ولاية راينلاند ـ بفالتس ـ موطن الكروم الطبيعية والنبيذ المعتق
٢٦ نوفمبر ٢٠٠٨إذا ما صعد المرء إلى فوق إحدى القمم وألقى نظرة من أعلى فسيسحره منظر الطبيعة الخلابة المترامية الأطراف على مد البصر، فإلى الشمال، جهة نهر الراين وقمة جبل "هونسروك" الشامخة، وإلى الغرب تطل سهول منطقة راينهيسن، جهة مدينة ماينس عاصمة ولاية راينلاندفالتس، حيث يُزرع في هذه الولاية ثلثا عنب ألمانيا نظراً لمناخ المنطقة المعتدل. في مكان يزرع فيه العنب منذ قرون عند سفح جبل لانغنلونسهايم، شُيد مصنع لإنتاج النبيذ "إيم تسفولبرايش"، حيث يتولى هارتموت هاينتس وعائلته الاعتناء بواحد وعشرين هكتاراً من العنب.
طريقة زراعة حيوية بيولوجية
اتجه أهل المنطقة منذ عام 1711 لزراعة الحبوب وتربية الحيوانات وصناعة النبيذ، وذلك ليسدوا احتياجاتهم الذاتية. لكن مع الأيام اختصت المنطقة بإنتاج النبيذ. وعلى عكس مزارعي الكروم الآخرين، ترك هارتموت مسافة ثلاثة أمتار بين الشتلة والأخرى، فمن وجهة نظره سيكون بمقدور النبات بفضل هذه الطريقة أن يستمد قدراً أكبر من أشعة الشمس والهواء، كما أن ذلك سيحد من انتشار الفطريات المضرة بالإنتاج.
فهيلموت، زارع العنب الطبيعي، يرفض استخدام المضادات الكيميائية لحماية العنب، وهو يحاول إنتاج نبيذ طبيعي قدر المستطاع؛ فقد كان هدفه دوماً تحسين خصوبة المساحات الزراعية باستخدام السبل الطبيعية. وثمة إمكانيات أخرى تساعد على تخصيب التربة وتحسين مذاق النبيذ، كما يقول هيلموت. لذلك يعتمد في المقام الأول على الزراعة الحيوية، ويقوم بتخصيب التربة عن طريق إضافة مزيج من الحشائش والأملاح.
نبيذ فاخر وزبائن في كل أنحاء العالم
والد هيلموت كان سباقاً لزراعة العنب بطريقة لا تؤذي البيئة، فاعتُبر آنذاك على أنه شيء مميز بسبب تقاليده الزراعية القديمة التي ترجع إلى قرون. وقد وصل عدد زبائن هارتموت هاينتس إلى 8000 زبون موزعين حول العالم، كما أن نبيذه حاضر في كثير من المتاجر التي تبيع المنتجات الطبيعية في ألمانيا، وكثير من أصناف نبيذه تعتبر من الصنف الفاخر.
غير أن هارتموت قلق إزاء ما يخبيه له المستقبل، فالزراعة، ومن ضمنها زراعة العنب: فكثير من مصانع الولاية الصغيرة اندمجت مع بعضها لتشكل وحدات أكبر وكثيرة هي عائلات مزارعي العنب التي لم تعرف بعد من سيدير شؤون مزارعها بعدها، فجيل الشباب يهاجر إلى المدينة أو يمتهن مهناً أخرى. ويأمل هارتموت هاينتس أن يصبح ابنه صاحب الاثنين وعشرين ربيعاً أو ابنته التي في عقدها الثاني، ساعده الأيمن ويخلفه أحدهما في العمل، غير أن ذلك لا يمنعه من التفكير بمنح الفرصة لأحد أبناء منطقته.