1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW

DW تتحقق: ما حجم النفوذ الروسي في القارة الأفريقية؟

٢٦ يوليو ٢٠٢٣

تسعى روسيا لتعزيز نفوذها في أفريقيا عبر طرق شتى منها مرتزقة "فاغنر" أو حملات التضليل المعلوماتية. وبمناسبة القمة الروسية الأفريقية الثانية، تحاول DW في هذا التقرير الكشف عن أشكال البروباغندا الروسية في القارة السمراء.

بعض سكان بوركينيا فاسو يحملون العلم الروسي 
بعض سكان بوركينيا فاسو يحملون العلم الروسي صورة من: picture alliance/dpa/AP

أظهرت دراسة نشرها مؤخرا "مركز أفريقيا للدراسات الإستراتيجية" أن روسيا تحاول تقويض الديمقراطية في أكثر من عشرين دولة أفريقية من خلال التدخل السياسي وحملات تضليل معلوماتية ونشر مرتزقة من مجموعة "فاغنر" الروسية سيئة الصيت. 

وقد تجلى ذلك خلال إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة في فبراير / شباط الماضي، قرار يدعو إلى "سلام شامل وعادل ودائم" في أوكرانيا مع مطالبة روسيا  مجددا بسحب قواتها "فورا" ووقف القتال.

فخلال الجلسة، صوتت دول مثل بوتسوانا وزامبيا وتونس لصالح القرار فيما صوتت دول أفريقية أخرى مثل مالي وإريتريا ضد القرار مع امتناع 15 دولة أفريقية أخرى عن التصويت مما يشير إلى تزايد النفوذ الروسي في القارة السمراء

لكن كيف تستهدف حملات التضليل الروسية أفريقيا بما في ذلك إذكاء المشاعر المعادية للغرب؟ يكشف فريق DW الاستقصائي الكثير عن أشكال البروباغندا الروسية في القارة السمراء. 

لماذا تولي روسيا أهمية كبيرة لأفريقيا؟ 

يرى مراقبون أن من بين الأهداف وراء أن أفريقيا باتت هدفا رئيسيا للدعاية الروسية يتمثل في رغبة موسكو في الحصول على شرعية دبلوماسية لحربها في أوكرانيا. وفي مقابلة مع DW، قال مارك دوركسن، الباحث المساعد في مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، إن روسيا "بحاجة فعلا إلى أفريقيا في ظل أنها تواجه عزلة دولية متزايدة". 

وتعاني حكومات أفريقية من سوء إدارة وفساد وفي بعض الأحيان عزلة دولية ما يخلق بيئة تسمح لروسيا  بممارسة نفوذها في القارة السمراء. 

بدوره، قال جاستن أرينشتاين، الرئيس التنفيذي لشركة "كود لأفريقيا" التي تعد أكبر شبكة للتكنولوجيا المدنية  في القارة الأفريقية، في مقابلة مع DW إنه حتى قبل الحرب في أوكرانيا، تم رصد "قيام روسيا بمحاولة حشد الدعم لسياساتها في أفريقيا خاصة عندما كانت سياساتها تتعارض مع سياسات أوروبا أو الناتو أو الولايات المتحدة". 

 

في المقابل، يرى خبراء أن روسيا تعد دولة ذات أهمية كبيرة للعديد من البلدان الأفريقية داخل أروقة مجلس الأمن الدولي إذ في عام 2019 أفشلت روسيا مشروع قرار يدين قتل مدنيّين في عملية فض الاعتصام في الخرطوم في الأحداث التي تسببت في الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير. 

من جانبه، قال جوزيف سيغل، الباحث في مركز إفريقيا للدراسات الإستراتيجية، إن وضع روسيا في مجلس الأمن يمثل "إشكالية لسبل تعزيز الديمقراطية في أفريقيا". وأضاف أن روسيا ترغب من وراء تعزيز نفوذها في أفريقيا من أجل خلق "أسواق بديلة عن أوروبا والولايات المتحدة بعد العقوبات الغربية الاقتصادية". 

 

"فاغنر" في أفريقيا 

ويُضاف إلى ذلك الانخراط العسكري الروسي في أفريقيا في ضوء انتشار مرتزقة مجموعة "فاغنر"  في دول أفريقية عديدة مثل مالي وليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى. وفي مقابل دعمها للحكومات، تحصل فاغنر على مواد خام لا سيما الذهب فيما تعمل أيضا على تقوية النفوذ الروسي في أفريقيا. 

وعقب انسحاب فرنسا من مالي التي دعت إلى سحب قوات حفظ السلام الأممية، بدا واضحا أن مالي تسعى إلى النأي بنفسها عن القوة الاستعمارية السابقة مع مساعي للتعزيز التعاون بشكل وثيق مع روسيا. وقد ذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام أن روسيا كانت مصدر 44 ٪ من الأسلحة التي تم بيعها إلى الدول الأفريقية بين 2017 و2021. 

انتشار أعلام روسية في بوركينا فاسو صورة من: Nicolas Remene/Le Pictorium/MAXPPP/dpa/picture alliance

كيف تعمل البروباغندا الروسية في أفريقيا؟ 

تستخدم روسيا منصات التواصل الاجتماعي لنشر حملات التضليل المعلوماتية والبروباغندا الروسية فيما قال دوركسن إن هذه الاستراتيجية نجحت بشكل خاص في البلدان التي تفتقر إلى وجود صحافة حرة ومستقلة. 

ومن بين الأمثلة على ذلك مقطع رسوم متحركة قصير يروج لمجموعة فاغنر حيث يُظهر أحد المشاهد قيام جنود روس بمحاربة جنود فرنسيين في شكل "زومبي" فيما يقول أحد الجنود الفرنسيين إنه أحد "شياطين ماكرون ومالي بلدنا". 

وتستخدم  روسيا  مثل هذا الفيديو لإذكاء المشاعر المعادية للدول الغربية. 

وقال ديميتي زوفيري، الباحث في منظمة "العيون على فاغنر"، إن مثل هذه المقاطع المصورة  ترتبط بشكل مباشر بروسيا. ومتحدثا إلى DW، أشار إلى تورط روسيا في دعم كيانات سياسية في أفريقيا، مضيفا "موسكو تدفع أموالا لمؤثرين أفارقة لنشر البروباغندا الروسية." 

يعد كيمي سبا من أبرز المؤثرين في فرنسا فيما لا يتوقف على منصات التواصل الاجتماعي عن تبني رسائل مؤيدة لروسيا ومعادية للغرب بين متابعيه الذين يصل عددهم على موقع فيسبوك إلى أكثر من مليون فيما زعم عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/ شباط العام الماضي أن موسكو "تحاول استعادة الأراضي الروسية". 

يشار إلى أن روسيا تمتلك وسائل إعلام عديدة تُقدم على نشر الدعاية الروسية في أفريقيا فيما تلعب السفارات الروسية أيضا دورا مهما في نشر المعلومات المضللة. 

ويعد المثال الأوقع على ذلك ما نشرته السفارة الروسية  في جنوب أفريقيا مطلع يوليو/ تموز الجاري حيث قامت بنشر "لقطة شاشة" زعمت أنها لمقال نشرته مجلة بوليتيكو حمل عنوان "حياة عشرين مليون شخص من أجل الحرية". 

ولحقت السفارة الصورة بتعليق جاء فيه "الناتو يدفع نحو استمرار الحرب حتى آخر أوكراني"، لكن مع التحقيق تبين أن الصورة مزيفة وأن "لقطة الشاشة" لا تعود إلى مجلة "بوليتيكو" التي لم تنشر مثل هذا المقال فضلا عن أنه يحتوي على أخطاء نحوية. 

ويبدو أن ذلك دفع السفارة الروسية في  جنوب أفريقيا  إلى حذف المنشور بعد أن حقق أكثر من مئة ألف مشاهدة على تويتر. 

وفي سياق متصل، قامت شبكة "آر تي" الدولية المدعومة من الرئاسة الروسية بتوسيع تواجدها في أفريقيا مع تدشين مشاريع مختلفة مع وسائل إعلام أفريقية مثل مؤسسة Afrique Media التي تنشر دعاية موالية لروسيا ومعادية للغرب. 

وقد وثقت DW وجود محطات إذاعية وصحف تمولها مؤسسات روسية في أفريقيا مثل صحيفة "ندجوني سانغو" وإذاعة " لينغو سونغو" في جمهورية إفريقيا الوسطى. 

ما مدى النجاح الروسي؟ 

لكن ما مدى نجاح البروباغندا الروسية في أفريقيا في ظل شبكة كبيرة ومعقدة تدعم الرواية الروسية؟ وفي ذلك، قالت دراسة "مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية" أن نفوذ روسيا يعد جليا في دول مثل جمهورية أفريقيا الوسطى ومالي والسودان وزيمبابوي حيث تنشط مجموعة فاغنر. 

تزايد النفوذ الروسي في العديد من البلدان الأفريقية خلال السنوات الأخيرة صورة من: Nicolas Remene/Le Pictorium Agency via ZUMA Press/picture alliance

بدوره، قال دوركسن إن جمهورية أفريقيا الوسطى تتصدر قائمة الدول عندما يتعلق الأمر بالنفوذ الروسي خاصة مع وجود مدربين عسكريين يعملون كمستشارين للرئيس. 

وتستند روسيا في الترويج لسياستها في وسائل الإعلام الأفريقية على حقيقة مفادها أن روسيا لم تكن أبدا قوة استعمارية في القارة السمراء ولم يكن لها طموحات إمبريالية. كما تولى العديد من الأفارقة الذين درسوا في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق، مناصب قيادية في بلدانهم مثل جنوب إفريقيا وأنغولا وجمهورية أفريقيا الوسطى. 

وقد حافظ العديد منهم على التواصل مع روسيا خاصة وأن الاتحاد السوفيتي  كان يدعم حركات التحرر الأفريقية خلال حقبة الاستعمار. 

ورغم تزايد وتيرة البروباغندا الروسية في أفريقيا، إلا أن آراء مواطني القارة السمراء ما زالت منقسمة حيال الحرب في أوكرانيا إذ أظهر استطلاع للرأي أجري في يونيو/ حزيران في جنوب أفريقيا وكينيا ونيجيريا والسنغال وأوغندا وزامبيا أن الأغلبية تعتقد أن الغزو الروسي لأوكرانيا كان مخالفا لمبادئ القانون الدولي. 

ورغم أن روسيا  ليست الدولة الوحيدة في العالم التي تحاول تعزيز نفوذها في أفريقيا، إلا أن جاستن أرينشتاين يرى أن الأمر يمثل تهديدا للقارة السمراء، موضحا "روسيا تعمل على تقويض المجتمعات المنفتحة وتقويض قدرة المواطنين على اتخاذ خياراتهم الخاصة". 

 

كاثرين ويسولوفسكي/ م ع 

تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW