1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

وقفة مع التاريخ: ستة عقود على "تحرير" او "هزيمة" ألمانيا

عندما يتوجه المستشار الالماني شرودر الى موسكو اليوم للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية، يكون قد ترك وراءه نقاشا يتطلب اهتماما خاصا حول ما اذا كان 8 مايو/أيار يوم "تحرير" أم "هزيمة" لبلاده. قراءة التاريخ من أجل الحاضر

التوقيع على استسلام ألمانيا من قبل الجينرال ألفريد يودلصورة من: AP

في السادس من نيسان/أبريل 1945 تحركت قوات الجيش الأحمر نحو العاصمة الألمانية برلين، وتوجهت في المقابل وحدات الجيش النظامي الألماني بمشاركة المليشيات الشعبية التابعة للحزب النازي للدفاع عن "كرامة البلاد". بعد أيام معدودة أعلن وزير الدعاية النازي في ذلك الوقت غوبلز بأن برلين هي مدينة المواجهة قائلا: "إن قواتنا الباسلة ورجال المليشيات الشعبية ألحقت خسائر فادحة بالقوات السوفييتية في الأيام الأخيرة، وعلى الرغم من تضحياتهم اللامحدودة واستبسالهم البطولي، لم يتمكنوا من منع الجيش السوفييتي من التقدم إلى خطوط الدفاع الأولى للعاصمة، ولذا أصبحت برلين مدينة المواجهة." في هذه الأثناء وصلت قوات الجيش الأحمر إلى محيط برلين من الجهة الشرقية، وكانت القوات الأمريكية قد وصلتها من الجهة الغربية. وبدأت حرب شوارع ضروس بين المدافعين والمهاجمين لم يشهد التاريخ لها مثيلا.

الاستسلام ورايات الحرية

صحيح أن رايات الحرية رفرفت فوق ألمانيا، لكن يا ترى هل كان هذا تحريرا أم استسلاما؟ هذا التساؤل بقي يطرح نفسه لعشرات السنين في النقاشات السياسية والتاريخية، لكن هذا السجال تم حسمه من قبل الرئيس الألماني السابق ريشارد فون فايتسيكر حيث قال في خطابه أمام البرلمان الالماني في الذكرى الأربعين لانتهاء الحرب: "إن الثامن من أيار عام 1945 كان يوم التحرير، لأننا في هذا اليوم تحررنا من نظام النازيين الطاغي." هذا الموقف اشار اليه أيضا شرودر في احتفالات نزول الحلفاء على سواحل نورماندي، معبرا بذلك عن آراء 80 بالمئة من الالمان طبقا لاستطلاع للرأي أجري مؤخرا. وسيشارك شرودر لاول مرة في احتفالات موسكو اليوم حيث سيؤكد الالتزام بمسؤولية ألمانيا عن مآسي الماضي وفي نفس الوقت المدى الذي بلغته المصالحة في الوقت الحالي بين أعداء الأمس.

صورة أرشيفية تظهر الجندي السوفيتي ميليتون كانتاريا يرفع علم بلاده على مبنى البرلمان الألماني في برلين في 02 مايو/أيار 1945. جاء ذلك عقب إحكام القوات السوفيتية سيطرتها على العاصمة الألمانية في 30 أبريل/ نيسان 1945.صورة من: dpa

التحرير بدأ مع انهيار جدار برلين

هناك من الألمان من يشر الى أن انتصار الحلفاء جلب التعاليم الستالينية الدكتاتورية الى ملايين الأوروبيين الذين يعيشون في الشرق والى 16 مليون ألماني كانوا يعيشون في ألمانيا الشرقية سابقا. وحسب رأي هؤلاء تخلصت أوروبا من دكتاتور شرس وطاغية (هتلر) لتحصل على دكتاتور آخر لا يرحم (ستالين)، وهذا ما أشار اليه الرئيس الامريكي بوش أمس في ليتلاند عندما تحدث عن تاريخ الجيش السوفيتي الأسود، الأمر الذي أغضب بالطبع الرئيس الروسي بوتين.

صورة تاريخية لجدار برلينصورة من: AP

واعتبر الاتحاد الأوروبي بأن سقوط جدار برلين في عام 1989 وليس القضاء على ألمانيا النازية هو الذي يمثل النهاية الحقيقية للدكتاتورية في أوروبا. في مقال كتبه في صحيفة "فيلت ام زونتاغ" يشكك هوبرتوس نابي، أحد المؤرخين الألمان، في رواية التحرير قائلا: "كان الثامن من مايو/ أيار يوم استقلال جلب الحرية والديمقراطية. كان تحريرا لكنه كان تحريرا ضد إرادة الذين جرى تحريرهم." وأضاف أن "الملايين في ألمانيا الشرقية لم يروا شيئا من تلك الديمقراطية. ويخشى نابي من أن يخفي الحديث عن التحرير خطوة تعفي الالمان من المسؤولية. وقال "اذا كان الألمان تحرروا في عام 1945 فإنهم لا يمكن أن يكونوا اذا مسؤولين وانما ضحايا للنظام." الا أن المؤرخ فولفغانج فيبرمان لا يوافق على فكرة التهرب من المسؤولية عبر الحديث عن التحرير. ويرى أنه لا بد من النظر الى الثامن من مايو/أيار على أنه "يوم للتحرير لانه أنهى المحرقة وحرر أولئك الالمان الذين عارضوا النظام."

ذكريات غير مرغوبة للكثيرين

يقول كثير من الالمان الاكبر سنا أنه ليس ليوم الثامن من مايو/أيار أهمية كبيرة بالنسبة لهم. هؤلاء كانوا قد فروا بالفعل من بيوتهم أمام زحف الجيش السوفيتي قبل مايو/أيار. كارين كلايسنس التي كان عمرها 16 عاما في عام 1945 وعملت في تنظيف الشوارع من الأنقاض لاعالة اخواتها الستة قالت: "ساعة الصفر بالنسبة لنا بدأت قبل هذا التاريخ. استسلمنا دون أن نعرف ماذا كان يجري في أي مكان." وتتذكر الرسامة التي تعيش في برلين: "شعرنا بأننا مستبعدون وضائعون وكما لو أننا لم نعد في ألمانيا وانما في يد العدو." وتلاحظ المؤرخة مارغريت دوير أنه بينما لا ترى الألمانيات أن هناك اسبابا قوية للاحتفال، الا أنهن أدركن في وقت لاحق أنه جرى تحريرهن. وقالت "تحررت النساء من القصف." واستطاع أولئك الذين شعروا بمرارة الهزيمة في حينها أن يروا ايجابيات ذلك اليوم في وقت لاحق.

قصف عشوائي بالطائرات للمدنيينصورة من: AP

لولا آسيا لما ربح الحلفاء الحرب

كلٌ يقرأ التاريخ من منظار مختلف، فالكثير من الجنود الفلبينيين الذين نجوا من مجازر الجيوش اليابانية يعتبرون أن انتهاء الحرب لم يكن فقط بسبب استسلام ألمانيا، وانما بسبب قتالهم ودفاعهم المستميت عن أرضهم. ولولا ذلك حسب وجهة نظرهم لما تمكن الحلفاء من حسم المعركة. وتجدر الإشارة هنا الى مجموعات مسلحة كثيرة لا علاقة لها بالجيش النظامي تشكلت أثناء الحرب وقامت بشن حرب شرسة ضد الجيش الياباني ومخازن أسلحته ونهب كل ما يمكن حمله من عتاد وذخيرة لاستخدامه ضد القوات المعتدية. وقبل أن تدخل القوات الأمريكية الفلبين، كان الفدائيون قد حرروا معظم البلاد. ويرى الكثير من فدائيي الجيش الشعبي الفلبيني بأن دخول القوات الأمريكية كان لا داعي له، بل عملت هذه القوات على إرغام المحاربين على القاء السلاح وترحيلهم إلى مستعمرات الإصلاح فوق جزيرة بالاوان.

جنود يابانيون في الصينصورة من: AP

ولا زالت أحداث الحرب تلقي بظلالها على الكثير من المجتمعات التي تضررت منها، حيث يتظاهر كل يوم أربعاء العديد من النساء أمام السفارة اليابانية في سيؤول لمطالبة الحكومة اليابانية بتعويض المتضررين والاعتراف بذنبها وجرائمها في الحرب.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW