DW تتحقق ـ أيلون ماسك يحاول التأثير على الانتخابات الأمريكية
٤ نوفمبر ٢٠٢٤قال عمران أحمد، رئيس مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH) لـ DW: "منذ تولي إيلون ماسك لإدارة منصة إكس، تحوّلت المنصة إلى بؤرة لخطاب الكراهية والتضليل الإعلامي، والكثير من هذه الادعاءات تُنشر من قبل مالكها إيلون ماسك".
بالرغم من تدخل وتأثير معظم أثرياء العالم والمانحين السياسيين في القرارات السياسية وعلى رأسها السياسة الأمريكية، إلا أن تدخل ماسك أصبح جلياً ومكثفاً قبل الانتخابات الأمريكية في 5 نوفمبر/ تشرين الثاني 2024. فوجد تقرير حديث لمركز مكافحة الكراهية الرقمية أن الادعاءات الكاذبة والمضللة التي نشرها ماسك على منصة إكس حول الانتخابات الأمريكية قد حصلت على 1.2 مليار مشاهدة بين شهري يناير/ كانون الثاني ويوليو/ تموز عام 2024.
دور ماسك في التضليل الإعلامي يمتد لأبعد من نشر منشوراته الخاصة فحسب، وإنما من خلال تفاعله مع تغريدات بعض المستخدمين التي تتضمن أخباراً كاذبة وادعاءات مضللة، وإعادة نشرها في بعض الأحيان. وتفاعله هذا يمنح تلك المنشورات انتشاراً هائلاً.
تحققت DW من الإشاعات والأخبار المضللة التي نشرها إيلون ماسك على منصة إكس، وإليك ثلاثة منها، نشرها ماسك قبل الانتخابات الأمريكية.
1: روايات كاذبة حول إمكانية تصويت المهاجرين
الادعاء: في يوليو/ تموز الماضي اقترح مايك جونسون، رئيس مجلس النواب الأمريكي من الحزب الجمهوري على الديمقراطيين تحويل المهاجرين غير الشرعيين إلى ناخبين.
أعاد إيلون ماسك نشر التغريدة معلقاً عليها: "كان الهدف طوال الوقت الحصول على أكبر عدد ممكن من الناخبين غير الشرعيين". ويقصد بذلك أن المهاجرين يتم جلبهم من خارج البلاد للإدلاء بأصواتهم للديمقراطيين ودعمهم. ويذكر أن هذه التغريدة قد حصلت على أكثر من 45 مليون مشاهدة.
تحقيق DW أظهر أن هذا الادعاء خاطئ
تحققتDW من هذا الادعاء وتبيّن أنه لا يحق إلا للمواطنين الأمريكيين التصويت في الانتخابات الأمريكية.
وبحسب بيان منشور على البوابة الإلكترونية الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن إلا للمواطنين الأمريكيين التصويت في الانتخابات الاتحادية الأمريكية، مضيفاً أن غير المواطنين، بما في ذلك المقيمين القانونيين الدائمين لا يمكنهم التصويت في الانتخابات الاتحادية ولا حتى في الانتخابات على مستوى الولايات، ولا في معظم الانتخابات المحلية.
وبهذا الصدد علّق ماسك على تغريدة لأحد المستخدمين، نشر فيها اسم تطبيق للهاتف المحمول يتيح لعدد غير محدود من الأجانب دخول الولايات المتحدة الأمريكية، قائلا "الأمر لا يستغرق سوى خمس دقائق، ودون الحاجة إلى أي وثائق للهجرة إلى الولايات المتحدة على نفقة دافعي الضرائب الأمريكيين".
يُستخدم هذا التطبيق لتحديد مواعيد معالجة طلبات اللجوء، وقد تم تطويره من قبل هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية. ويذكر أن مجرّد التسجيل في التطبيق لا يضمن الدخول إلى الولايات المتحدة، ومع ذلك حصلت هذه التغريدة على 20 مليون مشاهدة، وتمت مشاركتها عشرات آلاف المرّات.
2: نشر صور مزيفة لكامالا هاريس
الادعاء: نشر ماسك في أوائل شهر سبتمبر/ أيلول صورة لكامالا هاريس، المرشحة للرئاسة عن الحزب الديمقراطي، مرتدية زياً شيوعياً مع شعار المطرقة والمنجل على قبعتها، وعلّق على الصورة قائلاً: "تتعهد كامالا أن تكون ديكتاتوراً شيوعياً منذ اليوم الأول، هل تصدّق أنها ترتدي هذا الزي؟". انتشرت هذه التغريدة كالنار في الهشيم وحصلت على أكثر من 80 مليون مشاهدة.
تحقيق DW أظهر أن هذه الصورة مزيفة
تبيّن أن هذه الصورة مزيفة، أُنشأت بواسطة أحد برامج الذكاء الاصطناعي، فبدا ذلك واضحاً من حدّة ألوان الصورة على الخلفية الضبابية والألوان الزاهية بشكل غير عادي. كما أن أدوات الذكاء الاصطناعي مثل "تروميديا" تؤكد زيف الصورة.
وفي مقابلة مع DW، قال ساندر فان دير ليندن، أستاذ في جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة ومؤلف كتاب "دليل قاطع: لماذا تؤثر المعلومات المضللة على عقولنا وكيفية تشكيل المناعة"، قائلا "المعلومات المضللة تُفسد جودة الخطاب الإعلامي الديمقراطي وتزعزع الثقة بالعملية الانتخابية وبنتائجها، مما قد يدفع بعض الأشخاص إلى تغيير الطريقة التي يصوّتون بها".
3: التشكيك في العملية الانتخابية
الادعاء: شكك إيلون ماسك في منتصف شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بصحة قوائم الناخبين في ولاية ميشيغان، وهي ولاية متأرجحة مهمة في العملية الانتخابية الأمريكية، وذلك من خلال اتهامه لوزيرة داخلية ميشيغان جوسلين بنسون بالحصول على عدد من الناخبين يفوق بكثير عدد سكان ميشيغان المؤهلين للتصويت.
فخاطب ماسك بنسون عبر تغريدة على منصة إكس قائلاً: "أنت تخططين لشطب الأشخاص، الذين لا يحق لهم الانتخاب، بعد إجراء الانتخابات، وهذا يعني بالضرورة أن عدد الأشخاص المسجلين للتصويت أكثر بكثير من عدد الناخبين المؤهلين للتصويت فعلاً".
تحقيق DW أظهر أن هذا الادعاء كاذب
دحضَ مركز حقائق الانتخابات في ولاية ميشيغان هذا الادعاء، ومن جانبها تحققت DW من زيف الادعاء من خلال الموقع الإلكتروني الرسمي لمعلومات الانتخابات التابع لولاية ميشيغان. وبموجب قانون الولاية والقانون الاتحادي في الولايات المتحدة، لا يتم شطب الناخبين من القوائم إلا بعد إرسال إشعار إليهم بأن تسجيلهم معرّض للإلغاء، وبعد مرور دورتين انتخابيتين دون أي رد أو نشاط انتخابي.
وتقول ولاية ميشيغان على موقعها الإلكتروني الرسمي لمعلومات الانتخابات: "لقد بذلنا الكثير في السنوات الخمس الماضية لتحسين دقة قوائم الناخبين لدينا مقارنة بالعقدين السابقين". فمنذ عام 2019، ألغى مسؤولو الانتخابات في الولاية أكثر من 800 ألف تسجيل لناخبين، وحددوا أكثر من 600 ألف تسجيل مقرر إلغاؤه في عامي 2025 و2027 بمجرد مرور فترة الدورة الانتخابية الاتحادية المطلوبة قانونياً".
أنشطة ماسك على المنصة تتعدى نشر الادعاءات
منذ استحواذ إيلون ماسك على منصة تويتر قبل عامين وإعادة تسميتها باسم إكس، أقدمَ ماسك على عدّة أفعال أخرى غير نشر الأخبار المضللة، وكان أبرزها إعادة حساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي كان قد تم تعليقه بعد منشورات ترامب المثيرة للجدل عقب خسارته للانتخابات الأمريكية الرئاسية الأخيرة عام 2020. ويُذكر أن ترامب لديه أكثر من 92 مليون متابع على منصة إكس، في حين لديه أقل من 8 ملايين متابع على منصته الاجتماعية تروث سوشال.
وفق مجلة فوربس، يُعتبر إيلون ماسك أغنى شخص في العالم بثروة صافية تزيد عن 263 مليار دولار (ما يعادل 242 مليار يورو) اعتباراً من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني. ولديه حضور مؤثر على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يتابعه على منصة إكس وحدها أكثر من 200 مليون متابع.
علاقة معقدة تجمع ماسك وترامب
خلال حملة ترامب الانتخابية علم 2016 شكك إيلون ماسك بأهلية ترامب للمنصب، ومن ثم عيّن ترامبماسك عضواً في مجلسه الاستشاري، المنصب الذي تخلّى عنه ماسك لاحقاً بسبب الخلافات السياسية.
ويرى فان دير ليندن، من جامعة كامبريدج، أن ماسك يعتقد أن فوز ترامب في الرئاسة سيصبّ في مصلحة أعماله، وقال: "تشمل هذه المصالح المزيد من العقود المحتملة من وكالة ناسا لشركة سبيس إكس لاستكشاف الفضاء، والمزيد من العقود الاتحادية لسلسلة أقمار ستارلينك التابعة لشركة سبيس إكس، بالإضافة إلى مساحة جيدة من الحرية التي سيحصل عليها في تشغيل منصة إكس دون الخضوع للرقابة الحكومية المفروضة على منصات التواصل الاجتماعي".
أعدته للعربية: م.ج