1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

ياسين عدنان: الشعر مرجعي الأول لاستكشاف الآخر والإنصات له

٢٨ نوفمبر ٢٠١٢

بمناسبة صدور ديوانه الشعري الرابع تحت عنوان "دفتر العابر " للشاعر المغربي عدنان ياسين حاورته DW عربية للاقتراب من تجربته الشعرية، ولمعرفة دور الشعر في الحوار بين الثقافات وواقع الشعر في المغرب.

Poet Yassin Adnan bei seinem Auftritt in Köln. Das Bild wurde am 17.11.12 von Abderrahmane Ammar in Köln aufgenommen. Copyright: DW
صورة من: DW

في ديوانك الشعري "دفتر العابر"، ترجمتَ فيه أسفارك إلى قصائد شعرية، ومن بين المحطات التي احتفيت بها مدن ألمانيا مختلفة، فماذا تمثل ألمانيا بالنسبة لك؟

لا يتعلق الأمر بقصائد في دفتر العابر، بل بقصيدة واحدة. إنه كتاب شعري عن السفر والعبور. هناك "تروبادور" يتنقل بين العواصم والمطارات محاولا استكشاف العالم بروح أندلسية تعتبر الآخر جزءا لا يتجزّأ من الذات. أما ألمانيا فكانت حاضرة في الديوان إلى جانب إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وسويسرا والنمسا والدنمرك والسويد والولايات المتحدة الأمريكية. طبعا كانت ألمانيا حاضرة من خلال برلين: إحدى أجمل عواصم العالم وأقرب عاصمة أوروبية إلى روحي ووجداني إلى جانب بروكسل. زرت برلين أول مرة حيث نزلت ضيفا على "مؤسسة هاينريش بول،" في إطار برنامج للتبادل الثقافي في مجال الصحافة الثقافية وأقمت بها لمدة شهر كامل في "تيودور هاوس بلاتز". في دفتر العابر عدت إلى بعض ما تبقى من عبوري القديم ذاك: لقاء مع ألمانية اسمها عليا. حب من طرف واحد. و بحث عن الفلسطينية الكامنة في أعماق بنت صارت ألمانية اليوم، يعنيها حزب الخضر أكثر مما تهمها أخبار منظمة التحرير الفلسطينية. إنها الآخر، وقد صارت آخر دون أن تفقد إحساسها بالتوازن و الانسجام. أليست الهوية صيرورة وفعل، حرية في العيش والانتماء؟

في مطار فرانكفورت تحدثت عن الكلاب. تصور أن تنزل من الطائرة فتجد شرطة وكلابا بانتظارك. لا أعرف كيف حصل ذلك. لكن الشرطة كانت هناك والكلاب أيضا بانتظار ركاب الطائرة القادمة من كازابلانكا. فاجأتني ردود فعل الأطفال. الألمان كانوا سعداء بمشهد الكلاب في استقبالهم. أما أطفال المغاربة فاستسلم بعضهم للبكاء. لست محللا نفسيا ولا دارس "ذهنيات"، لكنني شاعر ألتقط السوانح والمفارقات وأحاول صياغتها شعرا. طبعا هناك أكثر من مكان ألماني: هناك إقامة باردة في قرية صغيرة قرب ميونيخ كتبت عنها بسوداوية في دفتر العابر، لكنني حينما رجعت قبل فترة إلى ألبوم صوري وجدت صورا جميلة تخلد تلك الإقامة الديسمبرية الباردة. ومع ذلك كان هناك بعض الدفء الذي تجاهلته لحظة الكتابة. أحيانا يكون السأم داخلك فتسقطه على المكان الذي تكتب فيه أو تكتب عنه. لهذا أحرص على أن أوضح اليوم أن صورة الأمكنة التي كتبت عنها في دفتر العابر تعكس مزاجي الخاص وحالتي النفسية أولا قبل أن تصف الأمكنة. لست محايدا في هذا الكتاب. ولست ذلك الرحالة المنصف لكنني مسافر يطارد ظلال الأمكنة: ظلال هشة مائعة وهندسة من سراب.

طيب. أود أن أعرف هل هناك شعراء ألمان تأثرت بهم؟

ربما هولدرلين. فهولدرلين هو أقرب شعراء اللغة الألمانية إلى نفسي. قرأت هذا الشاعر في ترجماته العربية. ولأمر ما حينما سافرت إلى غرب النمسا وقضيت أياما في فيلدكرغ، هناك تجولت ما بين هذه المدينة الصغيرة وليزنشتاين وجبال الألب السويسرية واستسلمت لبهاء الطبيعة وجمالها وجدتني أكتب عن النمسا وعن طبيعة غرب النمسا كمن يُتمُّ نصا قديما لهولدرلين. ربما أيضا لأنني كتبت في الجزء الخاص بالنمسا عن هايدغر. و بالنسبة لي كان الاثنان دائما وجهين لنفس العملة ورمزين أثيرين للنبوغ الألماني.

الشاعر الشاب ياسين عدنان في امسية شعرية في برلينصورة من: DW

كيف يمكن للشعر خلق جسور للتواصل الثقافي بين الشرق والغرب؟

الشعر يخرجنا من دائرة "الكليشيهات" التي يتفنن الإعلام في صناعتها والترويج لها وتثبيتنا في أذهان الناس. الرأي العام المغرّر به من طرف الإعلام لا يعني الشعراء. الشعراء معنيون بالوجدان العام أكثر. ونحن نراهن على الشعر لخلق وجدان عام يتلقى الآخر كذات لها أحلامها وهمومها و إعطابها وتطلعاتها. لكنها ذات قابلة للتأثير والتأثر، تحتاج فقط إلى من يستكشف إنسانيتها. وأعتقد أن الشعر هو موطن هذه الإنسانية وهو موطن الهشاشة. وأنا عادة ما أبحث عن إنسانية البشر في هشاشتهم. لهذا كنت دائما أعتبر الشعر مرجعي الأول لاستكشاف الآخر والإنصات له. ولهذا ستجد في دفتر العابر الإحالة على شعراء من مختلف الجغرافيات الشعرية العالمية: عربية وغربية.

أنت تكتب الشعر والقصة القصيرة. ما الفرق بين هذين الصنفين الأدبيين بالنسبة لك؟

لا أرى فرقا. أنا متعدد بطبيعتي ولا أؤمن كثيرا بالحدود بين الأجناس الأدبية. لا أؤمن بالزواج الكاثوليكي في الأدب، وأستغرب حينما يطالبني البعض بالإخلاص للشعر على أساس أنني بدأت شاعرا. أعتبر الخيانة في الأدب حقا من حقوق الكاتب. لهذا أخون القصيدة مع القصة وأخونهما معا في ما أخطه أحيانا من مقالات وقراءات نقدية. المهم هو بهجة الكتابة، والمتعة التي تحققها لك. و إذا كان الشاعر القديم قد قال: تعدّدت الأسباب والموت واحد، فإنني أنسج على منواله قائلاً: تعدّدت الأجناس والأدب واحد.

ياسين عدنان أثناء أمسية شعرية في مدينة كولونيا العريقةصورة من: DW

هل القارئ المغربي يقبل على قراءة الشعر أم أن هناك عزوفا عنه؟

أعتقد أن الشعر يبقى أكثر الأجناس الأدبية هشاشة، وهو يعاني فعلا من ضعف الإقبال عليه ليس في المغرب فقط بل في كل العالم العربي. فالناشرون يتبرمون منه، فيما زهد القراء في دواوينه. لذلك أتصور أن علينا إفراد المزيد من المساحات للشعر عبر الإذاعة والتلفزيون ووسائل الاتصال الحديثة. أيضا على الشعراء أن ينزلوا من بروجهم لينفتحوا على زملائهم المبدعين من حقول إبداعية وفنية أخرى لخلق شراكات و ورشات فنية تحقق للشعر بعض الرواج. لأجل ذلك، حاولت في السنوات الأخيرة التعامل مع فنانين مسرحيين وموسيقيين وتشكيليين في ورشات فنية هدفها الأساسي إيجاد قنوات جديدة تعبُر من خلالها القصيدة باتجاه فضاءات جديدة للتلقي.

حاوره عبد الرحمن عمار

حول الشاعر:

ولد ياسين عدنان سنة 1970، بمدينة آسفي. ويعيش منذ طفولته الأولى بمراكش. يشتغل في الصحافة الثقافية العربية منذ عقد ونصف. معد ومقدم البرنامج الثقافي التلفزيوني الأسبوعي "مشارف" الذي تقدمه الفضائيتان المغربيتان. أصدر من مراكش سنة 1991 مجلة أصوات معاصرة، ثم منشورات الغارة الشعرية التي اعتُبرت تكتُّلا للحساسية الشعرية. حصل ياسين عدنان على جائزة مفدي زكريا المغاربية للشعر، الجزائر 1991، و جائزة اتحاد كتاب المغرب للأدباء الشباب، البيضاء 1999، و جائزة بلند الحيدري للشعراء العرب الشباب، أصيلة 2003.

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW