بات استعمال شبكة الانترنت أمراً شائعاً وضرورياً في حياتنا اليومية، محولاً العالم إلى قرية صغيرة، يمكن استكشافها بكبسة زر واحدة. وبالرغم من أن بدايات شبكة الانترنت كانت في الستينيات، إلا أنها لم تنتشر بين المستخدمين في كل مكان إلا بعد ابتكار نظام "الشبكة العنكبوتية العالمية www". وبالرغم من ابتكار تلك الشبكة بعد نحو 30 عاماً من وجود الانترنت، إلا أن لفظ "الانترنت" أصبح يطلق على تلك الشبكة التي سهلت على المستخدم الوصول إلى المعلومات وإرسالها. ويرجع الفضل في هذا إلى الفيزيائي البريطاني تيم بيرنيرز لي، الذي ابتكر برامج لتوحيد الأنظمة التي تعتمد عليها شبكة الانترنت.

فوضى معلوماتية

تبدأ القصة في نهاية ثمانينات القرن الماضي في مركز الأبحاث لفيزياء الجزيئات سيرن CERN في جينيف السويسرية، حيث كان يعمل بيرنيرز لي. وومضت في رأسه فكرة إنشاء شبكة عالمية تربط بين الأجهزة المختلفة لتسهل تناقل المعلومات، وشاركه زميله البلجيكي روبرت كاييو ذلك الحلم. وبالرغم من تواجد الانترنت بالفعل آنذاك ومن انتشارها في كل المراكز العلمية وتمكن العلماء من تبادل المعلومات عبرها، إلا أن ما كان يحلم بيرنيرز لي بالوصول إليه هو توحيد نظام إرسال واستقبال هذه المعلومات، كما يؤكد كاييو ويضيف: "كانت شبكة الانترنت موجودة، لكننا كنا بحاجة إلى أجهزة خاصة وكلمة سر للحصول على المعلومات الموجودة عليها، وكانت الأمور في غاية التعقيد".

أراد بيرنيرز لي أن يعيد ترتيب الفوضى في بنوك المعلومات وتناثر المعلومات في كل مكان لتسهيل تبادل نتائج البحوث العلمية بين علماء العالم. واختار الفيزيائي البريطاني شبكة الانترنت كبنية تحتية لمشروعه، وبدأ مساعيه إلى توحيد النظام العالمي لتبادل المعلومات، ويقول متذكراً تلك الحقبة:"حاولت وقتها إيجاد جيل جديد من أجهزة الكمبيوتر وأنظمة العمل ولغات البرمجة. إذ كان علينا توحيد جهود أفراد فريق العمل، الذين كانوا يعيشون أحياناً في بلاد أخرى ويتحدثون لغات أخرى".

فكرة الويب

وتتمحور فكرة بيرنيرز لي حول ربط المعلومات عن طريق النصوص الفائقة „Hyperlink“ وهو نظام للترابط بين النصوص في شبكة الانترنت، يمكن مستخدم الانترنت من الولوج إلى نصوص مكتوبة وصور ووسائط متعددة بمجرد النقر عليها. وفي عام 1991، أعلن بيرنيرز لي عن برنامجه والذي سماه "الشبكة العنكبوتية العالمية" „World Wide Web“ واختصارها "ويب" www. وقد اختار فريق العمل هذا الاسم منذ بداية مشروعهم، كما يؤكد كاييو، لأنهم لم يكونوا ليرضوا بأقل من شبكة تجمع العالم كله بعضه ببعض على حد قوله.

ولم يهتم بيرنيرز لي بالأرباح، التي كان من الممكن أن يجنيها من بيع تلك الفكرة، بل اهتم بتطوير برنامجه ونشره عالمياً. ويقول بيرنيرز لي بكل تواضع:" كان بمقدور أي شخص آخر انجاز ما أنجزته"، ويضيف: "لقد انتشرت الويب بسرعة بفضل مساعدة الآخرين وتقبلهم للفكرة". وبفضل هذا النظام العالمي، أصبحت المعلومات متاحة بالمجان وفي متناول الجميع رغم بعد المسافات واختلاف أنظمة الكمبيوتر، وأصبحت أكثر الحروف كتابة في العالم هي ثلاثة حروف www. واليوم، أتم النظام العالمي عيده الخامس عشر، حيث تم العمل به رسمياً يوم 30 أبريل/نيسان عام 1993.