وظيفة جديدة ـ التعاون الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب
٨ أغسطس ٢٠١١بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول 2001، ظل التعاون الأوروبي في مجال مكافحة الإرهاب طويلاً مجرد مطالبات أكثر منه حقيقة واقعة. ولم يبدأ الاتحاد الأوروبي في اتخاذ إجراءات ملموسة، إلا بعد أن تم تفجير قنابل في قطارات بمدريد، أودت بحياة حوالي 200 شخص في مارس/آذار 2004. بعد هذا الهجوم الإرهابي، قام الاتحاد الأوروبي بتعيين منسق لمكافحة الإرهاب، ووقع الاختيار على الهولندي غيس دي فريس. ولخص فريس مهامه على النحو التالي: "إن تبادل المعلومات أمر هام جداً. ومن خلال اليوروبول، نسمح للشرطة بالتعاون وتبادل المعلومات. ويمكن للنائب العام في دولة أن يتعاون مع نظرائه في الدول الأخرى عبر اليوروجست". بالإضافة إلى ذلك، لابد من سن قوانين لمكافحة تمويل الإرهاب، وهو أمر يحتاج للتعاون الدولي حسبما أكد دي فريس عند توليه منصبه قبل سبع سنوات.
موت بن لادن لا يغير الكثير
لكن التعاون وتكثيف المراقبة لم يحل دون وقوع هجوم إرهابي كبير آخر في مترو الأنفاق في لندن في يوليو/تموز عام 2005، ولقي أكثر من خمسين شخص حتفهم إثر هذا الحادث. ومنذ ذلك الحين أصبحت الأوضاع أكثر هدوءاً في أوروبا، لكن أجهزة الشرطة والاستخبارات تعتقد أنها تمكنت بالفعل من منع عدد من الهجمات المخططة. وفي باريس، هناك مركز عمليات خاص لتنسيق العمل بين أجهزة المخابرات الأوروبية الكبرى ووكالة المخابرات الأمريكية سي. أي.إيه. وعلى رأس القائمة، يتم على سبيل المثال تداول المعلومات الخاصة بالإسلامويين المتشددين ممن يحملون جنسيات أوربية.
لكن البلجيكي جيل دي كيرشوف، الذي خلف دي فريس في منصب منسق مكافحة الإرهاب، طالما حذر من الشعور الزائف بالأمان، حتى بعد وفاة زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وأكد دي كيرشوف في تصريحات أن قلب منظمة القاعدة الواقع بين أفغانستان وباكستان يتعرض لضغوط شديدة أضعفته على مدى أعوام، مشيراً إلى أن موت بن لادن ساهم في إضعاف القاعدة أكثر. لكنه أضاف من ناحية أخرى أن "بن لادن كان رمزاً، وهذا الرمز لن يختفي بين عشية وضحاها".
مكافحة الإرهاب على حساب حقوق المواطنين
من ناحية أخرى كانت هناك منذ بداية الأمر أصوات تنتقد التدابير الأوروبية لمكافحة الإرهاب، سواء الكاميرات المنتشرة في عدد من الأماكن العامة أو الإجراءات الأمنية المشددة في المطارات، وخاصة كانت هناك انتقادات لرصد وتخزين بيانات حركة الاتصالات، حيث يرى العديد من الناس أن الأمر بذلك يتعدى حدوده ويحد من حرية الأفراد. يان فيليب ألبرشت، ممثل حزب الخضر في البرلمان الأوروبي، دعا إلى مراجعة عامة لتلك الإجراءات قائلاً: "علينا التحقق من فعالية تدابير مكافحة الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي، وتصحيح أو إلغاء تلك التدابير التي قد تكون اتخذت في خضم المعركة أو بشكل سريع، مثل حفظ بيانات الاتصالات السلكية واللاسلكية دون اشتباه ودون خطر ملموس".
الموازنة بين ضمان الأمن والخصوصية الفردية
الجدل عادة ما يدور حول التوازن بين ضمان الأمن وحماية الخصوصية وحرية الأفراد. لكن دي كيرشوف لا يجد تناقضاً بين الأمرين، ويشدد على ضرورة جمع المزيد من المعلومات والبيانات لأن "نوع الخطر تغير". حسب دي كيرشوف، تكمن المشكلة في أن المشتبه بهم غير معروفين من جانب الشرطة أو أجهزة المخابرات، ولذلك فمن الضروري فحص الرحلات المشتبه فيها والسلوك المشتبه به وطرق الدفع المشتبه بها والمكالمات الهاتفية المشتبه بها. ويضيف منسق مكافحة الإرهاب: "لكننا في الوقت نفسه بحاجة إلى تحسين عملية حماية البيانات، فنحن بحاجة إلى بذل الجهد في الاتجاهين على حد السواء".
ويعتبر دور دي كيرشوف الرئيسي هو التنسيق بين السياسات الأمنية الوطنية. ووفقاً لمعاهدة لشبونة، ستخول المفوضية الأوروبية بالكثير من اختصاصات وظيفته، لكنه لا يعتقد أن وظيفته ستلغى، ويعتقد أن التنسيق مازال ضرورياً.
كريستوف هاسيلباخ/سمر كرم
مراجعة: عبده جميل المخلافي