1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

"يجب الكشف عن المعلومات والوقائع القذرة لحرب العراق"

٢٤ أكتوبر ٢٠١٠

انتقادات واشنطن وبغداد للقائمين على موقع ويكيليكس لنشره وثائق سرية حول حرب العراق لا تعدو مجرد كونها خداعاً، فباراك أوباما ونوري المالكي يرتعدان خوفا على صورتيهما في المقام الأول، كما يرى راينر زوليش في التعليق التالي.

في حقيقة الأمر لا تكاد الوثائق السرية، التي نشرها موقع ويكيليكس، تكشف النقاب عن أي معلومات جديدة، فمنذ فضيحة أبو غريب على أبعد تقدير ترسخ انطباع دولي مفاده أن حرب العراق كانت حرب قذرة. إذ اُقترفت فيها جرائم قتل وتعذيب، المرتزقة تصرفون مثل غزاة برابرة، والشيعة والسنة ارتكبوا المجازر بحق بعضهم البعض. ويكاد يُنسى تقريباً أنه تم إسقاط واحدة من أكثر الديكتاتوريات وحشية. وبدلاً عن ذلك ترسخت الآن في وعينا صورة الحرب القذرة بشكل أعمق. وبفضل الكشف عن هذه الوثائق من قبل موقع ويكيليكس نتعرف -ربما- بشكل أدق على حقائق الكثير من الخروقات الوحشية لحقوق الإنسان وعلى أعداد القتلى: فبحسب هذه الوثائق قُتل أكثر من 150 ألف إنسان في العراق بين عامي 2004 و2009، هذا إن كان لنا أن نصدق وثائق المصادر العسكرية الأمريكية.

ولكن هل يمكننا أن نصدقها؟ نعم، يمكننا، فمن حيث المبدأ يبدو أن للوثائق مصداقية. لكن من المهم التعامل معها كما هي: مصدر ما من مصادر عديدة ومصدر من جانب واحد ومخصص في الأصل للتداول داخلياً. وهذا يعني أن ليس كل ما ذُكر في هذه الوثائق، يجب أن تكون له صبغة الحقيقة المرة، التي كان يُراد حجبها عن الرأي العام العالمي بصورة مقصودة. وقد يكون بعضها يحتوي على أنصاف الحقائق ووقائع غير صحيحة، ربما حين يقوم واضعو التقارير بالخروج باستنباطات خاطئة من زاوية شخصية أو حين يريدون إخفاء تقصيرهم عن رؤسائهم. وكما هو معروف لا يوجد شيء "يُكتب بطريقة جميلة" غالباً أو حتى يُتلاعب به مثل تقارير المسائلة للجهات المشرفة العليا، وهذا الأمر يمكن أن ينطبق على الجيش الأمريكي في العراق.

إذن، فإن الأسئلة الحساسة مسموح بها من دون شك: هل فعل ويكيليكس حقاً كل شيء خلال معالجته للوثائق، كي يحول دون تهديد حياة أي أشخاص آخرين؟ لا يمكننا إلا أن نأمل ذلك ولا يمكننا إلا الانتظار. وعموماً: من يتحكم حقيقةً بموقع ويكيليكس؟ ومن المؤكد أن مثل هذه الأسئلة قد خطرت على بال القائمين على موقع ويكيليكس أيضاً نظراً للزيادة الملحوظة في تأثيره السياسي، مثل وسائل الإعلام التقليدية أو موقع فيسبوك أو يوتيوب، فجميعها تتحمل مسؤولية كبيرة من دون أن تكون قد اُختيرت لذلك. لكن الأمر يتعلق هنا أيضاً بمن يطرح مثل هذه الأسئلة وبأي دوافع.

إن النقد، الذي وجهته الآن حكومتا واشنطن وبغداد إلى القائمين على موقع ويكيليكس، يعد خداعا. فكلاهما يعتريه القلق على صورته في المقام الأول. والرئيس الأمريكي باراك أوباما يبدو ظاهرياً فقط في وضع مريح، لأنه لا يستطيع الاعتماد على أن جميع الأخطاء القاتلة اُرتكبت في زمن سلفه جورج بوش، فسمعة بلد بأكمله يُشهر بها الآن مجدداً في الإدراك المختزل للكثير من الأشخاص، ليس في الدول العربية فقط.

إن نشر الوثائق يعد أمراً صعباً بالدرجة نفسها على الأقل بالنسبة إلى رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، إذ بات يبدو الآن علناً كرجل سياسة يدعم عمليات التعذيب، ومن بينها إساءة معاملة أنصار بعض الأحزاب السياسية-الدينية، الذين يحاول الفوز بهم كشركاء في تحالفه الجديد منذ سبعة أشهر. ولا عجب أن المالكي يلمس في ذلك مكيدة حُيكت ضده، فهو يعرف أن نشر تفاصيل مرعبة جديدة ضده يمكن أن يعني نهايته سياسياً.

وطالما لم يثبت أن هذه الوثائق مزورة أو تحتوي على معلومات خاطئة، الأمر الذي لا يوجد عليه دليل حتى الآن، فإن الذنب في ذلك يقع بلا ريب على المالكي نفسه وعلى الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وليس على موقع ويكيليكس. ويجب الآن أن يسري على حرب العراق تماماً ما سرى آنذاك على فيتنام: التفاصيل القذرة يجب أن يُدقق فيها بعناية والوقائع القذرة يجب أن تخرج إلى العلن. وهذا ما يستحقه مواطنو العراق على الأقل.

راينر زوليش

مراجعة: عبده جميل المخلافي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW