أنهى القضاء البرازيلي بشكل مؤقت الجدل بسبب عمل درامي يسخر من السيد المسيح، والذي وصل إلى تعرض الشركة المنتجة للفيلم للهجوم بالمولوتوف في ليلة عيد الميلاد .. فكيف سخر الفيلم من السيد المسيح، بما أثار كل ذلك الغضب؟
إعلان
أصدر القضاء البرازيلي أمس الأربعاء (الثامن من يناير/كانون الثاني) قرارا يلزم منصة نتفليكس، لعرض الأعمال الدرامية عبر الإنترنت، بسحب مؤقت لفيلم كوميدي عن "السيد المسيح" كان قد أثار الكثير من الجدل في البرازيل مؤخرا.
ويأتي قرار القضاء البرازيلي بعد إقدام الألاف بالتوقيع على عريضة للمطالبة بسحب الفيلم، الذي يحمل عنوان "أول إغراء للمسيح"، والذي تم إنتاجه وعرضه بمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد.
وأثار الفيلم بمجرد عرضه في الثالث من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، غضب الكثيرين في البرازيل، وفي مقدمتهم الكنيسة الكاثوليكية والسياسيين من التيار المحافظ والمسيحيين الكاثوليك والبروتستانت على حد سواء، إذ يصور الفيلم، السيد المسيح كمثلي جنسيا.
ووصل الغضب بمجموعة من الرجال الملثمين في ليلة عيد الميلاد إلى حد الهجوم على مقر الشركة المنتجة للفيلم في مدينة بورتا دوس فوندوس البرازيلية بالمولوتوف دون وقوع أي خسائر بالأرواح، ليقوم ثلاثة رجال لاحقا بإعلان مسؤوليتهم عن الهجوم من خلال فيديو قاموا بنشره على الإنترنت.
ويأتي قرار السحب المؤقت للفيلم من على منصة نتفليكس، لحين قيام القضاء بالنظر في القضية التي رفعها مركز دون بوسكو للإيمان والثقافة الكاثوليكي، ضد الفيلم بدعوى أنه "يجرح مشاعر ملايين الكاثوليكيين".
ويتناقض قرار سحب الفيلم مع حكم قضائي سابق بمنع الرقابة عليه، ما يعني الحاجة إلى حكم قضائي جديد لإبطال الحكم القديم. إلا أن القاضي صاحب قرار سحب الفيلم، بنديكتو ابيكاير، اعتبر أن "الفائدة" من منع الفيلم لا تقتصر فقط على المسيحيين حيث تمتد للمجتمع البرازيلي ذو الغالبية المسيحية، على حد وصفه.
من جانب آخر، رفض صناع الفيلم التعليق على القرار قانونيا، إلا أنهم اعتبروا عملهم "شكل شرعي لحرية التعبير". كما ترى مجموعات أخرى قرار منع الفيلم "حربا ثقافية" بقيادة الرئيس البرازيلي ذو التوجه اليميني، جايير بولسونارو ضد المشاريع الفنية "التي تتحدى القيم المسيحية"، على حد تعبير هؤلاء الأشخاص.
د.ب. (DW)
في صور- الرقابة على السينما في أوروبا
مارست جهات الحكومية ودينية الرقابة على الأفلام منذ انطلاق السينما. ويتناول معرض "ممنوع! الرقابة على السينما في أوروبا" في في فيزبادن الألمانية هذا الموضوع. وبإمكان الزوار التعرف عن كثب على مظاهر الرقابة إلى مطلع مايو.
صورة من: Bernd Sobolla
من المحظورات: الجنس
يعد فيلم "النشوة" التشيكي من عام 1933 من أوائل الأفلام التي تعرضت للحجب، إذ تناول الفيلم قصة امرأة، لعبت دورها هيدي لامار، طلبت الطلاق من زوجها لأنه لم ينجح في تلبية شهواتها الجنسية لتبدأ علاقة جنسية مع رجل غريب عنها. وقد منع الفيلم في ألمانيا بسبب"تلميحات فادحة لغرائز هابطة".
صورة من: Národní Filmový Archiv, Prag
لمحة عن ماضي الرقابة
إلى جانب فيلم "النشوة" يعرض معرض "ممنوع! الرقابة على السينما في أوروبا" في دار السينما في مدينة فيزبادن الألماني حوالي أربعين فيلماً. وبإمكان الزوار أن يأخذوا خلال المعرض لمحة عن الرقابة السينمائية في القرن العشرين. وقد تم حظر أغلبية الأفلام لسببين: إما سياسي أو أخلاقي.
صورة من: Bernd Sobolla
القوة الهائلة للأفلام الصامتة
منذ بدايات السينما، أي منذ الأفلام الصامتة، والرقابة تعمل على حذف ما لا يروق لها أو حظر الفيلم بأسره. ومن بين الأفلام التي طالها مقص الرقابة هو الفليم السوفييتي "بارجة بوتمكين" التي عرض لأول مرة عام 1925 في مسرح بولشوي في موسكو ولاقى حينها إعجابا كبيرا. أما في الامبراطورية الألمانية آنذاك قفد تم حذف مشاهد تظهر كيف يقوم البحارة المتمردون برمي رؤسائهم من على متن البارجة الحربية إلى قاع البحر.
صورة من: Deutsches Filminstitut - DIF, Frankfurt
الرقابة النازية على الفن السابع
كانت الرقابة مسلطة بشكل كبير على الأعمال الفنية والسينمائية خلال الحكم النازي لألمانيا. وكانت مثلا هناك أفلام يسمح بإنتاجها وتصويرها ولكنها تتعرض للحظر فيما بعد، على غرار فيلم "اليوم الساحر" من عام 1943 للمخرج بيتر بيفاس. ويروي الفليم قصة شابة تعمل في كشك في محطة القطار و تقرر الانفصال عن خطيبها الثقيل الظل. ولكن الرقابة النازية قضت بحظر الفيلم بسبب الدور التحرري للمرأة فيه.
صورة من: Bernd Sobolla
انتهاك مزدوج
تدور أحداث فيلم "الحرية العظمى رقم 7" من إخراج هيلموت كويتنر حول بحار سابق، يلعب دوره هانز ألبرس، يحلم بالحرية و البحر. وقد قررت الرقابة النازية حظره لأنه يظهره البحرية من منظور ناقد. وقد عرض الفيلم في براغ، عاصمة التشيك، أمام جمهور مختار.
صورة من: Bernd Sobolla
فضيحة فيلم "الآثمة"
عام 1951 هز فيلم "الآثمة" ألمانيا، الذي يروي قصة المومس مارينا التي تقع في حب رجل مريض ومهدد بالموت في كل لحظة. وفي يوم من الأيام، لم تعد المومس تتحمل معاناة حبيبها، فقررت قتله قبل أن تتنتحر. وقد مُنع الفيلم تحت إلحاح شديد من الكنيسة المسيحية وعدد من رجال السياسية بحجة "أن يمجد الدعارة والقتل الرحيم والانتحار."
صورة من: Deutsche Kinemathek - Museum für Film und Fernsehen, Berlin
احتجاجات في الشارع وانتقادات من الكنيسة
ويعرض المعرض "ممنوع! الرقابة على السينما في أوروبا" أيضا ردود الفعل التي أثارها فيلم "الآثمة". وقد خرج حينها العديد للاحتجاج في الشوارع ضده. كما تم استخدام قنابل الرائحة والفئران البيضاء في قاعات السينما للحيلولة دون عرضه. وكاردينال كاتدرائية كولونيا وجه لصناع الفيلم شديد الانتقادات.
صورة من: Bernd Sobolla
تغيير مضمون الفيلم
يوثق المعرض أيضاُ تلاعب الرقابة بمضامين الأفلام، فعلي سبيل المثال تم في ألمانيا النازية آنذاك تحوير مضمون الفيلم الكلاسيكي "كازابلانكا" بشكل جعل من الفيلم المعادي للنازية فيلم مغامرة. وخوفاً على "مشاعر الألمان" قام النازيون بتحويل بطل الفيلم المعارض فيكتور لازلو من مقاوم للنازية إلى مخترع لـ "أشعة دلتا" الغامضة.
صورة من: Deutsche Kinemathek - Museum für Film und Fern-sehen, Berlin
عرض النسخة الأصلية عام 1975
عرضت النسخة المعدلة لفيلم "كازابلانكا" في دور السينما الألمانية عام 1952 بعد أن حذفت تقريباً كافة المشاهد الدالة على الحرب العالمية الثانية. واستمر الأمر على هذا الحال حتى عام 1975، حيث عرض التلفزيون الألماني الفيلم الأصلي لأول مرة.
صورة من: Bernd Sobolla
المثلية الجنسية
عام 1957 أثار فيلم "خلافاً لي ولك" من إخراج المخرج ذي الإيديولوجية النازية فيت هارلان فضيحة في ألمانيا، إذ تناول قصة مثليين جنسيين. وقد رفضت السلطات في البداية السماح بعرضه في دور السينما الألمانية. الأمر الذي دفع بالمخرج إلى إعادة تصوير بعض المشاهد وإعادة المونتاج. وقد سمح بعدها بعرض الفيلم المعدل لمن هم فوق 18 من العمر.
صورة من: Deutsche Kinemathek - Museum für Film und Fernsehen, Berlin
الرقابة في ألمانيا الشرقية
كثيرة هي الأفلام التي آل مصيرها إلى الأقبية قبل أن ترى النار في ألمانيا الشرقية وخاصة في الستينات. فمثلاً فيلم "كارلا" الممنوع في ألمانيا الشرقية آنذاك يروي قصة مدرسة تحفز تلاميذها على التفكير باستقلالية وطرح الأسئلة، لا الأخذ بالمسلمات وترديد الشعارات الحزبية فقط. وبالطبع أثار الفيلم استياء الرقابة.
صورة من: Deutsches Filminstitut - DIF, Frankfurt
الرقابة في أوروبا الشرقية
بعد "ربيع براغ" عام 1968 شددت السلطات في دول أوروبا الشرقية قبضتها على العديد ومن من الحريات الفنية، حيث حظرت الرقابة فيها الكثير من مشاريع الأفلام وهي بمرحلة كتابة السيناريو. ويعد فيلم " أنا أحب، أنت تحب" من إخراج دوسان هاناك أحد الأفلام التي حظرتها السلطات بعد إنتاجها. ويصور الفليم أناسا حياتها كئيبة والكحول ملاذها الوحيد، الأمر الذي كانت الاشتراكية المثالية آنذاك وصم نفسها به.
صورة من: Slovak Film Institute, Bratislava
حظر الأفلام بسبب العنف المفرط
يعتبر عرض مشاهد العنف المفرط السبب وراء حظر فيلم "برتقالة آلية" للمخرج ستانلي كوبريكس لمدة 25 عاماً في بريطانيا. فالفيلم المبني على رواية أنتوني برجس يروي قصة ترهيب رئيس عصابة من الشباب لمنطقة بأسرها. وفي الولايات المتحدة تم حذف بعض المسشاهد في الفيلم، أما في بريطانيا فبعد حظره لفترة قصيرة في دور السينما، تم حظر عرضه بالكامل.
صورة من: Deutsches Filminstitut - DIF, Frankfurt
المعرض حتى الرابع من أيار/ مايو
تم تنظيم المعرض في مدينة فيزبادن من قِبل مؤسسة فريدريش فيلهيلم مورناو ومركز هامبورغ للبحوث المختصة بالافلام (CineGraph). وقدمت مؤسسات أخرى ايضا الدعم، كمؤسسة "ديفا". ويمكن زيارة معرض "ممنوع! الرقابة على السينما في أوروبا " حتى الرابع من أيار/ مايو المقبل.