1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

يوميات سورية ـ زيارة إلى قدسيا، تلك البلدة الملتهبة قرب دمشق

٥ أغسطس ٢٠١٢

تتضارب الأنباء دائما بشأن المناطق التي مازال الجيش السوري يسيطر عليها والمناطق التي وقعت في يد المعارضة المسلحة، كما هو الحال بالنسبة إلى بلدة قدسيا غير البعيدة عن وسط دمشق العاصمة،والتي نزورها من خلال هذا التقرير الخاص.

HANDOUT - Der Ausschnitt aus einem Video Ugarit News vom Samstag (28.07.2012) zeigt einen bewaffneten Mann hinter Sandsäcken in Aleppo. Foto: Ugarit News dpa (ACHTUNG: Bestmögliche Qualität. DPA nutzt das Bild von einer alternativen Quelle und kann keine Gewähr für den genauen Ort und das genaue Datum geben.) +++(c) dpa - Bildfunk+++
صورة من: picture-alliance/dpa



"وتستمر عمليات التطهير"، بهذه العبارة تستهل المذيعة نشرة أخبار التلفزيون الرسمي وهي تعدد بزهو شديد حصيلة المناطق التي تم "تطهيرها من فلول الجماعات الإرهابية المسلحة"، كما تشرح بكل ثقة بالنفس كيف تم إعادة الأمن والأمان إلى هذه المناطق. بالطبع الحديث هنا عن العاصمة دمشق وبعض الأحياء المحيطة بها والتي تتبع محافظة ريف دمشق، وذلك إثر سيطرة المسلحين على بعض الأحياء كالميدان والتضامن والقابون.

 
ومن بين الأحياء التي كانت المذيعة قد "طهرتها من فلول الإرهابيين" حي قدسيا أو بلدة قدسيا، حسب اسمها الرسمي لأنها تابعة لمحافظة ريف دمشق. وقدسيا البلدة، انضمت منذ بداية حركة الاحتجاجات إلى الحراك الثوري وتعرضت عدة مرات لعمليات اقتحام أسفرت عن سقوط العشرات من القتلى من سكانها لكنها بقيت خارج سيطرته، فكيف تم تطهيرها من الجماعات المسلحة؟


قتلني الفضول فقررت أن أتأكد بنفسي من خلال زيارة لهذا الحي أو البلدة التي لا تبعد عن مركز دمشق سوى باثني عشر كيلو مترا وتحمل المخاطر. والتنقل بين مركز العاصمة وحي قدسيا يكون عادة بسيارات الأجرة العمومية (سرفيس) التي لا تكلف أكثر من عشر ليرات ولا تستغرق أكثر من ربع ساعة. وما شجعني على الزيارة أكثر هو وجود صديقتي عليا هناك، فقررت الذهاب لأطمئن على حالها بعد أن علمت أن والدة عليا صممت على عدم النزوح بالرغم من القصف العنيف الذي تعرضت له البلدة. بقيت صديقتي مع والدتها واخوتها الصغار بعد أن التحق أخاها ماهر بالخدمة العسكرية الإلزامية.

لكن كيف سأصل إلى هناك في هذه الظروف؟ سيارات الأجرة العامة غير موجودة وسيارات الأجرة الخاصة (تاكسي) لا تجازف بالذهاب إلى مثل هذه المناطق رغم تطمينات التلفزيون الرسمي السوري. قلت لأجرب حظي وفعلا وفقت بالعثور على أحد سائقي التاكسي المجازفين. فبعد مفاوضات شاقة معه وافق على أن يقلني إلى هذه البلدة عبر زيادة أجرته إلى أربعة أضعاف الأجرة المعتادة.


وصلنا إلى مشارف البلدة بسرعة قياسية رغم وجود عدة حواجز أمنية على الطريق تقوم بتفتيش السيارات والأشخاص والتحقق من هوياتهم. توقفت سيارة الأجرة عند آخر حاجز أمني على مشارف البلدة. اقترب عنصر الأمن من السيارة وقام بتفتيشها سريعا وطلب منا هوياتنا كالعادة. وبعد أن أعادها إلينا همس قائلا "أنصحكم بعدم الدخول للبلدة لأنها ما زالت تحوي بعض الإرهابيين". وبعد إصراري على دخول البلدة لزيارة أقارب لي للاطمئنان عليهم وتذكيره بأن التلفزيون الرسمي يقول إنها أصبحت منطقة آمنة، سمح لي بالدخول ولكن على مسؤوليتي الشخصية. وافقت على الفور ونزلت من سيارة الأجرة بعد أن رفض السائق "أن يجازف بحياته"، على حد قوله ويوصلني إلى بيت صديقتي.
 

السكان يخرجون فقط شراء حاجاتهمصورة من: Reuters


توجهت إلى داخل قدسيا سيرا على الأقدام، حيث فوجئت بمشهد البلدة الذي يكاد يخلو من أي مظهر من مظاهر الحياة فيها. فجميع المحال التجارية مغلقة بعد أن نالت نصيبها من الرصاص والدمار، أما الشارع الرئيسي فيكاد يخلو من المارة إلا من بعض الأشخاص الذين يحملون الخبز أو بعض المواد التموينية الأساسية. "علم الاستقلال" أو "علم الثورة"، كما يسميه المعارضون، مرسوم على أغلب الجدران بالإضافة إلى عبارة "يسقط بشار" وغيرها من شعارات الحراك الثوري والمعارضة السورية.

وقبل أن أصل إلى الساحة الرئيسية لقدسيا، حيث تقطن صديقتي، بحوالي مئة متر تقريبا ظهر لي ثلاثة أشخاص مسلحين، اثنان منهم كانا بالزي العسكري إلا أنهم (الثلاثة) كانوا ملثمين لا تظهر سوى أعينهم من خلف الأقنعة القماشية التي كانوا يرتدونها. كانوا يقفون وراء ساتر رملي رسم عليه "علم الاستقلال" وقد شكلوا ما يشبه الحاجز الأمني. علمت عندها أنه حاجز للمعارضة المسلحة أو ما بات يعرف بالجيش الحر. ترددت في المضي نحوهم إلا أنهم أشاروا لي بالاقتراب منهم. وعندما وصلت إلى الحاجز طلبوا هويتي الشخصية وسألوني عن وجهتي وبعد أن أجبتهم قال لي أحدهم: "يا أختي اقضي حاجتك وانزلي فورا، لا نعرف متى تتجدد الاشتباكات والقصف على البلدة"، وطلب من أحد زملائه مرافقتي إلى بيت صديقتي.


بعد أن قطعنا هذا الحاجز كان الكثير من الرجال الملثمين أيضا يقفون على جانبي الطريق وقد تسلحوا بأسلحة مختلفة. لاحظت بوضوح عدم وجود أي مظهر من مظاهر سلطة الدولة في الشوارع حتى أن مخفر الشرطة، الذي مررنا بجانبه، كانت أبوابه مغلقة وسيارات الشرطة التي تقف بجانبه محترقة. سألت الشاب الذي رافقني إن كان المخفر خاليا من عناصر الشرطة فأجابني "طبعا لا، ما زالت عناصر الشرطة بداخله إلا أنهم يخافون منا كثيرا ولا يجرؤون على الخروج إلا لجلب الحاجات الأساسية، فالأرض لنا نحن الثوار أما الجو فلهم".

 
وعندما وصلنا إلى البناء الذي تقطن به صديقتي تركني الشاب بعد أن وعدته بأني لن أتأخر بالخروج من البلدة. مضت الدقائق ثقيلة أثناء هذه الزيارة، فالحزن والحيرة كانا يخيمان على عائلة صديقتي بعد تلقيهم خبر إصابة ابنهم ماهر في إحدى الاشتباكات التي جرت في مدينة حلب بين الجيش النظامي والجيش الحر. وبينما كنت أحاول أن أهدئ من روع العائلة بسبب الأخبار المتعلقة بابنها، تجددت أصوات الاشتباكات من بعيد فأثرت العودة سريعا خوفا من وصول المعارك إلى ساحة البلدة الرئيسية.

سوسن محروسة ـ دمشق

مراجعة: يوسف بوفيجلين

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد

اكتشاف المزيد

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW