20 ألف طفل فروا من شرقي حلب مع استمرار المعارك العنيفة
٢ ديسمبر ٢٠١٦
أمست قوات النظام السوري تسيطر على نصف أحياء شرقي حلب، وفر نحو 20 ألف طفل مؤخرا من منازلهم هناك، يحتاجون للمساعدات، طبقا للأمم المتحدة. بينما قال لافروف إنه لا توجد مشاكل لتسليم المساعدات الإنسانية لشرق حلب.
إعلان
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان مساء اليوم الجمعة (الثاني من ديسمبر/ كانون الأول) أن قوات النظام باتت تسيطر على نصف الأحياء في مدينة حلب، التي كانت تحت سيطرة الفصائل المعارضة المسلحة قبل بدء الهجوم الواسع في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي على هذه الأحياء.
وذكر المرصد أن مسلحي المعارضة تمكنوا بدعم من "جهاديي" تنظيم فتح الشام (جبهة النصرة سابقا)، من قلب الوضع في حي الشيخ سعيد، وتمكنوا من استعادة 70 بالمئة من الحي بعد أن كانت القوات النظامية هي التي تسيطر على 70 بالمئة منه.
ومنذ بدء الهجوم على حلب في منتصف تشرين الثاني/ نوفمبر، قتل 307 مدنيين بينهم 42 طفلا و21 امرأة في أحياء حلب الشرقية، بحسب المرصد. كما قتل 59 شخصا بقذائف أطلقها مسلحو المعارضة على أحياء حلب الغربية.
حاجة ماسة للمساعدات
وقالت الأمم المتحدة اليوم الجمعة إن قرابة 31500 شخص فروا من منازلهم في الأحياء الشرقية من حلب منذ الرابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. وقدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن نحو 60 في المئة من الفارين، أي 19 ألف شخص، هم من الأطفال. بينما أشارت تقديرات للمرصد السوري لحقوق الانسان إلى أن 50 ألف شخص، من أصل سكان الأحياء الشرقية للمدينة، الذي كان نحو 250 ألفا، فروا من أعمال العنف منذ السبت الماضي وتوجهوا إلى الأحياء الغربية، الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية. وحذرت الأمم المتحدة من أن الوقت بدأ ينفد لتزويد الأطفال، الذين فروا من منازلهم في شرقي مدينة حلب في الأيام الأخيرة، بالمساعدات التي هم بأمس الحاجة إليها.
من جانبه أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اليوم الجمعة في مؤتمر صحافي بروما بعد لقاء مع نظيره الإيطالي باولو جينتيلوني أن قوافل المساعدات الإنسانية ستدخل الأحياء الشرقية في حلب بشكل "آمن"، وقال "لقد أبلغنا الأمم المتحدة في نيويورك وجنيف عدم وجود أي مشاكل في تسليم المساعدات الإنسانية إلى شرقي حلب". وتابع وفقا لتصريحاته كما نقلتها وكالة ريا نوفوستي "يجب الاتفاق مع الحكومة السورية حول مرور هذه القوافل التي لم تعد تواجه تهديدا، والأمم المتحدة ما زالت تدرس كيف يمكن أن يتم ذلك". وأضاف لافروف أن "أولئك الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، في انتهاك لقرار الأمم المتحدة، يعيقون محادثات السلام السورية..."
في صور: معارك بلا هوادة وحرب بلا نهاية - حلب تحت النار
صورة من: Reuters/A. Ismail
"ماذا بقي من حلب؟"، لعل هذا السؤال الذي يطرحه هذا الطفل الذي يتأمل ما خلّفه القصف المتواصل على المدينة الجريحة المنكوبة؟ أو فقط لعله يتساءل عما بقي من بيت أهله وأين سيقضي ليلته دون سقف قد لا يقيه راجمات الأسد ولا قاذفات حلفائه الروس. في غضون ذلك، تتواصل معاناة عشرات الآلاف من سكان حلب...والعالم لا يحرك ساكنا!
صورة من: Reuters/A. Ismail
حتى عندما قصفت الصواريخ التي أطلقتها قوات الأسد مدعومة بقوات روسية المستشفيات، على غرار مستشفى ميم 10 والمعروف باسم "مستشفى الصخور" الواقع في شرق حلب وقُتل اثنان من المرضى وأصيب العشرات منهم، لم يحرك العالم ساكنا. البعض ندد وناشد... والأسد - مدعوما بحلفائه روسيا وإيران وحزب الله - يواصل الحرب على شعبه.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وفيما تتفاقم معاناة المدنيين، تحتفل قوات الأسد بتقدمها على حساب فصائل المعارضة في حلب... ودمشق تؤكد أن جيشها سيواصل حملته العسكرية الكبيرة - بمؤازرة من فصائل تدعمها إيران وغطاء جوي روسي - لاستعادة السيطرة.
صورة من: Getty Images/AFP/G. Ourfalian
في غضون ذلك، يشيع الحلبيون يشيعون موتاهم إلى مثواهم الأخير في حرب تعددت فيها الجبهات وتنوعت فيها الأطراف بين من يدعم الأسد جهراً وسراً وبين من يدعم المعارضة بالسلاح بشكل مباشر أو غير مباشر. حرب وُصفت بـ"الوحشية" من قبل الأمم المتحدة، فيما تتحدث الصور التي تصلنا عنها عن "بشاعة" تكاد لا تجد ما يضاهيها في الشرق الأوسط منذ عقود طويلة.
صورة من: Getty Images/AFP/A. Alhalbi
ومن لم يحالفه الحظ بالهرب إلى خارج البلاد، يكون مصيره إما الموت أو الإصابة أو العيش في هلع يومي. الأكيد أن أكبر ضحايا هذه الحرب هم الأطفال. فقط بعض الصور التي تصلنا من حلب توثق مدى معاناة هؤلاء: ففي آب/ أغسطس الماضي، صدمت صورة الطفل عمران بوجهه الصغير الملطخ بالدماء والغبار وهو يجلس داخل سيارة إسعاف، الملايين حول العالم بعد إنقاذه من غارة استهدفت الأحياء الشرقية في حلب. وما لا نعرفه كان أعظم!
صورة من: picture-alliance/AA/M. Rslan
حتى قوافل المساعدات الإنسانية التي جاد بها المجتمع الدولي للتخفيف بعض الشيء من معاناة المدنيين في حلب لم تسلم من القصف. فقبل أسبوعين تعرضت قافلة مساعدات في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب الغربي للقصف ما أسفر عن مقتل "نحو عشرين مدنياً وموظفاً في الهلال الأحمر السوري، بينما كانوا يفرغون مساعدات إنسانية من الشاحنات"، وفق الاتحاد الدولي للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري.
صورة من: picture alliance/newscom/O. H. Kadour
وفيما يبقى المجتمع الدولي عاجزا حتى على التوصل إلى وقف لإطلاق النار في حلب وإتاحة المجال لتوصيل المساعدات الإنسانية والطبية إلى المدنيين المحاصرين، يبقى أصحاب الخوذات البيضاء "الأبطال" في عيون العديد من الحلبيين. رغم الحديد والنار ورغم الصواريخ والقاذفات، ظلوا في مدينتهم لمد يد المساعدة وإنقاذ الأرواح من تحت الأنقاض.
صورة من: Reuters/A. Ismail
وبينما يقضي أقرانها في أغلبية دول العالم أوقاتهم في المدرسة أو في اللعب، تجد هذه الطفلة السورية نفسها مجبرة على الوقوف في صف طويل من أجل الحصول على بعض من الطعام الذي توزعه بعض المنظمات الانسانية - طبعا إن سملت هي بدورها من قصف قوات الأسد وقاذفات الطائرات الروسية. بالنسبة للعديد هذه الصورة إنما حالة تبعث للحزن، ولكنها واقع مر لعشرات الآلاف من الأطفال السوريين...
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
وفيما يتحمل العديد من الحلبيين الواقع المر بالكثير من الصبر، نفذ صبر واشنطن خلال مفاوضاتها مع روسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا. وروسيا، التي عبرت طبعاً عن أسفها لذلك، تواصل دعمها للأسد. مراقبون يتحدثون عن لعبة بوتين في الشرق الأوسط من أجل حمل أمريكا وحلفائها الغربيين على إسقاط العقوبات المفروضة على بلاده بشأن دورها في أوكرانيا. إذن سوريا ليست إلا ورقة تفاوض للي ذراع أمريكا؟
صورة من: Getty Images/AFP/J. Samad
في الأثناء يواصل مجلس الأمن الدولي نقاشاته ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا لم ينفك يتحدث عن الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري - وخاصة المدنيين في حلب - ويناشد المجتمع الدولي وخاصة المنخرطين في الصراع السوري بعضا من "الشفقة"... والكل يدين ويكرر الدعوات إلى إيجاد حلول سياسية. فهل من آذان صاغية؟
صورة من: Reuters/A.Kelly
إلى حين إيجاد حل للأزمة السورية... إن وجد أصلا، يبقى العديد من المدنيين في حلب يواجهون مصيرهم بأنفسهم تحت القصف المتواصل دون أن تلوح في الأفق بادرة عن نهاية معاناتهم. فهل من أمل في غد أفضل؟
شمس العياري
صورة من: picture-alliance/AA/E. Sansar
11 صورة1 | 11
وفي سياق آخر أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن نحو ألفي شخص بينهم مقاتلون من الفصائل المعارضة مع عوائلهم غادروا الجمعة مدينة التل الواقعة تحت سيطرة هذه الفصائل في شمال دمشق في إطار اتفاق مع الحكومة السورية. وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إن "نحو ألفي شخص غادروا التل ونقلوا في أكثر من أربعين حافلة إلى محافظة إدلب" التي تسيطر عليها المعارضة بشكل شبه كامل.