منذ اكتشافه عام 1983 ومرض الإيدز يرعب الكثيرين عند سماع اسمه، بسبب قدرته على تدمير مناعة الجسم. هذه الصورة لا زالت تفرض نفسها على المجتمع رغم وجود معالجة فعالة ضد الفيروس آتت ثمارها.
إعلان
لا تكاد تكون هناك أمراض تسبب قلقاً كبيراً عند سماع اسمها مثل مرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)، لما لفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) الناقل لها من قدرة على التغير والتحول مع مرور الوقت. ففي عام 1981، تم الاعتراف بالإيدز كمرض، ومنذ ذلك الحين انبثقت مبادرات عديدة، من الأمم المتحدة كذلك، لبذل جهود لتقليص عدد حالات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
وبحلول عام 2018، تم تسجيل 37 مليون و900 ألف حالة إصابة بفيروس نقص المناعة البشرية في جميع أنحاء العالم. وأصيب في عام 2018 وحده 1.7 مليون شخص بالفيروس، حسب ما ذكر موقع "فرانكفورته روندشاو" الألماني. بالإضافة إلى ذلك، توفي 770 ألف شخص مصاب بهذه الحالة المرضية في جميع أنحاء العالم عام 2018.
فما هو إذاً فيروس نقص المناعة البشرية وما الفرق بينه وبين متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز)؟
نقص المناعة البشرية (HIV) فيروس يؤدي إلى الإيدز وتم اكتشافه عام 1983 من قبل لوك مونتانييه وفرانسوا باري-سنوسي. نوعان من فيروس نقص المناعة البشرية معروفان حالياً، هما (HIV-1) و(HIV-2).
عند الإصابة بفيروسات نقص المناعة البشرية، تهاجم الفيروسات الخلايا التائية المساعدة في جسم الإنسان وتدمّرها، وبالتالي لا يستطيع الجسم الدفاع عن نفسه عند تعرضه لأي مرض. ويمكن لفيروس نقص المناعة البشرية أن يبقى في الجسم لسنوات عديدة دون اكتشافه حتى تفشي مرض الإيدز، كما جاء في موقع "فرانكفورته روندشاو" الألماني.
المصابون بفيروس نقص المناعة البشرية (HIV) ليسوا بالضرورة مصابين بمرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز). هذا يعني أن المصاب بالفيروس يحمله ويستطيع نقله لشخص آخر، لكن مرض (الإيدز) لم يُصِب جسمه بعد. وعندما يلحقُ فيروس (HIV) الضرر بجهاز المناعة لدرجة لا يستطيع فيها الجسم مقاومة الأمراض، في هذه الحالة يمكن القول إن الجسم مصاب بمرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز).
هذا وينتقل فيروس (HIV) عن طريق المني والسائل الذي يخرج قبل المني، بالإضافة إلى سوائل المهبل أثناء الولادة أو حليب الأم المصابة. وتعتبر الطرق الأكثر شيوعاً للإصابة هي الجماع غير الآمن واستخدام المحاقن الملوثة، لاسيما أثناء تعاطي المخدرات. لكن حتى نقل الدم يمكن أن يكون من الناحية النظرية طريقاً للعدوى. لذلك يتم فحص تبرعات الدم بعناية شديدة للتأكد من خلوها من فيروس نقص المناعة البشرية.
على الرغم من أن تشخيص فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) ومرض متلازمة نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) لدى شخص ما كان كافياً في الماضي بإصدار حكم الموت الحتمي عليه،، إلا أنه منذ أكثر من 20 عاماً، تطور عدد من العلاجات الفعالة ضد فيروس نقص المناعة البشرية.
وتقوم المعالجة المضادة للفيروسات الهالكة على استعادة الجسم لجهازه المناعي ومنع تفشي مرض الإيدز. وفي حالة نجاح المعالجة، ينخفض عدد فيروسات (HIV) في الدم إلى مستوى لن تظهر فيه عند القيام بالكشف الطبي، بالإضافة إلى ذلك لن ينتقل الفيروس إلى شخص آخر.
ع. اع/ ي.أ
حقائق وأرقام عن الإيدز وفيروس نقص المناعة المكتسب
قدمت الأمم المتحدة إحصائيات جديدة عن الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب المسبب للإيدز، الذي بات أحد أمراض عصرنا. إليك معلومات وحقائق عن هذا المرض:
صورة من: picture-alliance/dpa/P. Pleul
ما الفرق بين فيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز؟
يدل الرمز HIV على فيروس نقص المناعة المكتسب، الذي يدمر خلايا معينة من الجهاز المناعي. بدون علاجه يمكن لمسببات الأمراض مثل البكتيريا والفطريات أو الفيروسات مهاجمة الجسم. فيُصاب بالأمراض المختلفة كالالتهاب الرئوي الحاد. وهنا يصبح الإنسان مريضاً بالإيدز. لا يموت المريض بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة، لكن بسبب أحد هذه الأمراض التي لم يعد الجسم قادراً على مقاومتها.
صورة من: picture-alliance/Photoshot/B. Coleman
متى شُخصت الإصابة الأولى؟
رغم الكثير من التكهنات والنظريات عن تاريخ المرض، وبعضها لا يخلو من نظرية المؤامرة، فقد تم تشخيص أولى حالات الإصابة بالإيدز في الخامس من حزيران/ يونيو 1981 عندما اكتشفت وكالة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها عدداً من حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي بالمتكيسة الجؤجؤية لدى خمسة رجال من المثليين في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/C. Goldsmith
هل ما زال المرض قاتلاً؟
في الثمانينات لم يكن هناك أي أدوية لعلاج العدوى بفيروس نقص المناعة المكتسب، فقد كانت الإصابة به تعني عملياً الإصابة بالإيدز، وكان تشخيص "فيروس نقص المناعة المكتسب" معادلاً لـ "الحكم بالموت". عمَّ حينها الخوف من وباء حقيقي. وفي منتصف التسعينات ظهرت أولى الأدوية في السوق، والتي يمكن أن تبطئ تطور المرض على الأقل رغم آثارها الجانبية الخطيرة.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
ما حجم خطر العدوى؟
الفيروسات هي المسؤولة عن العديد من الأمراض المعدية لدى الإنسان، بعض الفيروسات كفيروسات الإنفلونزا يمكنها أن تنتقل بسرعة كبيرة نسبياً، ويكفي أحياناً التعرض لسعال الآخرين في الباص مثلاً لانتقال العدوى. لكن انتقال فيروس HIV أكثر صعوبة، إذ لا ينتقل بالتقبيل أو السعال أو استخدام المرحاض ذاته مع مصاب.
كيف تحصل العدوى؟
لا يداهم خطر الإصابة بالفيروس إلا عندما تدخل سوائل الجسم المحتوية على كمية كبيرة من الفيروسات إلى جسم شخص آخر. ويحدث ذلك تقريباً في حالات ثلاث: ممارسة الجنس، وبالحقن الملوثة بدم المصابين عند تعاطي المخدرات مثلاً، وأثناء الحمل والولادة أو الرضاعة الطبيعية من الأم الحاملة للفيروس.
صورة من: picture-alliance/dpa
هل يمكن الشفاء منه؟
فيروس نقص المناعة المكتسبة ما يزال غير قابل للشفاء، لكنه قابل للعلاج. هناك أدوية فعالة تحدد من نشاط هذا الفيروس في الجسم وبالتالي تمنع ظهور الإيدز. هذه الأدوية لها أيضاً آثار جانبية أقل من سابقاتها، لذلك يمكن للأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة المكتسبة اليوم أن يعيشوا حياة طبيعية بمتوسط العمر المتوقع. لكن يبقى من المهم الكشف عن العدوى والمعالجة بالدواء في الوقت المناسب.
صورة من: picture-alliance/AP Photo/D. Farrell
كيف تؤدي الإصابة إلى الوفاة؟
هنا تكمن المشكلة، إذ ما يزال هناك العديد من الأشخاص المصابين في العالم الذين لا يتلقون أي دواء. وبدون المعالجة يؤدي فيروس نقص المناعة المكتسب في النهاية إلى الوفاة. ما تزال هناك العديد من الإصابات التي لم يتم التعرف عليها بعد، سواء كان ذلك بسبب عدم ذهاب الشخص إلى الطبيب أو بسبب عدم تفسير الأعراض بشكل صحيح أو بسبب عدم وجود طبيب.
صورة من: Getty Images/AFP/R. Tabassum
الحاجة لمزيد من التوعية
... من جانب آخر ما تزال حكومات بعض دول العالم وأنظمتها تقلل من مشكلة الإصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب والإيدز أو تغلفها بصمت مطبق لأسباب سياسية أو أيديولوجية أو دينية أو أخلاقية، لتحرم المصابين من فرصة الحصول على العلاج.
صورة من: Getty Images/T.Weidman
كم عدد المصابين بالفيروس حول العالم؟
كشفت الأمم المتحدة الثلاثاء (16 تموز/ يوليو 2019) أنه في العام الماضي توفي عدد أقل من الناس حول العالم بسبب الإيدز فقد وصل عددهم إلى 770 ألف شخص، أي بما نسبته 33 بالمائة مقارنة بـ 2017. أما عدد الإصابات خلال العام ذاته فقد بلغ 1.7 مليون شخص، 240 ألف منهم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أوضحت أن المزيد من المصابين باتوا يحصلون على العلاجات المناسبة.