1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

معاهدة الصداقة الألمانية الفرنسية ـ احتفال على وقع الخلافات

٢٢ يناير ٢٠٢٣

تحتفل فرنسا وألمانيا بمرور 60 عاما على توقيع معاهدة الصداقة بينهما. وبهذه المناسبة يعقد مجلس الوزراء المشترك اجتماعه السنوي الذي تأجل عدة أشهر بسبب خلافات. آمال عريضة تعقد على هذا الاجتماع، ليس فقط بسبب الذكرى السنوية.

كونراد أديناور وشارل ديغول يوقعان اتفاقية الإليزيه (22/1/1963)
المستشار الألماني الأسبق كونراد أديناور والرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول يوقعان الاتفاقية التاريخية التي غيرت وجه أوروبا (أرشيف)صورة من: Zuma/IMAGO

تحتفل فرنسا وألمانيا الأحد (22 يناير/كانون الثاني 2023) باليوبيل الماسي لمعاهدة الإليزيه الفرنسية - الألمانية، وهي الوثيقة التي وضعت خارطة طريق للتعاون الثنائي بين باريس وبرلين في السياسات الخارجية والدفاعية والثقافية. وبهذه المناسبة ستقام احتفالية مشتركة كبيرة، يشارك فيها رئيسا البلدين ورئيسا الحكومتين وبرلمانيون وسياسيون آخرون، في جامعة السوربون المرموقة في باريس، حيث يضع رئيسا البرلمانين إكليلاً من الزهور في مقبرة العظماء (ضريح البانثيون).

وبعدها سيُعقد اجتماع مجلس وزراء الدولتين في قصر الإليزيه، مقر إقامة  الرئيس الفرنسي . "كل هذا سيؤكد على حيوية العلاقات الألمانية-الفرنسية، وأننا نتحرك بشكل مشترك إلى الأمام في أوروبا"، وفق تصريح لمتحدثة باسم الإليزيه قبيل الاجتماع، مشيرة خصوصا إلى مجالات الدفاع والصناعة والطاقة والنقل وإصلاح الاتحاد الأوروبي والهجرة. وتضيف: "لقد استفدنا من الأشهر الإضافية الماضية بشكل جيد لإحراز تقدم في هذه المجالات". اجتماع مجلسي الوزراء كان من المقرر أن يُعقد في الخريف الماضي، ولكن تم "تأجيله"، بحسب قصر الإليزيه، هذا على الرغم من أن معاهدة الإليزيه تنص على عقد اجتماع واحد سنوياً.  هذا الإلغاء (أو التأجيل) للاجتماع كان ذروة الخلاف المتصاعد بين فرنسا وألمانيا.

التوترات بين الحليفين

فقد عملت برلين، من بين أشياء أخرى، على تشكيل نظام دفاع جوي دولي في أوروبا، لا يشمل باريس، رافضة مبادرة فرنسا المشتركة مع إيطاليا.

بالمقابل اتفق الرئيس الفرنسي مع إسبانيا والبرتغال على مد خط أنابيب للهيدروجين والغاز، متجاهلاً المشروع الذي تفضله ألمانيا. وخلال قمة أوروبية في بروكسل وبّخ ماكرون ألمانيا علنا بقوله: "ليس من الجيد لألمانيا ولا لأوروبا أن تعزل ألمانيا نفسها".

وهكذا تبين أن هذا الاجتماع الوزاري الملغى كان بمثابة دعوة للاستيقاظ، كما يرى شتيفان زايدندورف، نائب مدير المعهد الألماني-الفرنسي ومقره مدينة لودفيغسبيرغ.

 

وبيّن زايدندورف في حديثه لـDW أن "المسؤولين في برلين اندهشوا من الضغط الذي أحدثه (إلغاء الاجتماع"، ويضيف: "لقد اعتقدوا أن العلاقات الفرنسية الألمانية تسير تلقائيًا بشكل جيد. ولكن الأمر لم يكن كذلك".

وبعدها عُقدت سلسلة من الاجتماعات الثنائية على مستوى وزراء المالية والاقتصاد والخارجية لإصلاح العلاقات المتوترة. ويضيف زايدندورف: "خلف الكواليس، كانت فرق العمل الثنائية نشطة للغاية". ويقول الخبير السياسي: "هذا يظهر أن معاهدة الإليزيه تعمل بشكل جيد". ويؤكد: "لا توجد علاقة ثنائية أخرى تتم مراقبتها عن كثب من قبل الجمهور ولديها مثل هذه البنية التحتية الواسعة وغير المرئية التي يمكن تفعيلها في أوقات الأزمات".

ومع ذلك هناك حاجة إلى هذا الجهد الإضافي، كما يعتقد إريك أندريه مارتن، الأمين العام للجنة دراسة العلاقات الفرنسية الألمانية في مركز أبحاث إيفري في باريس.

ويضيف في حوار مع DW: "تأجيل الاجتماع الثنائي بدا وكأنه نكسة. والآن لدى المراقبين توقعات عالية بخصوص اجتماع الأحد"، الذي يعقد في يوم الاحتفال بالذكرى السنوية. ويشير إلى أن "فرنسا وألمانيا ستحتاجان إلى الاتفاق على خارطة طريق مشتركة، على سبيل المثال في مجالات الطاقة أو السياسات الاقتصادية أو الدفاع. ويجب أن تصب في مشاريع ملموسة". فبالنهاية، ورغم اللقاءات التي حصلت خلال الأشهر الأخيرة، على الأقل وفق الظاهر، لم ينجح البلدان في تنسيق تعاونهما بشكل جيد.

رد موحد على "الحمائية الأمريكية"

وهذا ما كان واضحا، عندما أعلن الرئيس ماكرون بمفرده في أوائل يناير/كانون الثاني أن  فرنسا ستزود أوكرانيا بالدبابات الخفيفة، وذلك قبل يوم من إعلان ألماني أمريكي بأن البلدين سوف يسلمان مركبات قتالية أمريكية وألمانية الصنع إلى كييف.

وأوضح الخبير زايدندورف: "كان من المفترض أن يصدر رؤساء الدول الثلاث إعلانا مشتركا، ولكن ماكرون اندفع بشكل فردي، لاعتقاده أنه إذا لم يتحرك، فلن تحدث أي نتائج" في هذا الصدد.

عملت ألمانيا على تشكيل نظام دفاع جوي دولي في أوروبا، لا يشمل باريس، رافضة مبادرة فرنسا المشتركة مع إيطاليا.صورة من: Alexandra Wey/KEYSTONE/picture alliance

ولذلك يعتقد المحلل السياسي أن هذا يجعل التوصل إلى اتفاق مشترك بشأن قضايا الدفاع، في اجتماع يوم الأحد، أمرًا مستبعدًا للغاية: "أعتقد أنهم يستطيعون التوصل إلى رد شامل على قانون خفض  التضخم الأمريكي"، وفق زايدندورف.

فلقد وافق الكونغرس الأمريكي في أغسطس/آب الماضي على حزمة من التخفيضات الضريبية والإعانات بقيمة 430 مليار دولار تهدف بالدرجة الأولى إلى مساعدة الشركات النشطة في قطاع التنمية المستدامة. على الجانب الأوروبي، يُنظر إلى ذلك القانون على أنه محاولة حمائية لجذب الاستثمارات وجعلها تعود إلى الولايات المتحدة. وجعل المواطنين يشترون المنتجات المصنوعة في أمريكا.

ودعت ألمانيا وفرنسا بالفعل في ديسمبر/كانون الأول إلى رد أوروبي موحد  على القانون الجديد. أو أن "يتم الاتفاق على نوع جديد من التعاون في قطاع الطاقة، مثل مبادرة لخط أنابيب  هيدروجين أوروبي"، وفق الخبير زايدندورف. وأكد الإليزيه أن مسألة الهيدروجين ستكون على جدول أعمال اجتماع الأحد.

هل ما زال محرك الاتحاد الأوروبي الفرنسي-الألماني يعمل؟

لكن باربرا كونتس، الباحثة الأولى والخبيرة في العلاقات الفرنسية الألمانية في معهد أبحاث السلام والسياسة الأمنية في جامعة هامبورغ، لا تعتقد أن الاجتماع القادم سيحقق الكثير للعلاقات الفرنسية الألمانية.

وتقول كونتس لـDW:  "تحاول فرنسا وألمانيا منذ عقود رفع تعاونهما إلى المستوى الاستراتيجي، ولكن هذا لم ينجح أبدًا".

وتعزو كونتس هذه الصعوبات إلى غياب التفاهم المتبادل، وإلى وجود اختلافات هيكلية عميقة. فلو أخذنا مجال الطاقة مثلا، نجد أن فرنسا مستمرة في الاعتماد بشكل كبير على الطاقة النووية، بينما قررت ألمانيا إغلاق آخر مفاعلاتها النووية قريبا،  وتعتمد بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة.

وترى كونتس أن ما يسمى بالمحرك الفرنسي-الألماني يبدو شيئًا من الماضي، حيث "يُنظر تقليديًا إلى فرنسا وألمانيا على أنهما صانعتا الإجماع داخل الاتحاد الأوروبي. فبمجرد أن يتوصل الاثنان إلى اتفاق، فإن جميع الدول الأعضاء الأخرى في الاتحاد الأوروبي تؤيد هذا الحل الوسط".

لكن الباحث جوزيف دي فيك، الزميل الأوروبي في مركز أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي، يخالف وجهة النظر هذه، ويرى أن فرنسا وألمانيا مازالتا القوتين اللتين تحددان الاتجاه لأوروبا. ويضيف دي فيك في حوار مع DW: "ظهرت خلال الأشهر القليلة الماضية عدة إشارات على سوء التفاهم، ولكن هذا يعود أيضا إلى هياكل السلطة المختلفة في البلدين؛ ففي فرنسا يمكن لماكرون أن يقرر بنفسه كثيرا من الأمور، في حين يتعين على المستشار شولتس التشاور مع شركائه في التحالف الحكومي ومع البرلمان".

ويوضح أن " الحرب في أوكرانيا  تقرب بين البلدين الشريكين. فاستطلاعات الرأي تظهر أن الفرنسيين والألمان يتفقون إلى حد كبير فيما يتعلق بالعقوبات المفروضة على روسيا، وفيما يخص تزويد أوكرانيا بالأسلحة". وهذا ما يتفق معه الخبير زايدندورف، الذي يعتقد أن المحرك الفرنسي-الألماني سيستمر بالعمل: "لا أعتقد أن مركز قوة الاتحاد الأوروبي قد انزاح إلى الشرق". "قد يكون هذا الأمر قد حدث فعلا فيما يتعلق بالبنية التحتية للطاقة. ولكن القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية لا تزال تتمركز" في أوروبا الغربية. ويضيف زايدندورف: "طالما أن لفرنسا وألمانيا رأيين متباعدين، فيمكن لأي حل وسط يتفقان عليه أن يحظى بإجماع بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".

ليزا لويس/ف.ي

تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW