وصول أول مساعدات غذائية لدارفور منذ شهور وتحذير من مجاعة
٥ أبريل ٢٠٢٤
أعلن برنامج الأغذية العالمي عن وصول مواد إغاثة إلى إقليم دارفور غرب السودان لأول مرة منذ أشهر عبر حدود تشاد مؤكدا وصول أغذية يستفيد منها نحو 250 ألف شخص يواجهون الجوع الحاد، لكنه كرر التحذير من تفاقم كارثة الجوع بالبلاد.
إعلان
قال برنامج الأغذية العالمي اليوم الجمعة (الخامس من نيسان / أبريل 2024) إنه تفاوض على تسليم أول قافلتين من المساعدات الغذائية إلى منطقة دارفور بالسودان -بعد شهور من عدم تمكنهم من ذلك- وسط تحذيرات من مجاعة وشيكة ناجمة عن حرب تدور رحاها منذ عام وعدم إمكانية الحصول على مساعدات غذائية. وأثارت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع مجاعة واسعة النطاق في البلاد، بعد تدمير البنية التحتية والأسواق وتشريد أكثر من ثمانية ملايين شخص.
وبحسب البرنامج التابع للأمم المتحدة وصلت إلى مناطق في دارفور -في نهاية شهر آذار / مارس 2024- قافلتا مساعدات كانتا محملتين بمواد غذائية يستفيد منها نحو 250 ألف شخص يواجهون الجوع الحاد.
والجمعة في مؤتمر صحافي بجنيف قالت المتحدثة باسم البرنامج في السودان ليني كنزلي عبر الفيديو من نيروبي إن توزيع المواد الغذائية يجري الآن في ولايتي غرب ووسط دارفور. وتعد هذه الشحنات الأولى التي تدخل عبر الحدود منذ أن منعت السلطات الموالية للجيش دخولها من ناحية الحدود مع تشاد في شباط / فبراير 2024.
وقالت كنزلي خلال المؤتمر: "هناك قلق جسيم من أن عدم حصول شعب السودان على تدفق مستمر للمساعدات عبر جميع الممرات الإنسانية الممكنة.. سيؤدي الى تفاقم كارثة الجوع في البلاد". وتابعت إن "التوقف الموقت لممر المساعدات الممتد من تشاد، فضلاً عن القتال المستمر وعمليات الاستيضاحات (الأمنية) المطولة لدخول شحنات المساعدات والتهديدات الأمنية، جعلت من المستحيل على العاملين في المجال الإنساني العمل بالحجم المطلوب لتلبية احتياجات الجوع في السودان".
وأضافت كنزلي إنه "مع بدء موسم العجاف في غضون بضعة أسابيع، سوف يتزايد الجوع في السودان، وأكثر مخاوفنا هو أننا سنشهد مستويات غير مسبوقة من المجاعة وسوء التغذية تجتاح البلاد"، مشيرة إلى صعوبة الوضع في إقليم دارفور على وجه الخصوص. وأوضحت أن محصول الحبوب في دارفور كان أقل بنسبة 78 في المئة عن متوسط السنوات الخمس الماضية، في حين وصل الجوع في ولاية غرب دارفور إلى مستويات مثيرة للقلق. وأكدت أن الطريق من تشاد "حيوي إذا كان لدى المجتمع الإنساني فرصة لمنع المجاعة على نطاق واسع" في غرب دارفور.
وفي السياق نفسه وصلت قافلة مساعدات منفصلة إلى ولاية شمال دارفور قادمة من مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر -في أواخر آذار / مارس 2024- وقال البرنامج الأممي إن هذه المساعدات هي أولى الشحنات التي يتم نقلها عبر خطوط وجبهات القتال منذ ستة أشهر. وقالت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية مارغريت هاريس في المؤتمر الصحافي إن الاحتياجات الإنسانية في السودان بلغت مستويات قياسية. وتابعت "إنها كارثة صحية مستمرة".
قلق من مجاعة ما لم تتدفق المساعدات باستمرار عبر جميع الممرات
ومن المتوقع حدوث جوع كارثي، وهو مصطلح مستخدم على مستوى الأسر لوصف ظروف المجاعة -في الخرطوم وغرب دارفور اللتين شهدتا أعنف الهجمات وفقا لشبكة أنظمة الإنذار المبكر بالمجاعة- وكذلك في مناطق كثيرة أخرى في دارفور لاذ بها ملايين النازحين. وتمكنت قافلة تحمل 1300 طن من الإمدادات من الوصول عبر معبر أدري الحدودي مع تشاد إلى غرب ووسط دارفور، وهما منطقتان تشهدان بالفعل مستويات طارئة من الجوع بعد أن اجتاحتهما قوات الدعم السريع.
ومنع الجيش السوداني -في شباط / فبراير 2024- تسليم المساعدات عبر أدري بعد قوله إن قوات الدعم السريع تلقت دعما من الإماراتعبر تشاد. ورصدت تقارير لخبراء الأمم المتحدة أيضا هذا الدعم. وقال برنامج الأغذية العالمي -التابع للأمم المتحدة- إنه ليس متأكدا من إنْ كان سيتمكن من التفاوض على استخدام الطريق مرة أخرى. وفي أوائل آذار / مارس 2024 قال الجيش إنه سيسمح بتسليم المساعدات جوا وكذلك عبر معبر الطينة الحدودي إلى شمال دارفور، وهي الولاية الوحيدة من بين ولايات دارفور الخمس التي لم تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع. وقال برنامج الأغذية العالمي إن القافلة الثانية استخدمت هذا الطريق، واحتوت القوافل مجتمعة على أغذية تكفي 250 ألف شخص.
ويقول البرنامج إن أكثر من 18 مليون شخص يواجهون الجوع الحاد يحتاجون إلى مساعدة. وقال إيدي رو مدير البرنامج في السودان -في بيان اليوم الجمعة- في إشارة إلى أشهر الزراعة المقبلة: "أخشى أن نشهد مستويات غير مسبوقة -من الجوع وسوء التغذية- تجتاح السودان في موسم الجفاف هذا". وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) إن محصول حبوب الموسم السابق سجل نصف المستويات السابقة في حين ارتفعت أسعار بعض السلع إلى المثلين.
وأسفرت الحرب التي اندلعت في نيسان/أبريل 2023 بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ونائبه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو عن مقتل آلاف الأشخاص حتى الآن. وتسبب النزاع بكارثة إنسانية، إذ يحتاج حوالى 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليونا يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.
ع.م/ ع.ج (رويترز ، أ ف ب)
في صور: دوامة الصراع على السلطة في السودان..أبرز القوى السياسية والعسكرية
منذ سقوط نظام البشير تتصارع قوى سياسية وعسكرية على السلطة في السودان. وتسبب الصراع في عدم استقرار الأحوال بالبلاد على مدى سنوات، إلى أن اندلع القتال الأخير بين الجيش وقوات الدعم السريع. فما هي أبرز تلك الجهات المتصارعة؟
صورة من: Ebrahim Hamid/AFP/Getty Images
قوى "إعلان الحرية والتغيير"
وهي تجمع لعدد من التيارات والمكونات السياسية الإئتلافات المدنية السودانية، منها "تجمّع المهنيين" و "الجبهة الثورية" و "تحالف قوى الإجماع الوطني" و "كتلة التجمع الاتحادي" و "كتلة قوى نداء السودان".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
تأسيس "إعلان الحرية والتغيير"
تأسّست قوى الحرية في كانون الثاني/يناير 2019 خِلال الاحتجاجات التي اندلعت عام 2018 ضد حكم الرئيس السابق عمر البشير. قامت تلك القوى المعروفة اختصاراً باسم "قحت" بصياغة "إعلان الحرية والتغيير" و"ميثاق الحرية والتغيير" الذي دعا إلى إقالة البشير من السلطة وهو ما حدث في نيسان/أبريل عام 2019.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش يطيح باتفاق تقاسم السلطة
استمرت "قحت" في نشاطها ونظمت احتجاجات في وجه المجلس العسكري الذي حكم البلاد "نظريًا" بعد سقوط نظام البشير ثمّ دخلت في مرحلة مفاوضات مع الجيش حتى توصلت معه في 17 تموز/يوليو 2019 إلى خطة لتقاسم السلطة لكنها لم تصمد كثيراً، حيث أطاح الجيش السلطة المدنية واتُهم بتنفيذ "انقلاب".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
الجيش الحاكم الفعلي منذ استقلال السودان
الحاكم الفعلي للبلاد منذ إعلان الجمهورية عام 1956. يحتل المركز 75 عالمياً في قائمة أقوى جيوش العالم ويصل عدد أفراده إلى نحو 200 ألف جندي بين قوات عاملة واحتياط. لدى الجيش السوداني 191 طائرة حربية متنوعة بين مقاتلات وطائرات هجومية وطائرات شحن عسكري وطائرات تدريب ومروحيات هجومية. كما يمتلك 170 دبابة وآلاف المدرعات وأنواع مختلفة من المدافع وراجمات الصواريخ إلى جانب أسطول بحري صغير.
صورة من: Sovereignty Council of Sudan/AA/picture alliance
انقلاب الجيش على الحكومة المدنية
استولى الجيش في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على السلطة وأعلن حالة الطوارئ، منهياً اتفاق تقاسم السلطة بين المدنيين والعسكريين في خطوة وصفت بأنها انقلاب عسكري. تقول التيارات المدنية إن الجيش يرفض تسليم السلطة للمدنيين ما أدى لصدامات متعددة كان أبرزها ما سمى "بمجزرة القيادة العامة" في حزيران/يونيو 2019 وراح ضحيتها أكثر من 100 قتيلٍ في يومٍ واحد وتبرأ المجلس العسكري منها وأكد فتح تحقيقات بشأنها.
صورة من: Sudan Sovereignty Council Press Office/AA/picture alliance
الرجل القوي في الجيش السوداني
يقود الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان والذي برز اسمه في فبراير/شباط 2019، مع إعلان البشير ترقيته من رتبة فريق ركن إلى فريق أول. تولى العديد من المناصب داخل وخارج السودان. عقّدت الانقسامات بين قوات الدعم السريع والجيش جهود استعادة الحكم المدني. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلين القويين عبد الفتاح البرهان قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة ومحمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع ونائب البرهان.
صورة من: ASHRAF SHAZLY/AFP/Getty Images
قوات الدعم السريع..ميليشيات الجنجويد بالأمس
عمودها الأساسي ميليشيات الجنجويد وهي جماعات مسلحة كانت موالية للبشير، أثارت ذعراً شديداً منذ عام 2003 حين قامت بسحق تمرد في دارفور. اتهمت بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية. أضفى البشير الشرعية عليها لتتحول إلى "قوات الدعم السريع" وفق قانون أجازه المجلس الوطني في عام 2017". حصل قائدها محمد حمدان دقلو "حميدتي" على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
قوات الدعم السريع..الرجال والعتاد
يُقدر عدد أفراد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد ينتشرون في جميع أنحاء البلاد. تمتلك عدداً كبيراً من الأسلحة الخفيفة مثل البنادق والرشاشات والأسلحة المضادة للدروع والصواريخ الموجهة والمتفجرات اليدوية والأسلحة الثقيلة مثل المدافع والدبابات وآلاف من سيارات الدفع الرباعي وغيرها.
صورة من: Hussein Malla/AP/picture alliance
من هو محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع؟
"حميدتي" اللواء محمد حمدان دقل، هو تاجر جمال سابق وحاصل على قدر من التعليم الأساسي ويعد الرجل الثاني في السودان وأحد أثرى الأشخاص في البلاد. أدى دوراً بارزاً في السياسة المضطربة في السودان على مدى سنوات وساعد في إطاحة الرئيس البشير عام 2019، والذي كانت تربطه به علاقة وثيقة ذات يوم. تولى عدداً من أهم الملفات في السودان بعد سقوط البشير، بما في ذلك الاقتصاد المنهار ومفاوضات السلام مع جماعات متمردة.
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
"حميدتي" ..رجل من؟
يتمتع حميدتي بعلاقات دولية قوية مع عدة دول أجنبية مثل روسيا وإثيوبيا، وأخرى عربية منها السعودية والإمارات خاصة بعد أن أرسل قواته لدعمهما ضد الحوثيين في الحرب الأهلية اليمنية. يقول مراقبون إنه منذ سقوط البشير وهو يسعى ليصبح الرجل الأول في السودان.
صورة من: Russian Foreign Ministry Press Service/AP/picture alliance
كيانات التيار الإسلامي
وهي تنظيمات وتيارات وكيانات إسلامية متنوعة المشارب والاتجاهات، منها "حركة الإصلاح الآن" بقيادة غازي صلاح الدين العتباني وهو مستشار سابق للبشير، وأيضاً "الحركة الإسلامية السودانية" بقيادة حسن عمر و"منبر السلام العادل" و "حزب دولة القانون والتنمية".
صورة من: Mahmoud Hjaj/AA/picture alliance
موقف كيانات التيار الإسلامي
تقول قوى سياسية سودانية إن التيار الإسلامي في أغلبه يضم رموزاً من العهد السابق وأن أغلب مكوناته تنتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين. من جهتها تقول تلك التيارات الإسلامية إنها تعمل على حفظ السيادة الوطنية وجعل قيم الدين هي الحاكمة لجميع أوجه الحياة إضافة لإصلاح الشأن السياسي. إعداد: عماد حسن.