف "الجيش الوطني الليبي" الذي شكله حفتر. في حزيران/يونيو 2014، تم انتخاب برلمان جديد جاءت أغلبيته مناوئة للإسلاميين الذين قاطعوه.
صورة من: Reuters
في نهاية آب/ أغسطس 2014 وبعد أسابيع من المعارك الدامية، سيطر ائتلاف "فجر ليبيا" الذي ضم العديد من الفصائل المسلحة بينها جماعات إسلامية، على العاصمة طرابلس وأعاد إحياء "المؤتمر الوطني العام"، البرلمان المنتهية ولايته. وتم تشكيل حكومة. وأصبح في ليبيا برلمانان وحكومتان.
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
في كانون الأول/ ديسمبر 2015 وبعد مفاوضات استمرت أشهراً، وقع ممثلون للمجتمع المدني ونواب ليبيون في الصخيرات بالمغرب، اتفاقاً برعاية الأمم المتحدة، وأُعلنت حكومة الوفاق الوطني. لكن لم تنل هذه الحكومة قط ثقة البرلمان في الشرق المدعوم من خليفة حفتر، ولم تتمكن من فرض سلطتها على القوى السياسية والعسكرية في البلاد.
صورة من: picture-alliance/AA/Jalal Morchidi
في السنوات التالية تنازعت سلطتان الحكم في ليبيا: في الغرب حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ طرابلس مقرا لها وتحظى باعتراف الأمم المتحدة، وسلطة موازية في شرقي البلاد بقيادة خليفة حفتر. جمع اجتماعان في باريس في عامي 2017 و2018 حفتر والسراج في محاولة للوصول إلى تسوية وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، بيد أنه لم يتم الالتزام بما اتفق عليه ومضت الحرب في طحن البلاد.
صورة من: picture-alliance/C. Liewig
في مطلع 2019، بدأت قوات حفتر بغزو الجنوب بدعم من القبائل المحلية، فسيطرت بلا معارك على سبها والشرارة، أحد أكبر الحقول النفطية في البلاد. ومن ثم تقدمت باتجاه طرابلس، حيث جوبهت بمقاومة عنيفة من القوات الموالية لحكومة الوفاق التي شنت بعد عام تقريباً هجوماً معاكساً وحققت تقدماً، لكن في حزيران/ يونيو 2020 هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ب"التدخل" العسكري في ليبيا في حال تقدم قوات الوفاق نحو سرت.
صورة من: Reuters
بعد فشل متكرر لإخراج ليبيا من الفوضى، أفضى حوار ليبي رعته الأمم المتحدة في جنيف في الخامس من شباط/فبراير 2021 إلى توقيع اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار "بمفعول فوري". ومن ثم جرى الاتفاق على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة موحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، نالت ثقة البرلمان في آذار/ مارس. ومهمة حكومة الدبيبة السير بالبلاد نحو تنظيم الانتخابات. وبذلك عاد الأمل المفقود باحتمال تحسن الوضع. إعداد: خالد سلامة