وفاة شابين في طائرة- محاولات الهجرة السرية تتعاظم في الجزائر
٨ يونيو ٢٠٢٢
بعد مأساة غرق قارب قبل شهر ومقتل 11 شخصا على الأقل، تعيش الجزائر مأساة جديدة بعد وفاة شابين في طائرة أثناء محاولتهما الهجرة، ما يثير أسئلة كثيرة حول أسباب الهجرة للشباب الجزائري.
إعلان
تستمر في الجزائر تداعيات اكتشاف جثتي شابين في أحد أجزاء طائرة تابعة للخطوط الجزائرية، كانا يقومان بمحاولة الهجرة إلى إسبانيا، إذ قررت وزارة الداخلية الجزائرية إنهاء مهام سبعة مسؤولين أمنيين كبار، وذلك بأمر من رئيس البلاد عبد المجيد تبون.
ويتعلق الأمر بمدير شرطة الحدود، ونائب مدير شرطة الحدود الجوية، ومدير شرطة حدود مطار الجزائر الدولي، ورئيس وحدة أمن الطائرات، ورئيس وحدة أمن ومراقبة مطار الجزائر، ورئيس مفوضية الأمن بالمطار، والمسؤول عن سلامة أرضية المطار، وتم تعيين مسؤولين جدد.
الشابان يتراوح عمرهما بين 20 و23 عاما، ووجدا ميتين على طائرة كانت متوقفة على أرضية مطار هواري بومدين الدولي. ويأتي الحادث بعد أشهر قليلة على تسلل قاصر جزائري إلى طائرة جزائرية من مطار قسنطينة، ولم يتم اكتشافه إلا بعد وصول الطائرة إلى وجهتها، مطار شارل ديغول في باريس.
وكتب المعارض السياسي الجزائري شوقي بن زهرة أن "الحرڨة (الهجرة غير الشرعية) الجوية هي الطريقة الجديدة للهروب من جحيم الجزائر"، متحدثا عن أن عملية هروب الشباب تستمر برا وبحرا وجوا.
وكانت واقعة الطفل أيمن، الذي يبلغ من العمر 16 عاما، قد أثارت ضجة كبيرة، خصوصا بعد تمكنه من الصمود في وجه البرد وبقائه حيا لما يصل إلى ساعتين ونصف تقريباً من الطيران الجوي، رغم وجوده في مكان خطير للغاية بسبب انخفاض درجة الحرارة في الجو.
وتسببت الواقعة بانتقادات كبيرة للمسؤولين عن أمن مطار قسنطينة، إذ تمكن القاصر من تجاوز عدة محطات للمراقبة ودخل الطائرة. وتساءل معلقون عن مدى نجاعة المراقبة الأمنية، وأن الحظ هذه المرة كان إلى جانب السلطات، إذ تعلق الأمر بمحاولة للهجرة، بقي صاحبها على قيد الحياة، وليس تسلل عنصر يهدّد أمن ركاب الطائرة وبقية مستخدمي المطار.
وأتى الجزائريون في المركز الأول للواصلين إلى إسبانيا بشكل غير نظامي عام 2021، وأُحصِي حوالي 10 آلاف جزائري وصلوا إلى إسبانيا بحرا، وذلك بالإضافة إلى وجود عدد من الجزائريين الذين سافروا إلى إسبانيا بشكل شرعي وقررّوا البقاء هناك رغم انتهاء مدة تأشيراتهم.
وما يدق ناقوس الخطر هو أن عام 2021 عرف ارتفاعا كبيرا في وفيات المهاجرين وطالبي اللجوء سواء في البحر المتوسط أو المحيط الأطلسي، الراغبين في الوصول إلى أوروبا، ووفق تقرير للمفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين، فقد قُتل 3077 خلال محاولة الهجرة غير النظامية، مقابل 1544 عام 2020.
وعاشت الجزائر قبل شهر مأساة غرق قارب ومقتل 11 جزائريا من بين 16 راكبا، بينهم أطفال. وكشف تقرير رسمي جزائري أن السلطات فككت 400 شبكة لتهريب المهاجرين نحو أوروبا خلال عامي 2020 و2021.
ورغم كون الجزائر مصدرة للنفط والغاز وتزايد أهميتها بعد الغزو الروسي لأوكرانيا وحاجة أوروبا إلى موّرد للطاقة، إلّا أن ذلك لا ينعكس كثيرا على واقع الشباب الجزائري، إذ وضع حوالي مليون جزائري طلبا للحصول على منحة العطالة، وهي منحة أقرها الرئيس الجزائري على شكل راتب شهري بقيمة 90 دولارا، في بلد تقول الأرقام الرسمية إن نسبة البطالة تصل إلى 11.5 بالمئة، وهو رقم لا يحظى بتأييد شعبي.
ويزيد البرود السياسي من صعوبة التعاون الجزائري- الإسباني في مجال مواجهة الهجرة غير النظامية، وذلك بسبب رفض الجزائر لموقف الحكومة الإسبانية الأخير المتعلق بنزاع الصحراء الغربية، عندما أيدت إسبانيا المقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي، وأعلنت الجزائر مؤخرا عن تعليق فوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون مع إسبانيا، وهي المعاهدة التي أبرمت عام 2002.
ع.ا
الهجرة غير الشرعية.. مواقف وأوضاع شركاء أوروبا بشمال أفريقيا
تكثف دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً مساعيها من أجل كبح جماح الهجرة غير الشرعية نحو أراضيها، وذلك من خلال عقد شراكات وثيقة مع دول شمال أفريقيا، لكن كيف هي أوضاع ومواقف هذه الدول من أزمة اللاجئين والهجرة غير الشرعية؟
صورة من: Abdelhak Senna/AFP/GettyImages
مصر: بلد عبور يثير القلق
في السنوات الأخيرة تحولت مصر إلى أحد بلدان العبور إلى أوروبا المثيرة للقلق. ولا توجد أرقام دقيقة من جانب السلطات المصرية عن أعداد اللاجئين والمهاجرين السريين، الذين انطلقوا من السواحل المصرية على متن قوارب الصيد. لكن بحسب الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، فقد انطلقت عام 2016 نحو ألف سفينة تهريب بشر من مصر. كما شكلت مصر كابوساً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عام 2016.
صورة من: picture-alliance/dpa
مصر: موقف متحفظ
أثار قرار إقامة مراكز لجوء أوروبية في دول شمال افريقيا، بينها مصر انتقادات المنظمات الحقوقية التي تعنى بشؤون اللاجئين، و تتهم هذه المنظمات نظام عبد الفتاح السيسي بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وأبدت مصر عن موقف متحفظ إزاء إقامة أوروبا مراكز لاستقبال اللاجئين على أراضيها. في المقابل يُشاع أن مصر تسعى للدخول في مساومة مع أوروبا لمنع تدفق المهاجرين إلى أوروبا مقابل مساعدات مالية.
صورة من: DW/M. Hashem
ليبيا: هاجس بدون حل
تعد ليبيا واحدة من أهم دول عبور المهاجرين واللاجئين السريين نحو أوروبا. ظلت موجة الهجرة المتدفقة من هذا البلد تمثل هاجساً للزعماء الأوروبيون، الذي لم ينجحوا لحد الآن في إيجاد حل له. في عام 2008 اُبرم اتفاق أوروبي ليبي لمكافحة الهجرة مقابل 500 مليون دولار. وكان الزعيم الليبي معمر القذافي قد تنبأ بتدفق ملايين المهاجرين لأوروبا وطالب آنذاك بروكسل بدفع خمسة مليارات يورو سنويا لليبيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
ليبيا: موقف رافض
في عام 2017 وصل حوالي 150 ألف مهاجر إلى أوروبا عبر المتوسط. و من أجل كبح جماح هذا التدفق اتفق زعماء الاتحاد الأوروبي على خطة جديدة وكان أهم مقترحاتها إقامة مراكز خارجية لاستيعاب المهاجرين في دول شمال أفريقيا. وقوبل هذا المقترح الأوروبي بالرفض من أغلب دول شمال أفريقيا، بينها ليبيا، التي أعلنت رفضها لأي إجراء يتعلق بإعادة المهاجرين السريين إليها.
صورة من: AP
تونس: ارتفاع عدد الرحلات غير الشرعية
بالرغم من تشديد الحكومة اليمينية الشعبوية في إيطاليا ودول الاتحاد الأوروبي من استقبال قوارب المهاجرين ومراكب المنظمات الناشطة لإنقاذ المهاجرين في البحر، إلا أن الفترة الأخيرة شهدت موجة رحلات هجرة غير شرعية انطلقت من السواحل التونسية باتجاه ايطاليا. فبحسب أرقام للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية، فإن 3811 مهاجرا تونسيا سري وصلوا السواحل الإيطالية هذا العام حتى نهاية آب/أغسطس.
صورة من: DW
تونس: رفض معسكرات المهاجرين
لا يختلف موقف تونس عن موقف دول شمال أفريقيا الرافضة لقرار تقديم الاتحاد الأوروبي المزيد من الدعم المالي لدول شمال أفريقيا مقابل المساعدة في التصدي للهجرة غير الشرعية من خلال إقامة معسكرات للمهاجرين.
صورة من: dapd
الجزائر: أكبر دول المنطقة
الجزائر هي أكبر دول منطقة شمال افريقيا، التي يعبرها المهاجرون باتجاه البحر المتوسط نحو أوروبا. ولا توجد إحصاءات رسمية جزائرية بشأن عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين، غير أن تقريرا نشرته في عام 2015 منظمة "ألجيريا ووتش" (غير حكومية)، استنادا إلى الوكالة الأوروبية لمراقبة الحدود "فرونتكس"، وضع الجزائر في المرتبة التاسعة بين الدول المصدرة للهجرة غير الشرعية عبر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي .
صورة من: picture-alliance/dpa/F. Batiche
الجزائر ترفض مراكز الاستقبال
تتعاون الجزائر مع الاتحاد الأوروبي في ملف الهجرة غير الشرعية، وذلك عن طريق إعادة المهاجرين السريين القادمين من دول جنوب الصحراء إلى وطنهم، إذ رحلت خلال الأربع والخمس سنوات الماضية حوالي 33 ألف مهاجر و لاجئ أفريقي إلى بلدانهم بجنوب الصحراء. كما ترفض الجزائر من جانبها بناء مراكز لإيواء المهاجرين الأفارقة على أراضيها.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
المغرب: عودة الهجرة بقوة
عرفت السواحل الإسبانية هذا العام تدفقاً لما يعرف بـ "قوارب الموت" التي تنطلق من الطريق البحرية بين إسبانيا والمغرب والجزائر. فمن أصل 74.501 مهاجرسري وصلوا أوروبا بحراً، استقبلت إسبانيا لوحدها حوالي 43 بالمئة منهم (32.272)، وذلك في الفترة بين الأول من كانون الثاني/ يناير و12 أيلول/سبتمبر 2018، ممّا يجعلها الوجهة الأولى للهجرة السرية عبر البحر الأبيض المتوسط.
صورة من: picture alliance/AP Photo
المغرب: حسابات سياسية ومالية
منذ سنوات يحاول الاتحاد الأوروبي إبرام اتفاق مع المغرب بخصوص عودة المهاجرين من دول افريقيا جنوب الصحراء. ولكن المغرب يرفض ذلك لأسباب سياسية ومالية، أهمها أن ذلك يتعارض مع مسعى المغرب لتقوية علاقاته مع الدول الأفريقية جنوب الصحراء، والاستفادة منها اقتصادياً من خلال شراكات تجارية، وأيضاً لدعم موقف المغرب في النزاع حول الصحراء الغربية.