يونكر أوروبي بامتياز ترفضه بريطانيا
٢٨ يونيو ٢٠١٤ربما كان وزير الاقتصاد الفرنسي بيار موسكوفيسي على حق حين قال عنه "يونكر يعرف كل شيء ويعرف الجميع". فيونكر كان رئيسا لوزراء لوكسمبروغ طيلة 19 عاما (1995-2013) وكان رئيسا لمجموعة اليورو، وعليه فقد تعرف على كل القادة الأوروبيين منذ أيام فرنسوا ميتران وهلموت كول. وحسب موسكوفيسي، فلدى يونكر "الخبرة بحسناتها وسيئاتها، ويمكنه التوفيق بين اليمين واليسار. كما أنه من ثقافة مزدوجة: فرنسية وألمانية".
وعايش يونكر (59 عاما) التحول الكبير للاتحاد الأوروبي وفشل المعاهدة التأسيسية في 2005 وبدء تطبيق معاهدة لشبونة بعد أربع سنوات واعتماد العملة الموحدة ثم أزمة الديون وإنقاذ اليورو وهي مهمة كرس لها جهودا كبيرا على رأس مجموعة دول اليورو حتى مطلع عام 2013.
ولد يونكر في التاسع من كانون الأول/ ديسمبر 1954 في لوكسمبروغ البلد الصغير بين فرنسا وألمانيا وإحدى الدول الست المؤسسة للاتحاد الأوروبي. ويونكر معتاد على التحالفات مع الاشتراكيين الذين شاركهم في الحكم بشكل شبه دائم كما أنه أبدى مهارة كبيرة في التفاوض والمساومة.
مشكلته في بريطانيا ـ رجل من الماضي
وفي حين قوبل ترشيحه للمفوضية الأوروبية بتأييد كبير حتى لدى أحزاب اليسار، فإن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وقف ضده وشن حملة عليه واصفا إياه بأنه "رجل من الماضي". كاميرون لم يتوقف عند هذه النقطة بل اتهمه بأنه "الشخص غير المناسب" لتولي رئاسة المفوضية الأوروبية.
بدورها لم تتردد الصحف البريطانية في شن حملة ضده ركزت على حياته الشخصية. فيونكر المدخن اتهم في الإعلام البريطاني بالميل المفرط إلى شرب الكحول. وبعض صحف الإثارة نعتت والده الذي تم تجنيده رغم إرادته في القوات النازية بأنه "نازي". واستنكر يونكر هذا الهجوم "المقزز" الذي آلمه إلى حد كبير.
ويبدو أن البريطانيين لم ينسوا الانتقادات اللاذعة التي وجهها يونكر في حزيران/ يونيو 2005 "للمصالح الخسيسة والدنيئة"، التي تخفيها المعارضة البريطانية لمشروع إقامة دولة مهيمنة أوروبيا. ويعتبر خطابه هذا أمام البرلمان الأوروبي هجوما لاذعا معاديا لبريطانيا، لم تتجاوزه الأخيرة حتى الآن.
سياسي مراوغ يحرج خصومه وحلفاءه
وغالبا ما بدا يونكر، الذي سيبلغ الستين بحلول نهاية العام، متعبا خلال الحملة ويواجه صعوبات في بث الحماس في خطاباته المتفق عليها. وكان يعرف طيلة سنوات بحس الفكاهة اللاذع أحيانا وبصراحته المباشرة التي لم يتردد في استخدامها ضد دول كبرى. فقد رفض أن تملي فرنسا وألمانيا شروطهما على سائر دول الاتحاد كما ذكر باريس بضرورة الوفاء بالتزاماتها لجهة العجز، كما طالب برلين بإبداء تضامن أكبر مع الدول التي تمر بأزمات.
بيد أن يونكر يتقن في الوقت نفسه فن المراوغة ويعرف كيف يتهرب من أسئلة الصحافيين. وركز يونكر خصوصا على تعزيز البناء الأوروبي مع رؤية وحدوية كانت وراء منحه في العام 2006 جائزة شارلمان المرموقة للوحدة الأوروبية. إلا أن هذا السياسي المحنك الذي يجيد كل الخبايا، عرف كيف يوفق بين مثاليته مع حس قوي بالواقع خصوصا لخدمة مصالح بلده الذي دافع لفترة طويلة وبحماس عن إبقاء السرية المصرفية فيه.
وقال يونكر "بالنسبة إلي أوروبا خليط من الأعمال الملموسة والمعتقدات القوية"، مضيفا أن "العقائد القوية لا تؤدي إلى شيء ما لم ترفق بالبراغماتية". ولطالما دافع يونكر عن ضرورة إعطاء حيز أكبر للبعد الاجتماعي. وعليه فقد ساهم عندما كان على رأس مجموعة اليورو في إعداد وتطبيق سياسات التقشف التي نسبت لاحقا إلى المفوضية الأوروبية.
أ.ح/ ح.ع.ح (أ ف ب)