ياسمينة خضرة يطمح لأن يصبح فاتسلاف هافيل ـ الجزائر
٣ ديسمبر ٢٠١٣أعلن الأديب الجزائري محمد مولسهول المكنّى "ياسمينة خضرة" (58 سنة)، مدير المركز الثقافي الجزائري في باريس، ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، وقال الروائي الحائز على العديد من الجوائز الدولية عن العديد من كتبه، في بيان له إن "الأمر رسمي، أنا مرشح لانتخابات الرئاسة في أبريل / نيسان 2014". وأضاف أنه سوف يستكمل ملفه عندما يشعر بأن اقتراحه يحظى بقبول وتجاوب المواطنين وسيمضي آنذاك قدما في خططه، وأضاف في تعليق له مغزاه، في حالة عدم تجاوب الناخبين، وقُبل قراره باللامبالاة فإنه "لا يمكن الذهاب ضدّ إرادة الشعب".
الفارس الوحيد
ونفى ياسمينة خضرة ارتباطه بأي حزب سياسيي في البلاد أو ترشحه تحت مظلته، وأكد أنه سيخوض معركة جمع التوقيعات اللازمة بمفرده، علما أن قانون الانتخابات الجزائري يفرض على المرشحين المستقلين للرئاسة جمع ما لا يقل عن خمسة وسبعين ألف توقيع من الناخبين عبر 25 ولاية على الأقل بواقع 1500 توقيع على الأقل في كل ولاية.
وأقر الكاتب الروائي في تصريحات إعلامية بصعوبة القرار الذي اتخذه، مؤكدا بأنه "سيتقدم" و"يستعد" لكل الصعوبات والعراقيل التي تواجه مسارات ترشحه-إذا تم التجاوب معه-. ويتخوف جل الراغبين في الترشح إلى السباق الرئاسي من عدم حياد الإدارة في حالة ترشح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة الذي تنتهي عهدته الرئاسية الثالثة في أبريل / نيسان المقبل.
هل ينجح الثقف حيث فشل السياسي؟
وتباينت مواقف الشارع الجزائري ونخبته بعد إعلان صاحب رواية "سنونوات كابول" التي تصدرت لائحة الكتب الأجنبية الأكثر رواجا في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي تُرجمت أعماله إلى العديد من اللغات العالمية. ويرى الكاتب والناقد الأدبي الدكتور محمد ساري في حوار مع DW ، بأن من حق ياسمينة خضرة الترشح كغيره من المواطنين لأي منصب يريده، مضيفا "المسألة لا تتعلق بالترشح وإنما في آلية انتخاب الشعب لمن يراه صالحا لهذا المنصب، وهذه مسألة أخرى لها شروطها وحساباتها الخاصة"، ويرى السعيد (23 سنة)، طالب دراسات عليا، أن ياسمينة خضرة، شخصية لها احترامها، داخل الوطن وخارجه، وبالرغم من أنه لم ينخرط يوما في النقاش السياسي الذي عرفته الجزائر منذ التسعينات، إلا أن ذلك لا ينقص من مواقفه الشجاعة في انتقاد الوضع التي تعرفه البلاد، فلم يتردد أكثر من مرة عن مهاجمة من نعتهم "مافيا المال والسياسة" وهو بذلك منسجم بين أفكاره ومواقفه التي يعبر عنها، ويضيف السعيد لـdw "إن إعلان محمد مولسهول ترشحه لخلافة بوتفليقة يعتبر حدثا ثقافيا وأدبيا بامتياز، وهي بداية التخلص من احتكار فئة بعينها للمشهد السياسي، دون أن تحقق شيئا، بل إنها زادت من معاناتنا"، ويستطرد السعيد قائلا "أتمنى أن تحقق الجزائر الاستثناء في أن يصل إلى رئاستها أديب له مشروعه المتكامل للقضاء على الفقر والبؤس والفوضى، التي أفرزتها سنوات الإرهاب والرشوة والمحاباة".
ردود فعل متباينة
من جهته وصف سيف الدين (25 سنة) ترشح ياسمينة خضرة ب"لا حدث"، فالشخص الذي يعترف في كتاباته وحواراته أنه يختلف عن الإنسان الجزائري، وينعته بأبشع الصفات لا يمكن أن يتوّج على رأس الجزائر التي يقول عنها أن شهرته تفوق شهرتها في العالم، ويضيف سيف الدين "للأسف الشديد أن كل من أعلن عن رغبته في الترشح ليس لهم أي مشروع سياسي أو اقتصادي، هدفهم فقط الترشح سواء بهدف الشهرة أو تحقيق مصالح في أماكن أخرى".
أما عبد العزيز غرمول رئيس حزب الوطنين الأحرار فيرى أنه من الناحية القانونية يحق لأي مواطن الترشح لأي انتخابات، وفي تقدير غرمول فإن ياسمينة خضرة أقدم على هذه الخطوة ليس من أجل أن يكون رئيسا للجمهورية وإنما من أجل توسيع شهرته الأدبية العالمية في حقل السياسة، وأن خضرة يدرك جيدا أن اختيار الرئيس في الجزائر لا زالت تحكمه اعتبارات ليست من بينها حتما ثقافة المترشح وشهرته. فالجزائر بحاجة إلى مرشح قوي تلتف حول مشروعه جميع قوى المجتمع الراغبة في تغيير الواقع، لكن – يضيف غرمول- "نعيش الآن في مرحلة تدنيس المقدس، والعبثية التي نراها في الحياة السياسية والاستعداد للانتخابات الرئاسية تدخل في هذا الإطار".
هافل الجزائر؟
ويرى الدكتور زهير بوعمامة الباحث في العلوم السياسية فغي جامعة عنابة أنه من المفيد أن تشهد الساحة السياسية دخول طبقة المثقفين والأدباء. "ونتمنى أن نرى تجربة "فاكلاف هافل" الأديب الذي أصبح رئيسا في التشيك تتكرر في الجزائر، لكن في حالة ياسمينة خضرة لا يمكن أن نقول أن نموذج "فاكلاف هافل" موجود في شخصه، فلا يعرف للرجل نشاط سياسي أو مسار نضالي يتوج بالترشح لرئاسة الجزائر، وحول الأسباب التي قد دفعت بخضرة للإقدام على هذه الخطوة أوضح بوعمامة لـdw "يبدو أن ياسمينة خضرة يبحث عن التموقع في المرحلة القادمة، ولفت انتباه صناع القرار إلى شخصه فقط، لأنه لا يملك قاعدة انتخابية حتى بين قراءه، كما أن السلطة يمكن أن تستغله من أجل إضافة تنوع في المشهد التنافسي على الرئاسة كما كان الحال في السابق مع شخصيات سياسية أخرى".