1. تخطي إلى المحتوى
  2. تخطي إلى القائمة الرئيسية
  3. تخطي إلى المزيد من صفحات DW
نزاعاتالسودان

DW تتحقق: محتوى زائف وآخر مفبرك حول حرب السودان

١٥ نوفمبر ٢٠٢٥

في ظل الحرب الأهلية الدامية التي تمزق السودان منذ نيسان/أبريل 2023، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تفيض بالمقاطع والصور، كثير منها مفبرك. DW تفرز الغث من السمين وتكشف من يقف وراء هذا السيل من الأخبار الزائفة.

Faktencheck Fact Check Sudan Verdict False  - Violence Women Children
لقد كانت قوات الدعم السريع مسؤولة بالفعل عن الفظائع في السودان، لكن هذا الفيديو يظهر شيئًا آخرصورة من: tiktok

عندما يتعلق الأمر بحساب عدد ضحايا الحرب الأهلية الوحشية في السودان، من الصعب الحصول على أرقام دقيقة. ولكن سواء كان عدد القتلى 20 ألفاً أو 150 ألفاً أو حتى 200 ألف شخص منذ اندلاع الصراع في نيسان/أبريل 2023، فمن الواضح أن الفظائع، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي، قد ارتُكبت على نطاق واسع، وخاصة من قبل قوات الدعم السريع، وهي ميليشيا متمردة شبه عسكرية، اتُّهمت من قبل جهات دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة وحكومة الولايات المتحدة، بارتكاب جرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية.

الحرب تدور أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي

وكما هو متوقع، تغص وسائل التواصل الاجتماعي بمحتوى يُزعم أنه يُظهر أدلة على هذه الفظائع. وأحياناً يكون المحتوى دقيقاً بالفعل، ولكن في كثير من الأحيان لا يكون كذلك. فالمحتوى المزوّر والمضلل والمُنشأ بالذكاء الاصطناعي منتشر بكثرة.

"هذه الحرب تدور أيضاً إلى حدٍّ كبير على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتم نشر المعلومات المضللة بأبشع الأشكال"، كما يوضح فولكر بيرتس، الممثل الخاص السابق للأمين العام للأمم المتحدة في السودان بين عامي 2021 و2023. ويقول لـ DW: "كل طرف يلقي باللوم في الحرب والمجازر على الطرف الآخر، أو على الولايات المتحدة أو الأمم المتحدة... خطاب الكراهية طاغ".

لقد وُثِّقت الفظائع المرتكبة ضد المدنيين في السودان بشكل جيد. لكن هذا الفيديو لا يُظهرها.صورة من: x

إدعاء:  فيديو يدعي أن قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات ترهب أماً وأطفالها في السودان."

DW تتحقق: الفيديو مزيف

في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر، انتشر مقطع فيديو زعم أنه يظهر أماً سودانية وثلاثة من أطفالها يرتجفون خوفاً أمام جنود من قوات الدعم السريع.

في 29 تشرين الأول/أكتوبر، حساب على منصة إكس يصف نفسه بأنه "محلل مستقل" في الشؤون الجيوسياسية والدولية والأخبار العاجلة نشر فيديو، قائلا إنه يُظهر "قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات وهي تُرهب أماً وأطفالها في السودان". وقد شوهد الفيديو منذ ذلك الحين حوالي 13 مليون مرة، ونال أكثر من 80 ألف إعجاب، وأُعيد نشره أكثر من 41 ألف مرة.

في 30 تشرين الأول/أكتوبر، تم تضمين نفس الفيديو في منشورٍ يصف سقوط مدينة الفاشر بيد قوات الدعم السريع والفظائع التي اتهمت بارتكابها بعد ذلك.وجاء في أحد النصوص المرافقة للفيديو: "امرأة سودانية وأطفالها يتعرضون للتهديد بالقتل على يد ميليشيات قوات الدعم السريع المدعومة من الإمارات". وقد شوهد هذا المنشور ما يقرب من 30 ألف مرة.

هذا الفيديو لا يُظهر ما يُشير إليه التعليق. ومع ذلك، انتشر على نطاق واسع.صورة من: tiktok

التقط جميل الحسن، الشخصية السورية الحاضرة بقوة على الإنترنت، الفيديو، وضمّنه في فيديو له نشره على قناته على إنستغرام (حيث يتابعه أكثر من 2.4 مليون شخص، وحصد الفيديو ما يقارب 450 ألف إعجاب) وحسابه على منصة إكس(حيث يتابعه ما يقارب 400 ألف شخص، وحصد الفيديو ما يقارب مليون مشاهدة)".

وكتب على كل معلقاً على الفيديو: "أنقذوا أهلنا في الفاشر في السودان، كونوا صوتهم العالي". وفي النسخة التي تضمّنت الفيديو داخل مناشدته، تظهر ترجمة بالعربية تقول: "الأم كانت تحاول حماية طفلها". وفي مناشدة استمرت خمس دقائق، ادّعى جميل الحسن عدة مرات، من دون أي دليل، أن المرأة في الفيديو قد قُتلت في النهاية.

أخيراً، في وقت لاحق من يوم 31 أكتوبر، تمت إعادة نشر فيديو جميل الحسن، بما في ذلك فيديو الأم السودانية، من قبل حساب على منصة إكس يصف نفسه بأنه "وكالة أخبار بديلة"، حيث حقق أكثر من 800 ألف مشاهدة إضافية.

نشر السوري جميل الحسن رسالة غير صحيحة على حساباتهصورة من: x

ومع ذلك، لا يُظهر الفيديو الأصلي ما تدّعيه تلك الحسابات المختلفة. يكشف البحث العكسي عن الصور المأخوذة من الفيديو أنه نُشر في الأصل على تطبيق"تيك توك" في 12 أيلول/سبتمبر، أي قبل أكثر من شهر من سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، وبالتالي يتعارض مع الرواية التي قدمها على الأقل حسابان أعادا نشره.

وعلاوة على ذلك، أكّد صحفيون من القسم العربي في DW صحة بعض الحوارات المسموع في الفيديو، والتي تشير إلى أن الرجال ليسوا من قوات الدعم السريع، بل ينتمون إلى القوات المسلحة السودانية. ولا يبدو أنهم يهددون المرأة، بل يسألونها من أين هي وما إذا كانت لها صلة بقوات الدعم السريع. فتجيب المرأة بأنها تنتمي إلى قبيلة الزغاوة، وأن قوات الدعم السريع اعتقلت زوجها.

بينما بدت في البداية أنها ترتجف خوفاً عند سماع صوت إطلاق النار، إلا أن الطلقات لا تبدو قريبة جدا، ولم تكن موجهة إليها. وفوق ذلك، بعد نحو 25 ثانية من بداية الفيديو، تظهر يد شخص بالغ من خلف الكاميرا وتمسك لفترة وجيزة بيد الصبي الصغير بطريقة تبدو مريحة أكثر منها مهدِّدة. وفي الواقع، يبدو أن الأم أصبحت أكثر هدوء بعد تلك اللحظة.

"تفنيد ادعاءات مقتل المرأة وأطفالها"

الادعاءات بأن المرأة وأطفالها قد قتلوا لاحقاً لا أساس لها من الصحة ولا يمكن إثباتها. في الفيديو الذي نشره الناشط والإعلامي السوري جميل الحسن، لم يكن مقطع الأم وأطفالها هو المقطع الوحيد المضمّن؛ فقد علّق الحسن أيضاً على مقطع ثان يبدو أنه يظهر امرأة تحمل طفلاً صغيراً وتنكمش في خندق رملي أمام جنديين مسلحين، يظهر ظلهما في الفيديو.

يكشف البحث العكسي عن لقطة شاشة للفيديو أن المشهد قد نُشر مئات المرات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة خلال الأسبوع الماضي، بما في ذلك هنا (بحوالي 150 ألف مشاهدة) وهنا (بأكثر من 12 ألف مشاهدة). ومع ذلك، فإن هذا المقطع مزيف بالكامل وقد تم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي.

الأمر لا يتعلق فقط بأن "ظلال" الجنود لا تتحرك، بل إن لون بنطال الصبي يتغير قليلا أيضاً. وإن لم تكن تلك الأدلة كافية، فإن المقطع يحتوي أيضا على العلامة المائية لصاحبه: @khoubaib.bz، وهو حساب على إنستغرام يعود إلى "خُبيب بن زيو"، الذي يصف نفسه بأنه "خبير إبداعي في الذكاء الاصطناعي".

نشر بن زيو المقطع في 28 تشرين الأول/أكتوبر مع ملاحظة واضحة تشير إلى أنه "تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي"، لكن ذلك لم يحول دون حصول المقطع على ما يقرب من 110 آلاف إعجاب، كما لم يمنع جميل الحسن من استخدامه في مقطع الفيديو الخاص به.

"متخصص الذكاء الاصطناعي" الذي ولده اعترف بأن الفيديو مفبركصورة من: Instagram

السودان: التضليل والأخبار الزائفة

وجهت DW أسئلة لكل من جميل الحسن وخُبيب بن زيو حول ما إذا كانا على علم بأنهما ينشران محتوى غير دقيق ومولّد بالذكاء الاصطناعي. كما سألت القناة عن دوافعهما، لكنها لم تتلق أي رد.

يقول غيريت كورتس، الباحث في شؤون النزاعات في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية (SWP) في برلين، والمتخصص في منطقة القرن الإفريقي: "المعلومات المضللة تمثل مشكلة هائلة في السودان. فالثقافة الإعلامية ليست عالية بما فيه الكفاية، كما أن توفر وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت في المناطق الريفية محدود للغاية".

ويبدو أن المعلومات المضللة القادمة من السودان تستهدف في الغالب العالم الخارجي، حيث تمتلك العديد من القوى الأجنبية مصالح في هذا البلد الغني بالمعادن والموقع الاستراتيجي المهم.

ويضيف كورتس: "هناك علاقات شخصية وثيقة بين قيادة قوات الدعم السريع والقادة السياسيين في الإمارات العربية المتحدة. تنشر الأطراف المتحاربة رواياتها باستمرار على قنواتها الخاصة. يحظى تطبيق تيليغرام بشعبية واسعة، ويتواجد حميدتي [محمد حمدان دقلو، قائد قوات الدعم السريع] على منصة تروث سوشيال التابعة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بينما يتواجد الجيش السوداني وحلفاؤه بشكل قوي على فيسبوك وإكس".

لكن بينما تحتدم معركة التضليل الإعلامي عبر الإنترنت، فإن الناس العاديين على الأرض هم من يعانون في الواقع.

ساهم في إعداد التقرير: عماد حسن من DW عربية 

تحرير: خالد سلامة

مات فورد محرر في قسم الأخبار وفريق التحقق بدويتشه فيله
تخطي إلى الجزء التالي اكتشاف المزيد
تخطي إلى الجزء التالي موضوع DW الرئيسي

موضوع DW الرئيسي

تخطي إلى الجزء التالي المزيد من الموضوعات من DW

المزيد من الموضوعات من DW