مع تجدد القتال في سوريا، انتشرت صور ومقاطع مصورة على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي. قامت DW بالتحقق من صحة العديد منها.
إعلان
شهدت منصات التواصل الاجتماعي زخما في عدد الصور والمقاطع المصورة المرتبطة بالأوضاع المتصاعدة في سوريا، مع تجدد القتال في حلب عقب سيطرة ما تعرف بـ "هيئة تحرير الشام" (النصرة سابقا) وفصائل متحالفة معها على المدينة للمرة الأولى منذ بدء الصراع عام 2011.
وقام فريق تقصي الحقائق في DW بالتحقق من أكثر الصور والمقاطع المصورة انتشارا على منصات التواصل الاجتماعي.
هجمات بالقنابل على مواقع مسلحي المعارضة؟
الادعاء:
إعلان
بحسب المرصد السوري فإن القوات السورية والروسية تشن غارات على مناطق مسلحي المعارضة في حلب، انتشرت صورة تُظهر مروحية تسقط قنابل مع عبارة: "الجيش السوري يلقي حاليا براميل متفجرة على وحدات جبهة النصرة التي تتقدم صوب منطقة حلب"، في إشارة إلى الاسم السابق لـ"هيئة تحرير الشام" قبل أن تفك ارتباطها بتنظيم القاعدة.
DW تتحقق: مضلل
بعد التحقق، تبين أن الصورة لا تمت بصلة إلى الاشتباكات الحالية في شمال غرب سوريا؛ إذ كشف البحث العكسي عن أن تاريخ نشر الصورة يعود إلى 24 أبريل/نيسان عام 2018. والتقط المصور في فرانس برس، رامي السيد، الصورة حيث يوضح التعليق أنها تعود لمروحية من طراز "إم.آي-24" تسقط قنابل فوق مناطق جنوب دمشق قرب مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين.
الاستيلاء على مروحيات عسكرية روسية؟
انتشرت صورة على منصة "إكس" يزعم أنها لاستيلاء مسلحي المعارضة على مروحيات عسكرية روسية في قاعدة كويرس الجوية الواقعة شرق حلب.
الإدعاء:
قال التعليق المصاحب للصورة: "استولى المعارضون السوريون على قاعدة كويرس الجوية العسكرية ووضعوا أيديهم على خمس طائرات عسكرية روسية قادرة على التحليق".
DW تتحقق: مضلل
لا تظهر الصورة سيطرة مسلحي المعارضة على قاعدة كويرس أو تمكنهم من الاستيلاء على مروحيات عسكرية روسية. وتعود الصورة في واقع الأمر إلى مروحيات عسكرية تابعة للجيش السوري كانت متمركزة في قاعدة كويرس.
ويشير البحث العكسي عن الصور إلى أن الصورة جرى التقاطها في 11 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015، إبان تمكن الجيش السوري من اختراق الحصار الذي فرضه مسلحو تنظيم "داعش" لعام على القاعدة. وتزامن ذلك مع بدء الانخراط العسكري الروسي دعمًا للرئيس السوري بشار الأسد. قامت DW بنشر الصورة عام 2015 والتي التقطها المصور جورج أورفاليان لوكالة فرانس برس.
قصف عنيف يستهدف مسلحي المعارضة ليلاً؟
الادعاء:
انتشر هذا المقطع المصور على ما يبدو في 28 نوفمبر/تشرين الثاني مع الزعم أنه يُظهر قصفا عنيفا يستهدف مسلحي المعارضة ليلا. وجاء في التغريدة: "#عاجل: هجمات صاروخية من قبل الجيش العربي السوري في غرب حلب تصيب مواقع هيئة تحرير الشام".
DW تتحقق: مضلل
لا يمت المقطع المصور بصلة إلى القتال الحالي في حلب؛ إذ يعود إلى عام 2020 ويتعلق باستهداف قوات تركية لمناطق الجيش السوري بقذائف الهاوتزر و "هاون". ويكشف البحث العكسي للصور عن ظهور المقطع المصور ذاته في فيديو يعود لعام 2020 نُشر على فيسبوكواليوتيوب ومنصة إكس مع الإشارة إلى موقع إخباري تركي.
علم وحدات حماية الشعب فوق مطار حلب؟
الادعاء:
انتشرت صورةتُظهر مطار حلب وفوقه يرفرف علم "وحدات حماية الشعب" الكردية، وفي المقدمة يظهر مسلح.
DW تتحقق: مضلل
جرى التلاعب بالصورة التي انتشرت على نطاق واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تبين أنه تم التلاعب بالصورة عن طريق برنامج "فوتوشوب" لإظهار علم "وحدات حماية الشعب" الكردية فوق مطار حلب.
يكشف البحث العكسي عن الصور أن الصورة الحقيقية "خالية" تماما من العلم ويعود نشرها لسنوات. وبحسب موقعي "Shutterstock" و "Imago"، فإن الصورة تم التقاطها في 8 ديسمبر/كانون الأول 2017 لمطار حلب الدولي.
خلص التحقق من الصورة إلى تشابه الصورة مع تلك التي جرى الزعم أنها تعود لمطار حلب عقب الهجوم المباغت الذي شنه مسلحو معارضة أواخر الشهر المنصرم.
ومع التحقق من صورة العلم والمسلح الذي يظهر في الصورة، تبين أن العلم يعود لصورة التقطها أحد مصوري رويترز. أما فيما يتعلق بالمسلح، فقد ظهر في صورة جرى نشرها قبل عامين برفقة أغنية على تطبيق "ساوند كلاود". جرى الاستعانة بأحد برامج تحرير الصور لدمج صورة العلم والمسلح في صورة مطار حلب.
ساهم في إعداد التقرير محمد فرحان وأندرياس فيسكيرشن
تاريخ عريق وأهمية استراتيجية.. مدينة حلب تعود لواجهة الأحداث
تعد مدينة حلب، واحدة من أقدم مدن العالم المأهولة دون انقطاع على مدى آلاف السنين. ولم تفقد حلب أهميتها على مر الزمن وفي مختلف العصور حتى يومنا هذا، وهي ذات أهمية استراتيجية وتعد العاصمة الاقتصادية لسوريا.
صورة من: Peter Heiske
ثاني أكبر مدن سوريا
تقع مدينة حلب في أقصى شمال غرب الهضبة السورية، يخترقها نهر قويق الذي ينبع من تركيا. وتقول بعض المصادر التاريخية إن حلب أقدم مدينة مأهولة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى القرن العشرين قبل الميلاد.
صورة من: OMAR HAJ KADOUR/AFP
موقع استراتيجي
تتمتع حلب بموقع استراتيجي، حيث أنها تقع على مفترق طرق تجارية متعددة وكانت تمر منها طرق التجارة القديمة وخاصة طريق الحرير، وكانت نقطة وصل بين الشرق والغرب ومحطة مهمة للقوافل التجارية بين أوروبا وآسيا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sputnik
العصر الذهبي
عرفت حلب أبهى عصورها حين كانت مركزا لإمارة الحمدانيين في الفترة ما بين عامي 944 – 1003م تحت حكم أميرها سيف الدولة الحمداني. كما عاشت حلب عصرها الذهبي في ظل الدولة الأيوبية بين عامي 1183 و1259 ولا سيما في عهد الملك الظاهر غازي حيث أصبحت من أجمل مدن الشرق وأكثرها نشاطا وازدهارا.
صورة من: Reuters/K. Ashawi
تنوع ثقافي وإثني وديني
تعتبر مدينة حلب من أكثر المدن السورية تنوعا، ثقافيا ودينيا وإثنيا. حيث يعيش فيها المسلمون والمسيحيون بمختلف طوائفهم والإيزيديون واليهود سابقا. وحلب كانت دائما موطنا لخليط من الشعوب والإثنيات، وقبل الحرب كان فيها العرب والأكراد والأرمن والتركمان والسريان والآشوريون وغيرهم.
صورة من: Fine Art Images/Heritage Images/picture alliance
قطار الشرق السريع
في العهد العثماني أيضا كانت تتمتع حلب بأهمية كبيرة وحافظت على أهميتها التجارية واصبحت في بعض المراحل سوقا رئيسية للشرق كله. وفي بداية القرن العشرين وصل القطار إلى حلب حيث اتصلت بمدينتي حماه ودمشق بسكة حديدية عام 1906 وبإسطنبول وأوروبا عام 1912 عبر قطار الشرق السريع.
صورة من: United Archives/picture alliance
مركز صناعي هام
تشتهر حلب بصناعاتها التقليدية والحديثة على حد سواء، حيث تتركز فيها أهم الصناعات النسيجية والتحويلية والزراعية والعسكرية أيضا. وقبل اندلاع الأزمة والحرب في سوريا، كانت حلب معروفة بوجود العديد من المراكز والمناطق الصناعية والمصانع الكبيرة.
صورة من: Omar Al Diri/AA/picture alliance
ازدهار اقتصادي وصناعي
قبل بدء الأزمة السورية والحرب، شهدت حلب منذ تسعينيات القرن الماضي وخاصة بعد عام 2000 نموا وازدهارا اقتصاديا كبيرا، وتوسعا في القطاع الصناعي وبناء مدن ومناطق صناعية جديدة ومصانع حديثة وتوسيع وتطوير المطار الدولي. وكان عدد السكان يبلغ نحو 4,5 مليون نسمة، وفي عام 2006 تم اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية.
صورة من: SANA/dpa/picture alliance
معالم وأوابد أثرية
تضم حلب العديد من الأوابد والمعابد الأثرية، حتى داخل المدينة، وأهمها القلعة. تعد قلعة حلب واحدة من أكبر وأقدم القلاع القائمة في العالم وتحفة معمارية تعود إلى القرون الوسطى. وأغلب البناء الحالي يعود إلى عهد الدولة الأيوبية. والقلعة تعد رمزا لمدينة حلب حتى اليوم، وهي تتوسط المدينة القديمة.
صورة من: picture-alliance/dpa/S. Kremer
الجامع الكبير
جامع حلب الكبير أو الجامع الأموي أو جامع بني أمية هو أكبر وأحد أقدم المساجد في مدينة حلب السورية. أدرج عام 1986 على قائمة اليونسكو للتراث العالمي. شيدت مئذنة المسجد في عام 1090 ودمرت في نيسان/ أبريل من العام 2013 نتيجة للمعارك التي اندلعت هناك بين القوات الحكومية ومقاتلي المعارضة.
صورة من: Imago/imagebroker
أطول سوق مسقوف في حلب
سوق حلب القديم من أبرز معالمها التاريخية ويسمى أيضا بـ "بازار حلب" ويضم العديد من الأسواق والخانات التاريخية. ويعتبر سوق حلب أطول سوق مسقوف في العالم، إذ يبلغ طول المحور الرئيسي من باب أنطاكيا إلى القلعة حوالي 1200 متر إضافة إلى نحو 40 سوقا تتفرع عنه ليتجاوز الطول الإجمالي للسوق 14 كيلومترا.
صورة من: Issam Hajjar
حسابات الحرب والتحالفات العسكرية
نظرا لأهمية حلب التجارية والصناعية والاقتصادية والتاريخية وموقعها الاستراتيجي المهم، كانت دائما تخضع لحسابات الحرب والتحالفات العسكرية على مر العصور، وحتى يومنا هذا.
صورة من: Rami Alsayed/NurPhoto/Imago
تحرك متأخر
حركة الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها سوريا عام 2011 والصراع المسلح والمعارك التي شهدت أجزاء من البلاد، لم تصل حلب إلا متأخرة في العام التالي. حيث دخلت المعارضة حلب واستولت على الجزء الشرقي من المدينة، في حين بقي الجزء الغربي تحت سيطرة قوات النظام.
صورة من: Reuters
معارك عنيفة ودمار هائل
شهدت حلب معارك عنيفة بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات النظام التي استخدمت الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية. وبقيت المعارضة مسيطرة على جزء كبير من المدينة حتى عام 2016 حيث استعاد النظام السيطرة عليها. ونتيجة ذلك حل دمار هائل في حلب لم تشهده مدن سوريا الأخرى.
صورة من: Louai Beshar/AFP
عودة فصائل المعارضة
نظرا لأهمية حلب استراتيجيا ودورها وتأثيرها على الأزمة والصراع في سوريا، وثقلها الاجتماعي والاقتصادي، حاول النظام التمسك بها، في حين بقيت فصائل المعارضة تتحين الفرصة وتحضر نفسها للسيطرة عليها من جديد، وهذا ما تحقق لها بالهجوم الكبير المفاجئ الذي شنته هيئة تحرير الشام وحلفاؤها في آواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 وسيطرت على مدينة حلب بكاملها بسهولة وسرعة مذهلة بعد انهيار وانسحاب قوات النظام.