وُلدت بالصدفة ولم يُعترف بها.. نزاع حول الشكولاتة "الشقراء"
٢٩ مارس ٢٠٢٤
للشوكولاتة ثلاثة ألوان معروفة، هي الأبيض والداكن والممزوج بالحليب، إضافة إلى رابع ولد في فرنسا عام 2012 ويلقى رواجاً وهو "الأشقر" الذي ولد بالصدفة عن طريق الخطأ. فيما يؤكد السويسريون أنهم أصحاب ابتكار مماثل هو "الورديّ".
إعلان
كما هو الحال مع فطيرة التفاح أو غيره من الفواكه المعروفة بتارت تاتان Tarte Tatin، ولدت هذه الشوكولاتة الشقراء من مصادفة غير مقصودة حصلت للشيف فريديريك بو في اليابان، حيث ترك الشوكولاتة البيضاء في ماء التسخين المسمى "بان ماري" لمدة طويلة جداً هي... أربعة أيام.
ويروي الشيف ومدير الابتكار في شركة "فالرونا" Valrhona للشوكولاتة "بمحض الصدفة، أو بسحر ساحر (...) أصبحت الشوكولاتة شقراء. لقد نتجت عن التخزين في هذا المكان غير المتوقع شوكولاتة ذات لون ورائحة مذهلين".
لكنّ طاهي الشوكولاتة أدرك بخبرته وحسّه أن لهذا الخطأ إيجابيات، وأنه يختزن إمكانات تجارية كبيرة. وعمل الشيف سبع سنوات على إجراء الاختبارات لتحديد الصفات العطرية الفريدة وقوام الشوكولاتة الشقراء.
ومع أن الوصفة التي سجلتها شركة الشوكولاتة العملاقة باسمها أُبقِيَت سرية، يقول الخبراء إنها تقوم على تفاعل كيميائي معروف في الطبخ ويسمّى "تفاعل مايّار"، وهو سلسلة من التفاعلات الكيميائية التي تسبب تحمير المادة وروائح تشبه تلك المنبعثة من تحميص الخبز.
مذاق الشكولاتة "الشقراء"
وللشوكولاتة الشقراء مذاق الحليب والدسم الذي يميز الشوكولاتة البيضاء لكنها أقل حلاوة بكثير، ونكهة الكراميل الناعمة جداً فيها يتوجها في النهاية طعم القهوة المحمصة.
ولأن الشوكولاتة الشقراء هي بالنسبة إلى الشوكولاتة البيضاء ما هي دولسه دي ليتشه (مربى الحليب) بالنسبة للحليب المكثف المحلى، أُطلق عليها اسم Dulcey التجاري بغية إبراز هذا التشابه.
بعيون غالية – برلين إمبراطورية الشكولاتة!
03:24
ويرى طهاة الحلويات الذين يستخفون بالشوكولاتة البيضاء عموماً ولا يستخدمونها، نظراً إلى ارتباطها بألواح الطفولة الصناعية، أن الشوكولاتة الشقراء توفر مجالات جديدة.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس، يوضح طاهي الحلويات فيليب تاياك الذي يطعّم هذه الشوكولاتة بالبندق لصنع فطائر صغيرة الحجم، "أنها مختلفة تماما في مذاقها عن أنواع الشوكولاتة الأخرى، فهي ذات طعم يشبه البسكويت".
ويجمع فريديريك بو الشوكولاتة الشقراء مع التفاح المحمص الطازج في الفرن وكريما الفانيليا التاهيتية، ولكنه يوصي أيضا بإضافتها إلى مجموعات فاكهية قوية النكهة كالحمضيات أو الفاكهة الحمراء.
الشكولاتة "الشقراء" غير معترف بها
ورغم الخطوات التي اتخذتها "فالرونا"، لم تُدرَج الشوكولاتة الشقراء في مرسوم عام 1976 الذي ينظم بيع الشوكولاتة في فرنسا، ويشترط ألا تقل نسبة الكاكاو في مكوناتها عن 35 في المئة، وتتدرج مستوياتها تبعاً لأي لون من "الألوان الثلاثة" التاريخية، بحسب النص الذي اطلعت عليه وكالة فرانس برس.
وبالتالي، من الناحية القانونية، لا تزال الشوكولاتة الشقراء التي يقلّدها وينتجها أيضاً صانعو الشوكولاتة البلجيكيون والسويسريون، تُصنف شوكولاتة بيضاء، وهو آخر لون حظي بالاعتراف منذ أن ابتكرته في ثلاثينات القرن العشرين في سويسرا شركة "نستله".
"حرب الشوكولاتة الرابعة"
كيف يمكن التغلب على الطاقة الناتجة عن استهلاك الشكولاتة؟
00:34
This browser does not support the video element.
وعلى الجانب الآخر من جبال الألب، تدور مبارزة تسويقية بين عمالقة الشوكولاتة حول هذا اللون الرابع الواعد.
فشركة "باري كالبو" التي تُعتبر المنافسة المباشرة لـ"فالرونا"، لجأت منذ عام 2017 إلى حملات تسويقية كبيرة لـ"اللون الرابع" الخاص بها أيضاً، وهو شوكولاتة طبيعية بالكامل، لكنها وردية اللون وأطلقت عليها تسمية "روبي" Ruby، وهي تُصنغ من حبوب لها خصائص معينة في اللون والطعم.
وعلّقت إدارة المجموعة السويسرية في تصريح لوكالة فرانس برس على "حرب الشوكولاتة الرابعة" بين طرفَي جبال الألب: "أفضل شوكولاتة في العالم هي تلك التي تمنحك لحظة من الانغماس بغض النظر عن مكان إنتاجها وأياً كان لونها".
ويشهد قطاع الشوكولاتة الأوروبي بانتظام محاكمات دولية غير عادية لها تداعيات قوية، سواء أكانت معركة "نستله" أمام المحاكم البريطانية في شأن اللون الأرجواني لعبوة شركة "كادبوري" الأمريكية، أو المحاكمة التي خسرتها عام 2017 في شأن شكل "كيت كات".
ع.ج/ع.ح.ج. (أ ف ب)
الشوكولاتة معشوقة الملايين.. هل تركها كورونا سالمة؟
الشوكولاتة كغيرها من تفاصيل حياتنا تأثرت بظهور فيروس كورونا وانتشاره حول العالم. وفي اليوم العالمي لهذا المنتوج الحلو المذاق، نتعرف على أسرار صناعة معشوقة مئات الملايين وما تخفيه من قسوة، وانعكاسات أزمة كورونا عليها!
صورة من: DW/T. Schultz
من أين يأتي الكاكاو؟
تعد إندونيسيا والإكوادور ونيجيريا من بين أهم دول زراعة الكاكاو، لكن غانا وساحل العاج هما أكبر منتجيّن للكاكاو في العالم، إذ يقدمان ثلثي الإنتاج العالمي من حبوب الكاكاو. وبدأت الدولتان الوقعتان في غرب القارة الإفريقية تحاولان وضع حد أدنى لأسعاره بـ 2600 دولار أمريكي للطن.
صورة من: Fotolia
ظروف سيئة
بينما يحب أغلب البشر تناول الشوكولاتة، فإن مزارعي الكاكاو غالباً ما يعملون في ظروف سيئة للغاية، كما أن عمالة الأطفال منتشرة في الكثير من مزارع الكاكاو. وبالمتوسط تكسب الأسرة التي يعمل أفرادها في مزارع الكاكاو بساحل العاج أو غانا يومياً، أقل مما تكلف قطعة شوكولاتة في ألمانيا على شكل بابا نويل. إذ لا يتعدى دخلها يورو واحد في اليوم.
صورة من: picture alliance/maxppp/R. Bych
خطوات غير كافية
حتى السعر الأدنى المطلوب البالغ 2600 دولار لن يكون قفزة كبيرة، بالنظر إلى مستوى الأسعار في السنوات الأخيرة، فقبل الإعلان كان الطن الواحد يكلف 2200 دولارا أمريكيا. لن يكون الحد الأدنى للأسعار المخطط له كافياً للحد من فقر المزارعين بشكل مستدام في بلدان الكاكاو، كما يقول الخبراء.
صورة من: DW/Gerlind Vollmer
تقلبات كبيرة في الأسعار
غير أن مستوى الأسعار يعاني من تقلبات كبيرة بسبب قلة المحصول إثر الجفاف وتراجع مستوى الأمطار وتفشي الآفات والاضطرابات السياسية في مناطق زراعة الكاكاو وكذلك المضاربات. في الثمانينيات كان الكاكاو من الثمار المربحة للغاية، ثم حدث انخفاض كبير في الأسعار حتى مطلع الألفية، لكن الأسعار عادت بعد ذلك للارتفاع في السوق العالمية.
صورة من: AP
نسبة ضئيلة للغاية
بيد أن ارتفاع الأسعار لا يعني بطبيعة الحال المزيد من الأموال للمنتجين، فصغار المزارعين لا يحصلون سوى على 6 بالمئة من سعر قطعة الشوكولاتة التي تباع في متاجر ألمانيا على سبيل المثال، بعدما كانت النسبة تصل إلى 16 بالمئة في ثمانينات القرن الماضي.
صورة من: picture-alliance/Arco Images/J. Pfeiffer
رجال مسنين وأشجار قديمة
يبلغ متوسط عمر المزارعين في غرب إفريقيا 50 عاماً، فالكثير من الشباب لا يرون أي آفاق مستقبلية في الزراعة بسبب انخفاض الدخل. ولا يتوقع سوى خمس المزارعين في غانا أن يواصل أبناؤهم زراعة الكاكاو مستقبلاً. قلة المزارعين تعني بضرورة الحال قلة المحصول وقلة المعروض وارتفاع الأسعار. لكن الإيرادات تصب في نهاية المطاف بشكل رئيسي في جيوب تجار التجزئة.
صورة من: picture-alliance/Nabil Zorkot
أربعة سنتات
يمكن أن تكون أحوال مزارعي الكاكاو أفضل بكثير. إذا ارتفعت أسعار الشوكولاتة قليلاً، فإن ذلك سيساهم في حل مشكلة الفقر المتفشي بينهم. على افتراض أن المزارعين لا يحصلون سوى على نحو أربعة سنتات من سعر لوح شوكولاتة بالحليب في أحسن الأحوال، فإن إضافة أربعة سنتات أخرى تعني مضاعفة دخلهم.
صورة من: picture-alliance/dpa/W. Kumm
القليل يأتي بالكثير أيضاً!
توصلت دراسة في جامعة أركنساس الأمريكية إلى انه لو حصل مزارعو الكاكاو في غانا على زيادة في الدخل تصل إلى 50 بالمائة فقط، فإنه يمكن القضاء على ظاهرة عمالة الأطفال في هذا البلد، وبالتالي إبعادهم عن هذا العمل الشاق والخطر.
صورة من: jf Lefèvre/Fotolia
مشكلة حرب الأسعار
لكن هذه الزيادة في الأسعار - على قلتها- ستحدث خللاً في التنافس المحموم بين شركات المبيعات، فمثلاً أسواق السوبر ماركت على تمنع قدر المستطاع أي تغيير حتى لو كان سنتاً واحداً فقط. وحتى الشوكولاتة التي تحمل ختم "منظمة التجارة العادلة" لا تغير في الأمر كثيراً، على الرغم من الخطط لرفع الحد الأدنى لسعر الطن من الكاكاو 2400 دولار أمريكي.
صورة من: picture-alliance/dpa/C. Jaspersen
حان الوقت للتغيير!
على الأقل تضمن منتجات التجارة العادلة الزراعة في ظل ظروف اجتماعية مقبولة من خلال أجور أفضل وعدم استعباد المزارعين. ومن يريد أن يغير من سلوكه الاستهلاكي ويشتري الشوكولاتة التي تحمل ختم "منظمة التجارة العادلة"، فإن بالتأكيد سيستمع بتناولها مرتاح الضمير.
هايكه فيشر/ هنّا فوكس/ ع.غ
صورة من: picture-alliance/dpa/H. Schmidt
كيف أثر كورونا على الشوكولاتة؟
خلال الربع الأول من العام الجاري، انخفض الطلب على الشوكولاتة بسبب إغلاق منافذ بيعها حول العالم. وفي أوروبا التي تعد أكبر مستهلك للشوكولاتة، مع بدء أزمة كورونا ظهرت توقعات بتراجع في عملية طحن حبوب الكاكاو اللازمة قد يصل إلى ١١ بالمئة مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفقاً لوكالة بلومبرغ.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Brichta
أزمة في بلجيكا!
وبالنسبة لبلجيكا على وجه الخصوص، مثلت أزمة كورونا مشكلة كبيرة حيث تعتبر البلاد رائدة في صناعة وبيع الشوكولاتة. وتسببت أزمة كورونا في خسارة بعض التجار لملايين اليوروهات التي كان قد تم دفعها مسبقاً لتجهيز الشوكولاتة المخصصة لعيد الفصح هذا العام عقب إغلق المصانع والمتاجر وانخفاض الإقبال، وفقاً لتقارير إعلامية.
صورة من: picture-alliance/dpa/Patrick Pleul
موجة ثانية من الفيروس؟
يرى موقع investing.com، أن الضرر الحقيقي على سوق الشوكولاتة حول العالم يمكن أن يقع في حالة ظهور موجة ثانية من الفيروس المستجد تجبر المزارعين في دول غرب أفريقيا المصدرة لحبوب الكاكاو على ترك محاصيلهم.