وفد تركي في القاهرة.. هل اقتربت عودة العلاقات بين البلدين؟
٥ مايو ٢٠٢١
لأول مرة منذ الإطاحة بالرئيس مرسي يجري وفد تركي زيارة للعاصمة المصرية، في محاولة لاستكشاف سبل إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبين. ومهدت تركيا لهذه الزيارة قبل شهرين، ويتسم رد مصر على المفاتحات التركية بالحذر حتى الآن.
إعلان
على مدار يومين، يجرى وفد تركي رفيع المستوى محادثات في القاهرة ستحاول من خلالها مصر وتركيا إصلاح العلاقات المتوترة بينهما بعد خلاف بدأ قبل ثماني سنوات، وحدا بكل منهما إلى مساندة فصيل مختلف في الحرب الدائرة في ليبيا ووضعهما على طرفي نقيض في نزاع بشأن السيادة والحقوق في مياه شرق البحر المتوسط.
ووصل نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال، إلى القاهرة فى ساعة مبكرة من صباح الأربعاء (الخامس من مايو/ أيار 2021)، قادماً على رأس وفد من إسطنبول فى زيارة لمصر هي الأولى لوفد تركي رسمي لمصر منذ القطيعة بين البلدين عقب 30 يونيو/ حزيران 2013. وسيلتقي المسؤول التركى خلال زيارته عدداً من كبار المسؤولين والشخصيات، خاصة من وزارة الخارجية المصرية.
ومهدت تركيا لهذه الزيارة قبل شهرين عن طريق إجرائها أول اتصال دبلوماسي مع المصريين منذ الإطاحة بمرسي. وأجرى وزيرا خارجية البلدين اتصالاً هاتفياً، وتقول أنقرة إن رئيسي المخابرات كذلك كانا على اتصال.
ويتسم رد مصر على المفاتحات التركية بالحذر حتى الآن. وكان مما أثار غضبها توفير تركيا ملاذات آمنة لقيادات مصرية معارضة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ تولي عبد الفتاح السيسي السلطة.
ملفات الزيارة
وتتناول الزيارة ملف العلاقات المصرية التركية وسبل عودتها إلى طبيعتها والإعداد لعقد لقاء على المستوى الوزاري بين البلدين خلال الفترة القادمة. وجاء في بيان للخارجية المصرية في وقت سابق أن المشاورات السياسية بين مصر وتركيا ستعقد برئاسة السفير حمدي سند لوزا، نائب وزير الخارجية المصري، وأونال في الفترة من 5 إلى 6 مايو/ أيار في القاهرة. وأضاف البيان: "ستركز المناقشات الاستكشافية على الخطوات الضرورية التي قد تؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين على الصعيد الثنائي وفي السياق الإقليمي".
وقال مسؤول تركي رفيع المستوى إن المحادثات في القاهرة ستشمل التعاون في مجالي التجارة والطاقة، فضلاً عن الاختصاص القضائي في المسائل البحرية في شرق المتوسط. وأفاد بيان مشترك أن هذه المشاورات الاستكشافية "ستتركز ... على الخطوات الضرورية التي قد تقود إلى تطبيع العلاقات بين البلدين على المستويين الثنائي ولإقليمي".
وتقترب قيمة التبادل التجاري بين البلدين من خمسة مليارات دولار سنوياً على الرغم من الخلاف السياسي.
وتوترت العلاقات بين الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي والتركي رجب طيب أردوغان منذ قيام الأول، عندما كان قائداً لجيش بلاده عام 2013، بالإطاحة بالرئيس محمد مرسي، المنتخب ديمقراطياً والمنتمي لجماعة الإخوان المسلمين والمقرب من الرئيس التركي أردوغان، بعد تظاهرات شعبية حاشدة ضد مرسي. وطردت كل دولة سفير الأخرى ووصف أردوغان الرئيس المصري بالطاغية.
هل بايدن السبب؟
وفي وقت تواجه فيه كل من أنقرة والقاهرة المزيد من الضغط الأمريكي في ظل الإدارة الجديدة برئاسة جو بايدن، مدّت العاصمتان أغصان الزيتون إلى جيرانهما. وتنظر تركيا لإصلاح العلاقات مع مصر في إطار مسعى لمد الجسور مع الدول العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة، بعد سنوات من التنافس السياسي والتدخلات العسكرية التي أظهرت نفوذ تركيا لكنها أثرت بشدة على تحالفاتها مع العالم العربي.
وقال مصدران أمنيان مصريان إن المسؤولين المصريين سيستمعون للمقترحات التركية لاستئناف العلاقات لكنهم سيتشاورون مع القيادة المصرية قبل الاتفاق على أي شيء.
وتقول تركيا إن البلدين اتفقا من حيث المبدأ على عدم مناوأة أحدهما الآخر في المحافل الدولية، ومنها حلف شمال الأطلسي، حيث سمحت عضوية تركيا فيه لها باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد مشاركة مصر في بعض شراكات الحلف.
ويرى محللون أن عودة العلاقات بين تركيا ومصر إلى سابق عهدها مسألة تحتاج بعض الوقت في ظل أجواء عدم الثقة على الرغم من بدء ذوبان جليد التواصل بين البلدين المركزيين في المنطقة بعد عقد من الربيع العربي.
ص.ش/ ي.أ (رويترز، أ ف ب، د ب أ)
العلاقة المصرية التركية ـ تجاذبات بين الدفء والقطيعة
عقب سنوات من تأزم العلاقت بين القاهرة وأنقرة أعلنت تركيا عودة الاتصالات الدبلوماسية بين البلدين "دون شروط". عبر التاريخ الحديت تراوحت العلاقات بين البلدين بالتجاذبات بين الدفء والقطيعة. نقدم أبرز هذه المحطات في صور.
عودة الاتصالات الدبلوماسية
أعلن وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو (الجمعة 12 كارس/ آذار)، بدء الاتصالات الدبلوماسية بين بلاده ومصر من أجل إعادة العلاقات إلى طبيعتها، وعدم طرح البلدين أي شروط مسبقة من أجل ذلك. وأضاف:" لا يوجد أي شرط مسبق سواء من قبل المصريين أو من قبلنا حاليا، لكن ليس من السهل التحرك وكأن شيئا لم يكن بين ليلة وضحاها، في ظل انقطاع العلاقات لأعوام طويلة".
صورة من: picture-alliance/Anadolu Agency/F. Aktas
تجاذبات سياسية وتوترات
العلاقات بين تركيا ومصر شهدت تجاذبات سياسية كبيرة منذ زمن، امتازت بين الدفء وبين الفتور والقطيعة، خاصة بعد تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة وانتقاد أردوغان المتكرر له. بيد أن أحدث الإشارات التصالحية كانت على لسان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار في (السادس من أذار/ مارس 2021)، الذي ثمن احترام مصر للجرف القاري التركي مؤكدا أن تركيا ومصر لديهما قيم تاريخية وثقافية مشتركة.
التنقيب على الغاز في البحر المتوسط
سمم تنقيب تركيا عن الغاز في مناطق بحرية متنازع عليها مع اليونان وقبرص العلاقات بين هذه الأطراف، إذ عكست التحركات التركية في البحر المتوسط قلق وغضب أنقرة المتصاعدين من الشعور باستبعادها من تقاسم حقول الغاز في شرق المتوسط، وعمليات التنقيب.
صورة من: picture-alliance/dpa/Albatross Aerial Photgraphy
تعزيز العلاقات المصرية اليونانية
وفي أغسطس/آب 2020، وقعت مصر واليونان اتفاقية لترسيم حدودهما البحرية، لكنها حذفت منطقة مثيرة للجدل إلى الجنوب من جزيرة كاستيلوريزو، وهي أبعد موقع يوناني تقول تركيا إنه يقع داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة بحسب ما أفادت وكالة بلومبرغ للأنباء. وعقدت قبرص واليونان ومصر وإسرائيل والأردن وإيطاليا والسلطة الفلسطينية „منتدى غاز شرق المتوسط" دون دعوة تركيا.
صورة من: Costas Baltas/Pool via AP/picture alliance
ليبيا ساحة للصراع بين تركيا ومصر
كانت ليبيا، التي تملك أكبر احتياطي من النفط في أفريقيا، ساحة للصراع التركي المصري. فليبيا التي عاشت انقساما بين سلطتين: حكومة الوفاق الوطني ومقرّها طرابلس، والمشير خليفة حفتر ومقره طبرق، شهدت صراعات عسكرية على الأرض بين الفرقاء دعمتها تركيا ومصر بالإضافة لروسيا والإمارات.
صورة من: picture-alliance/AA/H. Turkia
تحذير من تدخل عسكري مصري مباشر
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد حذّر في(20 حزيران/ يونيو) 2020 من أنّ تقدّم القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي تسيطر على طرابلس والمدعومة من تركيا، نحو الشرق سيدفع بلاده إلى التدخّل العسكري المباشر في ليبيا، الأمر الذي اعتبرته تركيا "مغامرة عسكرية خطيرة".
صورة من: Getty Images/AFP/M. Turkia
أردوغان يرفع اشارة "رابعة"
شهدت العلاقات بين أنقرة والقاهرة توترا كبيرا بعد أن عزل الجيش الرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في عام 2013، الأمر الذي واجهته القيادة السياسية التركية بنقد لاذع للغاية. فعقب عزل مرسي، تعمد أردوغان وصف ما حدث بـ"الانقلاب العسكري"، ووجه انتقادات لمن يسانده. كما أن وقوف تركيا لجانب قطر في الخلاف الخليجي ووقوف مصر مع السعودية ساهم في زيادة القطيعة.
صورة من: Stringer/AFP/Getty Images
أردوغان ومرسي ـ علاقات طيبة
وصلت العلاقة الدبلوماسية أوجها مع فوز الرئيس السابق محمد مرسي، في الانتخابات الرئاسية منتصف 2012، حيث شهد البلدان زيارات متبادلة بين مرسي وأردوغان.
صورة من: Reuters
فترة تميزت بالهدوء والاستقرار في العلاقات
تميزت العلاقات بين أنقرة والقاهرة بالهدوء في عصر السادات، وتوطدت خلال سنوات حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي زار تركيا عدة مرات والتقى بالرئيس التركي آنذاك سليمان دميرل أكثر من مرة.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/B. Foley
توتر في عهد عبد الناصر
في عهد عبد الناصر شهدت العلاقات التركية المصرية توترات كبيرة حيث طرد الرئيس المصري السفير التركي عام 1954، كما أن دعم عبد الناصر لليونان في أزمة جزيرة قبرص وترحيب أنقرة بانفصال سوريا عن مصر عام 1961، ساهم في تغذية التوتر. (إعداد: علاء جمعة).