1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

DW تتحقق: لماذا نميل لتصديق الأخبار الكاذبة؟

٢٥ يوليو ٢٠٢٣

في ظل زخم مواقع التواصل الاجتماعي، أصبحت الأخبار الكاذبة تهديدا حقيقيا للمجتمعات. وإزاء ذلك، تبرز تساؤلات حيال العوامل الاجتماعية والنفسية التي تدفعنا لتصديق الأخبار الكاذبة؟ وكيف يمكن التصدي لذلك؟

التحيز المعرفي يلعب دورا في انتشار الأخبار الكاذبة (صورة رمزية 25.03.2020)
التحيز المعرفي يلعب دورا في انتشار الأخبار الكاذبةصورة من: Thomas Trutschel/photothek/picture alliance

انتشرت في السنوات الأخيرة أخبار كاذبة على منصات التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم سواء بشأن مجريات الحرب الروسية في أوكرانيا أو وباء كورونا أو أزمات أخرى، وتزداد وتيرة ذلك عندما يتعلق الأمر بالقضايا المثيرة للجدل.

وإزاء هذا الكم الكبير من الأخبار الكاذبة، قد يتبادر إلى ذهن الكثيرين صعوبة التمييز بين الأخبار المزيفة  والصحيحة، بيد أن الأمر يختلف من شخص لآخر، إذ من المرجح أن يقبل بعض مستخدمي الإنترنت المعلومات المضللة والأخبار المزيفة على أنها معلومات حقيقية أكثر من غيرهم.

في هذا التقرير، يقدم فريق DW الاستقصائي الأسباب وراء وقوعنا في فخ الأخبار الكاذبة.

التشوهات المعرفية؟

قد تترافق التشوهات المعرفية في سياق "التحيز المعرفي" بمعنى الميول الخاطئة في التفكير التي تشغل أذهان وعقول البشر مع صعوبة التخلص منها.

وتلعب وجهات النظر والتصورات المسبقة للعالم أو ما يُطلق عليه "التحزب" أو "التحيز التأكيدي" في بعض المقالات المتخصصة دورا رئيسيا في سقوط البعض في حب الأخبار المزيفة.

بدوره، يسلط عالم النفس المعرفي ستيفان ليفاندوفسكي من جامعة بريستول، الضوء على هذه الظاهرة، قائلا: "إذا سمع شخص شيئا يرغب في سماعه لأنه يتماشى مع آرائه السياسية. فسوف يصدقه بشكل أكبر".

ويشير ذلك إلى أن البشر في كثير من الأحيان متحيزون فعلى سبيل المثال، فئات المجتمع التي لديها قناعة بأن ألمانيا تستقبل عددا كبيرا من اللاجئين تميل بشكل أكبر إلى تصديق القصص الإخبارية التي تتحدث عن تعرض السلطات المحلية للكثير من الأعباء أو التقارير التي تقدم رؤى وأخبار سلبية بشكل عام عن اللاجئين.

يقوم العديد من مستخدمي التواصل الاجتماعي بنشر الأخبار والتقارير دون قراءتها قبل نشرهاصورة من: Nasir Kachroo/ZUMA Press/imago images

لذا، فإن "التحيز المعرفي" يعني أننا كثيرا ما نثق في شعورنا الداخلي أو حدسنا فيما يبدو أنه من غير الضروري بالنسبة لنا التحقق في صحة ما نقرأه أو نسمعه أو نشاهده وقد يصل الأمر إلى أننا ننزعج من فكرة التحقق، إذ في بعض الأحيان يكتفي مستخدمو  منصات التواصل الاجتماعي  والإنترنت بقراءة عناوين المقالات الصحافية دون  قراءة المضمون والنص.

وكان هذا الأمر موضع اختبار قامت به الإذاعة الأمريكية العريقة "إن بي آر" و مجلة "ساينس بوست" الفرنسية حيث قاما بنشر عناوين مضللة فيما يمكن للقراء معرفة ذلك في حالة النقر على الروابط الإلكترونية الخاصة بهذه التقارير، لكن لم يفعل الكثير ذلك.

"سلوك القطيع"

قد يساهم "سلوك القطيع" في تزايد احتمالية الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة  إذ يميل الناس إلى اتباع آراء أو سلوكيات الآخرين بدلا من تكوين اراء خاصة بهم. وفيما يتعلق بالأخبار المزيفة، فإنه من المرجح أن يصدق الناس الأخبار في حالة قبولها وتصديقها من قبل الآخرين.

وبشكل أكثر تفصيلا، عندما نرى منشورا على منصات التواصل الاجتماعي قد حظي على الكثير من المشاركات والإعجابات، فإننا نميل إلى الوثوق به رغم أن معظم مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي قاموا بالإعجاب أو النشر دون قراءته فيما تلعب ذاكرتنا الضعيفة دورا سلبيا في ذلك.

ويُضاف إلى ذلك، قضية أن الأخبار الكاذبة تلعب على وتر العواطف فيما يشير ليفاندوفسكي إلى حقيقة مفادها أن الأخبار الكاذبة تنتشر أسرع بست مرات من الأخبار الحقيقية بسبب أنها تخاطب المشاعر.

وقال ليفاندوفسكي "تميل الأخبار الكاذبة إلى إثارة الغضب لدى القارئ أو مستخدم منصات التواصل الاجتماعي. وهناك حقيقة ندركها جميعا تتمثل في أننا نعلم أن الأشخاص يتم إثارتهم في حالة الغضب ... وهذا ما يزيد من احتمالية انتشار الأخبار".

المصلحة الشخصية

وأجرت جامعة فورتسبورغ دراسة العام الماضي تمحورت حيال سؤال 600 مشارك ومشاركة عن طريقتهم في تقييم حقيقة المعلومات فيما كشفت عن أن السمات الشخصية السلبية تجعلنا أكثر عرضة للأخبار المزيفة.

وفي مقابلة مع DW، قال عالم النفس جان فيليب رودلوف، أحد مؤلفي الدراسة، إنه من أجل "معرفة آراء المشاركين حول المعرفة والحقائق، فقد جرى طرح عليهم أسئلة مثل هل تثقون في حدسكم عند مطالعة معلومات؟ هل تعتقدون وجود شيء يُطلق عليه التحقق المستقل؟"

جرافيك

وكشفت الدراسة عن أن المشاركين وجدوا صعوبة أكبر في التمييز بين التصريحات الصحيحة والكاذبة عند الاعتماد بشكل أكبر على الحدس والإيمان الأقل بوجود الحقائق.

وفي ذلك، قال رودلوف إن الأشخاص الذين لديهم سمات شخصية سلبية يرون أن مصلحتهم الشخصية  أهم من أي شيء، مضيفا " السؤال يرتكز ليس حيال ما إذا كانت المعلومة صحيحة أم لا؟ وأنما حيال ما إذا كانت تصب في صالح المصالح الشخصية وتخدم التبريرات؟".

إثارة الاهتمام

يشير جو والثر، مدير مركز تكنولوجيا المعلومات والمجتمع بجامعة كاليفورنيا، إلى عامل آخر يلعب دورا هاما في تصديق الأخبار الكاذبة، قائلا : "أعتقد أن الناس غالبا ما ينخرطون في وسائل التواصل الاجتماعي حتى يشعروا بالاعتراف بوجودهم."

وأضاف "إذا أرسلت لك تقريرا مجنونا عن بحث يفيد بأن الأشخاص قصيري القامة أكثر عرضة للأخبار المزيفة من الأشخاص طوال القامة. ورغم شكوكي في صحة هذا التقرير، إلا أني أعتقد أن هذا التقرير المجنون والمضحك سيعجبك. أعتقد أن الناس يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي من أجل أن ينالوا على إعجاب الآخرين ومن أجل جذب الانتباه والاعتراف بوجودهم".

ويشير هذا المثال إلى أن مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي لا يتشاركون الأخبار المزيفة  أو يتفاعلون معها ليس فقط بسبب أنهم قد وقعوا في غرامها وأنما بهدف تسلية أنفسهم والآخرين وربما لاعتقادهم أن هذا المنشور غير حقيقي.

ويقول خبراء إن الأخبار الكاذبة باتت وسيلة جذابة للتواصل مع الآخرين والحصول على الاهتمام.

يقوم العديد من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي بنشر الأخبار الكاذبة دون إدراك عواقبهاصورة من: picture alliance/blickwinkel/McPHOTO

التحصين ضد الأخبار الكاذبة

وتتمثل الخطوة الأولى للتصدى للأخبار الكاذبة في إدراكنا المدى الذي أصبحنا فيه عرضة للتلاعب. ودعا جان رودلوف إلى تعزيز إيمان الطلاب بالحقائق والعلوم.

وقال "عندما يتعلق الأمر بالقضايا العلمية فإنه في نهاية المطاف يمكن العثور على الإجماع بما يعني الاتفاق بين أكبر عدد ممكن من الخبراء. ولكن مع ظهور معلومات جديدة، يمكن أن يتغير ما كان يُعتبر في السابق حقيقة أو إجماعا."

وشدد على أن الأمر يتسم بالتعقيد خاصة وأن البعض يساوره انطباعا بأن الحقائق يتم تحديدها بشكل تعسفي من قبل السياسيين والعلماء، مستشهدا في ذلك بالزعم الذي انتشر إبان جائحة كورونا بأن الأطفال لا ينقلون الفيروس رغم عدم صحة ذلك.

وفي هذا الصدد، يرى خبراء أنه من أهم الطرق لتجنب الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة  والمعلومات المضللة تتمثل في التحصين ضدها أو ما يطلق عليه " prebunking" أي تصوير المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة على أنها مرض ينتشر بين السكان، لذا يريد الباحثون احتواء انتشار هذه الأخبار الكاذبة بين السكان عن طريق تحصينهم كما الحال مع اللقاحات ضد الأوبئة.

ويقول الخبراء إن أحد الامثلة على ذلك قيام الحكومات بتدشين حملات إعلامية تحذر الناخبين من الوقوع في فخ الأخبار الكاذبة قبيل أي سباق انتخابي يتوقع أن يشهد حملات تضليل معلوماتي.

إينس آيزيله / م. ع

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW