بعد تقارير جديدة عن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في الصين، خصوصا ضد أقلية الإيغور المسلمة، وجدت عدد من الشركات الألمانية الكبرى كفولكسفاغن وسيمنس نفسها في مواجهة انتقادات بشأن استثماراتها في الصين.
إعلان
في عام 2013 دشنت مجموعة فولكسفاغن الألمانية لصناعة السيارات مصنعا في مدينة أورومكي غرب الصين، كان الكثير من صناع القرار في الشركة على علم بالمخاطر المرتبطة بتلك الخطوة. اختيار عاصمة منطقة شينجيانغ الصينية ذات الحكم الذاتي، كموقع للمصنع، كان يحمل في حد ذاته احتمالات الإضرار بصورة الشركة وسمعتها.
وحينها انتشرت تقارير حقوقية تنتقد اضطهاد الحكومة الصينية للأقليات وانتهاكها الممنهج لحقوق الإنسان. وبالفعل طلبت شركة فولكسفاغن من بكين ضمان توظيف أقلية الإيغور المسلمة وغيرها من الأقليات الأخرى التي تعيش في تلك المنطقة.
بين التجارة وحقوق الانسان
عادت منطقة شينجيانغ لتحتل صدارة الأخبار العالمية، بعدما كشفت وثائق حكومية مُسربة، تفاصيل حول كيفية إدارة الصين لمراكز احتجاز عبر إحكام إقفال الأبواب وفرض رقابة دائمة على المحتجزين، ما يدحض الرواية الرسمية لبكين التي تصف تلك المواقع بـ"بمراكز تدريب". وأظهرت الوثائق التي حصل عليها "الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين" ونشرتها 17 وسيلة إعلامية عبر العالم، النظام الصارم المعتمد في مراكز الاحتجاز في شينجيانغ وتحكمها في تفاصيل حياة المحتجزين حيث يتم فرض رقابة صارمة على حوالي مليون من الإيغور وأقليات أخرى غالبيتهم من المسلمين.
وأثارت هذه التقارير موجة من الإدانات في العواصم الغربية، كما وضعت الشركات الألمانية التي استثمرت في تلك المنطقة تحت ضغط الرأي العام. فيما دعت منظمات حقوق الإنسان مثل هيومن رايتس ووتش الشركات الغربية إلى وقف مشاريعها في شينجيانغ. واعتبرت المنظمة أن تلك الشركات "قامت بوضع نفسها في موقف صعب"، كما يقول ماكس زنغلين، رئيس البرنامج الاقتصادي في معهد ميركاتور للدراسات الصينية، وهو مركز أبحاث مقره في برلين. وأضاف "من الصعب أخلاقيا تبرير القيام بأعمال تجارية في المنطقة"، حسبما نشرته صحيفة "هاندلسبلات" الاقتصادية الألمانية في عددها ليوم (الأربعاء 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019).
بكين اعتبرت وصف وسائل الإعلام الغربية "مراكز التعليم والتدريب المهني" في الصين بأنها "معسكرات اعتقال" عارٍ من الصحة وأن هدفها هو محاربة الفكر المتشدد ومنع انتشار الإرهاب والتطرّف الديني.
حرج الشركات الألمانية!
وفي رد فعلها على الانتقادات، أكدت فولكسفاغن أنها ليست على علم بأي اضطهاد للأقليات في مصنع سياراتها في شينجيانغ. وقال متحدث باسم الشركة "نفترض أنه لا يوجد موظف يعمل تحت الإكراه". واستطرد أنه سيتم توظيف العمال المؤهلين، بغض النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي.
من جهته، أكد مجلس عمال شركة فولكسفاغن (وهو هيئة تدافع عن حقوق ومصالح الموظفين) تلك المعلومات، مؤكدا أن ممثلين عنه يزورون مصنع شينجيانغ بانتظام بما في ذلك زيارة تفقدية هذا العام "في محادثات مع الزملاء ومع ممثلي الإدارة، لم يتلق الوفد أي دليل على العمل تحت الإكراه أو التمييز ضد الأقليات في الشركة".
ولا تتمتع منطقة شينجيانغ، بالمقارنة مع شنغهاي أو بكين، بنفس مستوى التطور الاقتصادي وهو ما دفع الحكومة الصينية لتشجيع الشركات على الاستثمار فيها خلال السنوات الأخيرة. غير أن عددا من المراقبين يرون أن تواجد الشركات الغربية في تلك المنطقة يبدو كورقة توت يسعى من خلالها النظام الشيوعي الصيني إلى إخفاء إجراءاته القمعية ضد الأقليات الدينية والعرقية هناك.
أعمال فريدة من نوعها للفنان العالمي آي وي وي
يحتفل الفنان الصيني المثير للجدل آي وي وي هذا العام بعيد ميلاده الستين. ورغم تركيز معظم أعمال هذا الفنان على قضايا اللاجئين، إلا أنه يتناول أيضاً قضايا حساسة أيضاً. إليكم عشرة أعمال مميزة قام الفنان بإنجازها.
صورة من: Reuters
قام الفنان والناشط السياسي الصيني آي وي وي بإنجاز عمله الفني "قانون الرحلة"، الذي يصور قصة اللاجئين الذين جاؤوا على متن القوارب المطاطية. يُعرض هذا العمل في المعرض الوطني بمدينة براغ، وقد انتقل آي وي وي في عام 2015 للعيش في برلين، ويعمل على إنجاز مجموعة من الأعمال تتعلق بمعاناة اللاجئين، وغالباً ما يجتمع بهم بشكل شخصي في جزيرة ليسبوس اليونانية أو في قطاع غزة الفلسطيني.
صورة من: picture-alliance/dpa/CTK/R. Vondrous
رفضت شركة "ليغو" تسليم آي وي وي طلبية من أحجار الليغو بحجج سياسية الطابع، ولهذا عبر ملايين المناصرين له عن احتجاجاتهم على تصرف الشركة. استخدم وي وي أحجار الليغو في عمل فني يتناول قضايا حرية التعبير، وتظهر الصورة جانباً من سجن "ألكاتراز" الأمريكي المهجور وأكثر من 175 لوحة لناشطين سياسيين أمثال إدوارد سنودن - الموظف لدى وكالة الأمن القومي الأمريكية والزعيم الجنوب إفريقي الراحل نيلسون مانديلا.
صورة من: Getty Images/J. Sullivan
خلال فعاليات مهرجان برلين لعام 2015 قام الفنان آي وي وي بتقديم توجيهاته بشأن إخراج الفيلم الذي يُصور طبيعة علاقته مع طفله "آي لاو" ذي الست سنوات والذي يعيش مع والدته في العاصمة برلين. وقد أعطى الفنان توجيهاته المتعلقة بعملية إخراج الفيلم القصير بواسطة الأقمار والصناعية وخدمة المحادثة "سكايب".
صورة من: picture-alliance/dpa/L. Schulze
سُمِحَ للفنان آي وي وي لأول مرة بإقامة معرض فردي في العاصمة الصينية بكين في شهر يونيو/ حزيران 2015، وكانت تلك البادرة بمثابة دلالة على تخفيف قبضة الحكومة على قضيته. ورغم تجنب الفنان الخوض في قضية ذات طابع سياسي في هذه المعرض، عمدت السلطات الصينية إلى تقديم موعد افتتاح المعرض لأنها لا ترغب بافتتاحه قبل الرابع من يونيو/ حزيران الذي يُصادف الذكرى السنوية لمذبحة ساحة "تيانانمين" عام 1989.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/Ng Han Guan
هذه الصورة تظهر جزءاً من عمل فني مشهور يتألف من الملايين من بذور نبات عباد الشمس التي تبدو حقيقية بشكل يخدع البصر. قام مئات الفنانين بصنع هذه البذور من الخزف. يصاحب العمل جملة "صُنعَ في الصين"، الذي يُشير أيضاً إلى الأسلوب الوحشي الذي سلكته الثورة الثقافية بين عامي 1966 و1976، والتي قادها الزعيم الصيني ماو تسي تونغ، إذ كانت صور بذور عباد الشمس إبان تلك الحقبة تُستَخْدَم عادة في الحملات الدعائية.
صورة من: L. Gene/AFP/Getty Images
هناك عدة نسخ للأبراج الفلكية الصينية، منها رؤوس الحيوانات، التي تتضمن رؤوساً لاثني عشر حيواناً تُشكل بروج السنة الصينية التقليدية. تعرضت التماثيل للسرقة والتدمير على يد القوات الفرنسية والبريطانية عقب تراجع القوات الإمبراطورية الصينية في عام 1850. وقد عرض أحدها في مزاد علني وبِيعَ بمبلغ وصل إلى ثلاثة ملايين وأربعمائة ألف جنيه إسترليني.
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Arrizabalaga
في العام الماضي أقام الفنان آي وي وي معرضاً ضخماً في العاصمة الألمانية برلين. وقد تمكن الفنان من إقامة هذا المعرض دون أن يُغادر الصين، إذ قما بجمع 6000 مقعد جاء بها من الصين ووضعها في صالة تابعة لمتحف "مارتن غروبيوس باو". هذه المقاعد كانت قد استخدمت طيلة قرون عديدة في الريف الصيني، ويرى الفنان أن هذه المقاعد تُمثل رمزاً لاختفاء التقاليد الريفية في الصين.
صورة من: Johannes Eisele/AFP/Getty Images
لُقِبَ معرض برلين بمعرض الأدلة القضائية، ويتضمن عملاً يظهر جهاز كمبيوتر وأقراص صلبة تابعة للفنان آي وي وي والتي قامت السلطات الصينية بمصادرتها عقب اعتقاله في عام 2011. وقد عمد الفنان إلى استخدام مواد متوفرة في الاستوديو الذي سُمِحَ للفنان ببنائه في مدينة شنغهاي. لكن بمجرد انتهائه من بناء الاستوديو، قامت السلطات الصينية بهدمه لمعاقبته على انتقاده لسياسة الحكومة الصينية.
صورة من: Getty Images
تتزايد عملية امتلاك السيارات الخاصة في الصين ويترافق ذلك بتراجع استخدام الدراجات الهوائية، وغالباً ما يُلقى اللوم على عاتق راكبي الدراجات الهوائية في شتى أنواع حوادث السير. استخدم آي وي وي في هذا العمل الفني 150 دراجة، وذلك ليحيي ذكرى المواطن يانغ جيا، وهو أحد سكان بكين الذي اعتقل لركوبه دراجة غير مرخصة. وأثناء احتجازه تعرض يانغ للضرب كما اتهم بقتل ستة من رجال الشرطة وحُكم عليه بالإعدام.
صورة من: Getty Images
غالباً ما يضع آي وي وي صوره على شبكة الإنترنت، مثل هذه الصورة التي يضع فيها قناعاً واقياً من الغازات. يشكل موضوع تلوث الهواء مصدراً أساسياً للاحتجاج في الصين، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي تُشكل جزءاً أساسياً لا يمكن له أن يستغني عنه وهو أيضاً يُمكنه من التواصل مع أعداد كبيرة من جمهوره. حاز الفنان عام 2015 على جائزة منظمة العفو الدولية ومُنِح جائزة "سفير الضمير" المرموقة.
إليزابيث غرينييه/ غ.د
صورة من: Reuters
10 صورة1 | 10
فولكسفاغن تدافع عن نفسها
تبلغ القدرة الانتاجية لمصنع فولكسفاغن في أورومكي حوالي 50 ألف سيارة سنويًا. كما أن 25 في المئة من العاملين في الشركة (من أصل 650) ينتمون للأقليات، وفقا لمتحدث باسم فولكسفاغن. وتسعى الشركة إلى إظهار حسن نيتها بالتزامها بقواعد العمل التي تسري على جميع مصانعها عبر العالم. غير أن المنتقدين يرون أنها استثمرت في منطقة شينجيانغ بضغط من بكين، مقابل فرص استثمارية أفضل في مواقع انتاج صينية أفضل. غير أن الشركة نفت ذلك وأكدت أن "فولكسفاغن اختارت المصنع في أورومكي وفقا لاعتبارات اقتصادية بحتة".
المنظمات الحقوقية من جانبها زادت من ضغوطها، معتبرة أن الأمر يتعلق بأكبر معسكرات اعتقال جماعية لأقلية عرقية دينية منذ الحرب العالمية الثانية. ويقدر الخبراء أن أكثر من مليون شخص محتجزون في شينجيانغ . وتعتبر تلك المنظمات أن الاستثمار في المنطقة يخدم بالدرجة الأولى سياسة الحزب الشيوعي القمعية.