وفاة "حارس النظام" في الجزائر الفريق أحمد قايد صالح
٢٣ ديسمبر ٢٠١٩
أعلن عن وفاة رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح أحد أعمدة النظام الجزائري منذ 1962، إثر سكتة قلبية، فيما عين الرئيس الجزائري قائد القوات البرية اللواء سعيد شنقريحة خلفا له بالنيابة. وهذه نبذة عن حياة القايد صالح.
إعلان
أفادت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية اليوم (الاثنين 23 ديسمبر/ كانون الأول 2019) بأن الرئيس عبد المجيد تبون قرر إعلان حداد وطني لمدة ثلاثة أيام، إثر وفاة نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح عن عمر ناهز 80 عاما إثر سكتة قلبية ألمت به في بيته.
وشغل الفريق احمد قايد صالح منصب رئيس أركان الجيش لمدة 15 سنة، وهي مدة قياسية، أصبح منذ نيسان / أبريل، يظهر بوصفه الرجل القوي في الجزائر، الحازم في مواجهة الحركة الاحتجاجية، الى درجة يبدو كحارس لـ"النظام" الحاكم منذ الاستقلال.
هو من مواليد عام 1940 في باتنة (300 كيلومتر جنوب شرق الجزائر العاصمة). وأمضى قايد صالح نحو ستة عقود داخل الثكنات العسكرية ويكاد لا ينزع بدلته العسكرية.
ما الذي سيحدث إذا أصر النظام الجزائري على تمرير الانتخابات؟ #مسائيةDW_
01:08
التحق قايد صالح بصفوف جيش التحرير الوطني وعمره 17 سنة لمقاومة الاحتلال الفرنسي، حتى أنه يعد من آخر المحاربين القدامى، الذين شاركوا في حرب التحرير (1954-1962) في الجيش الوطني لما بعد الاستقلال.
وبعد الاستقلال في 1962، تابع تدريبا عسكريا في أكاديمية سوفياتية. وبعد أن قاد عدة نواح عسكرية، ترقى في الرتب إلى أن بلغ رتبة لواء حيث تم تعيينه رئيسا لأركان القوات البرية في خضم الحرب الأهلية (1992-2002) بين الجيش والاسلاميين المسلحين.
وفي عام 2004، ومع بلوغه سن التقاعد اختاره بوتفليقة الذي أعيد انتخابه حينها، لخلافة رئيس الأركان، الفريق محمد العماري، الذي دفع مع جزء من القيادة العليا العسكرية ثمن معارضته ترشح الرئيس لولاية ثانية.
واحتفظ بوتفليقة طوال حكمه بمنصب وزير الدفاع في الحكومة لنفسه، إضافة إلى أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة بقوة الدستور.
وبعد أن أصبح نائبا لوزير الدفاع في 2013، ساعد قايد صالح الرئيس بوتفليقة على تفكيك جهاز الاستخبارات المتمثل في دائرة الاستعلام والأمن التابعة إداريا لوزير الدفاع والمعروفة بانها "دولة داخل دولة". ثم قام بإبعاد مديرها القوي الفريق محمد مدين سنة 2015.
وبإضعاف الاستخبارات وإسقاط عبد العزيز بوتفليقة وسجن حاشيته ضمن حملة لمكافحة الفساد شجعها قايد صالح، أصبحت قيادة الجيش منذ نيسان / أبريل 2019 ، تقود البلاد بمفردها.
من فارس إلى بوتفليقة.. تعرّف على أبرز رؤساء الجزائر
ترأس الجزائر، منذ استقلالها وإلى الآن، 12 رئيساً، بعضهم لم يتعد حكمهم بضعة أشهر، وبعضهم انتخبوا لأكثر من مرة، بعضهم لم يخف أبدا انتماءه للجيش، والبعض الآخر أصرّ على مساره المدني. نتعرّف على ثمانية من أبرزهم.
صورة من: Getty Images/AFP
عبد الرحمن فارس
قليلاً ما يذكر اسمه لكونه جاء في فترة انتقالية قبل وبعد الاستقلال، فضلاً عن أن منصبه لم يسمّ رسمياً رئيس الدولة، إذ ترأّس الهيئة التنفيذية المؤقتة التي شُكلّت بتفاوض جزائري-فرنسي في مارس/ آذار 1962، لأجل المساهمة في الإشراف على انتخابات تقرير المصير. بقي في هذا المنصب بعد أسابيع من الاستقلال، إلى أن تم انتخاب فرحات عباس، رئيساً لأول مجلس تشريعي، الذي اعتبر الرئيس الثاني للجزائر المستقلة.
صورة من: Getty Images/INA/G. Breemat
أحمد بن بلة
يعدّ أول رئيس منتخب في الجزائر، وأوّل من حاز التسمية رسميا في أكتوبر/ تشرين الأول 1963، لكنه لم يكمل السنتين من حكمه. نال شعبية كبيرة لدوره في حرب الاستقلال إذ كان ممثلا لجبهة التحرير الجزائرية في الخارج. شهدت فترته صراعات سياسية كبيرة، ووُجهت له انتقادات بالاستئثار بالسلطة، كما توترت علاقته مع هواري بومدين، ما انتهى إلى انقلاب الجيش عليه.
صورة من: AP
هواري بومدين
شغل المنصب في يونيو/ حزيران 1965 بانقلاب عسكري مبرّره "التصحيح الثوري" وبقي فيه إلى وفاته في سن مبكرة (46 عاما) نهاية عام 1978. اسمه الحقيقي محمد بوخروبة، يعدّ أحد أكثر رؤساء الجزائر شعبية في العالم العربي خاصة تبنيه فكرة تشجيع الحركات التحررية وتضامنه مع الفلسطينيين. أطلق عدة برامج اقتصادية وسياسية لبناء الدولة، رغم الانتقادات الموّجهة له بتبنّي نظام سلطوي والاعتماد على مؤسسة الجيش.
صورة من: Getty Images/AFP
الشاذلي بن جديد
انتخب منسق شؤون وزارة الدفاع، الشاذلي بن جديد، خلفا لبومدين، واستمر من عام 1979 إلى 1992 بعد إعادة انتخابه مرتين متتاليتين. عانت الجزائر في نهاية عهده من أزمات اقتصادية بسبب تدهور أسعار النفط، ومن صراعات سياسية حاول تجنبها بإقرار دستور جديد والتعددية السياسية. لكنه استقال منصبه بعد انتخابات 1991 التي فاز فيها الإسلاميون وتدخل الجيش لإلغاء نتائجها، ما كان مقدمة لما يسمى بـ "العشرية السوداء".
صورة من: Getty Images
محمد بوضياف
أحد رجالات الثورة، لكنه أجبر على المنفى بعد خلافاته مع بن بلة ومن بعده بومدين. كان يعيش في المغرب عندما لبّى دعوة الاضطلاع برئاسة المجلس الأعلى للدولة بداية 1992. لكنه اغتيل بعد حكمٍ لم يدم سوى خمسة أشهر ونصف. وُجه الاتهام لضابط قيل إنه متعاطف مع الإسلاميين، لكن مراقبين قال إن الاغتيال كان مدبرا من جهات أعلى، خاصة مع إعلان بوضياف الحرب على الفساد غداة تعيينه.
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/Getty Images
علي كافي
اختير خلفاً لبوضياف نظرا لمساره العسكري والسياسي في جزائر ما قبل وبعد الاستقلال وقيادته الأمانة العامة لمنظمة المجاهدين (مقاومي الاستعمار). لم تكن بصمته حاضرة كثيراً، كما لم يستطع وقف حمام الدم في البلاد إلى حين تسليمه السلطة لخلفه اليمين زروال في يونيو 1994، لكن مذكراته التي صدرت بعد سنوات من التزامه الصمت أثارت جدلا في البلد لتطرقها إلى فترة الثورة.
صورة من: Getty Images/Gamma-Rapho
اليمين زروال
وزير الدفاع الذي عُيّن خلفاً لعلي كافي. أضفى "شرعية سياسية" على منصبه، بعد انتخابه رئيسا للبلاد في نوفمبر/ تشرين الثاني 1995. فتح في البداية قنوات حوار مع جبهة الإنقاذ الإسلامية، لكن العملية فشلت. صدر في عهد زروال دستور جديد للبلاد، قبل أن يعلن عدم نيته الترشح لانتخابات 1999، بعد إخفاقه في وقف مجازر "العشرية السوداء".
صورة من: Getty Images/Corbis/Sygma/P. Robert
عبد العزيز بوتفليقة
انتُخب في أبريل/ نيسان 1999. هو وزير الخارجية بين عامي 1963 و1979. قدم أول ترشح له للرئاسة بصفته مرشحا مستقلا. شهدت سنواته الأولى شعبية كبيرة لمساهمته في إصدار قانون المصالحة الوطنية وبالتالي إنهاء الحرب الأهلية، لكن شعبيته تراجعت بعد تعديل الدستور لتمكنيه من ولاية رئاسية ثالثة. رغم إصابته بجلطة دماغية عام 2013، إلا أنه انتخب لولاية رابعة، فضلاً عن ترشحه لولاية خامسة.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Kramdi
8 صورة1 | 8
وفي رأي فلافيان بورات، الباحث في معهد البحوث الاستراتيجية التابع للمدرسة العسكرية بباريس فإن قايد صالح كان يحقق نسبيا الاجماع داخل الجيش، "فهو لا يملك شخصية قوية وليس سياسيا على الإطلاق".
وبعد فترة كان فيها محبوبا لدى المحتجين بفضل دوره في تعجيل رحيل بوتفليقة، أصبح بعدها مذموما في التظاهرات لرفضه إقامة مؤسسات انتقالية يطالب بها الحراك الشعبي تمهيدا لقطيعة نهائية مع "النظام" الذي تُعد القيادة العسكرية هرمه. كما أنه رفض تقديم أي تنازل تجاه الحركة الاحتجاجية، التي تعرضت للقمع من خلال سجن المتظاهرين والناشطين والصحافيين.
وبحسب مصعب حمودي، الباحث وطالب الدكتوراه في كلية الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية في باريس، فإن قايد صالح لم يكن استراتيجياً فذّا، فقد كان يتصرف كعسكري محض، والجزائر بالنسبة له كانت "ثكنة كبيرة"، وتقديم تنازلات هو نقطة ضعف. وكان رأيه "أنا أعطي الأوامر وعليهم التطبيق" بدون أي فرصة للنقاش". وأضاف "إنه شخص محبط (...) يتصرف باندفاع بدون تفكير وبدون استشارة ".
وقايد صالح هو من حدد الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية التي لاقت رفضا شعبيا كبيرا وتم إثرها انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجزائر، خلفا لعبد العزيز بوتفلقيلة.