قبل وقت قصير من الانتخابات الألمانية المقررة الشهر الجاري، ينشر سياسيون ومؤيدوهم معلومات مضللة حول المهاجرين وطالبي اللجوء على وسائل التواصل الاجتماعي. فريق DW تحقق من بعضها.
يطالب سياسيون من مختلف الأحزاب بقواعد وعمليات ترحيل للاجئين أكثر صرامةصورة من: Daniel Kubirski/picture alliance
إعلان
تسير حملة الانتخابات البرلمانية المبكرة والمقررة في 23 فبراير/ شباط 2025، على قدم وساق في ألمانيا. في المقابل هناك الكثير من الجدل ليس فقط في الشوارع وفي استوديوهات التلفزيون، ولكن أيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة حول موضوع الهجرة. غير أنه تبين أن بعض هذه الادعاءات لا يتوافق مع الحقائق من خلال نظرة فاحصة على منصة "اكس".
ادعاء: "هناك ما يقرب من 900 ألف طالب لجوء مرفوضين يعيشون في ألمانيا، 304 ألف منهم أجبروا على مغادرة البلاد، ولكن ما زالوا يتلقون الدعم. في حالة ما تساءلت على من تنفق ألمانيا هذا الكم من الأموال..."
نٌشر هذا الادعاء في منتصف يناير كانون الثاني من قبل عضوة البرلمان الألماني غير المنتسبة جوانا كوتار وقد حصد أكثر من 255 ألف مشاهدة. وكانت كوتار عضوة في حزب البديل من أجل ألمانيا الشعبوي اليميني، الذي غادرته في عام 2022.
دويتشه فيله تتحقق: خطأ
صحيح أن ما يقرب من 900 ألف طالب لجوء مرفوضين يعيشون في ألمانيا. غير أن العدد الذي ذكرته جوانا كوتار بشأن طالبي اللجوء المرفوضين الذين يضطرون إلى مغادرة البلاد مبالغ فيه للغاية.
ادعاء خاطئ من قبل عضوة البرلمان الألماني جوانا كوتارصورة من: x.com
هناك 202880 شخصاً مطالباً بمغادرة البلاد ويعيشون في ألمانيا (اعتباراً من 31 ديسمبر/ كانون الأول 2024). وأكدت وزارة الداخلية الاتحادية ذلك بناء على طلب تقدمت به دويتشه فيله. ويشمل عدد "المطلوب منهم المغادرة" طالبي اللجوء المرفوضين، ولكن أيضاً الأشخاص الذين انتهت صلاحية تأشيراتهم. وقد بلغ العدد الإجمالي لطالبي اللجوء المرفوضين من بين المطالبين بمغادرة البلاد 128355 طالب لجوء اعتباراً من 30 يونيو/ حزيران 2024 وليس 304000 كما هو مذكور في المنشور على منصة "اكس"وفق معلومات قدمتها الحكومة بناء على طلب بعض أعضاء البرلمان.
ومع ذلك، لا يمكن ترحيل كل من يُجبر على مغادرة البلاد بموجب القانون الألماني. ووفقاً لأرقام الحكومة الاتحادية، فإن الأغلبية أي حوالي 86 بالمائة ممن يطلب منهم مغادرة البلاد يتمتعون بإيقاف ترحيل مؤقت. وبشكل عام لا يمكن ترحيل الأشخاص المتسامح معهم، على سبيل المثال، بسبب عدم توفرهم على وثائق، أو يخضعون للتدريب أو يعانون من مرض ما وهنا يمنحهم القانون السماح المؤقت بالإقامة. ويبلغ عدد طالبي اللجوء المرفوضين دون السماح المؤقت والذين يضطرون إلى مغادرة البلاد ويمكن ترحيلهم على الفور حوالي 17583 (حتى 30 يونيو/ حزيران 2024). وهم ممن يسمون بـ "المجبرين على مغادرة البلاد على الفور".
ادعاء: "0.5 في المائة فقط منالسوريين يحق لهم الحصول على اللجوء: يجب ترحيل اللاجئين المزيفين بشكل حازم! الأرقام الجديدة تدحض ادعاء الأحزاب الحالية، والتي بموجبها من المفترض أن يأتي إلينا فقط "اللاجئون" من سوريا".
يزعم هذا المنشور على منصة "اكس" أن 0.5 في المائة فقط من السوريين يحق لهم الحصول على اللجوءصورة من: x.com
ظهر هذا المنشور على الحساب الرسمي لحزب البديل من أجل ألمانيا على منصة "اكس". ويزعم التقرير المرفق على موقع الحزب أن وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر قالت إنه من بين 974136 سورياً يعيشون في ألمانيا، هناك 5090 فقط مؤهلين للحصول على اللجوء.
دويتشه فيله تتحقق: خطأ
صحيح أن ما يزيد قليلاً عن 5000 سوري حصلوا على وضع اللجوء الكامل في ألمانيا. ويمثل هذا في الواقع حوالي 0.5 بالمائة من حوالي 975 ألف مواطن سوري يعيشون في ألمانيا، وفق وزارة الداخلية الفيدرالية (اعتباراً من 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024). لكن ما يتجاهله المنشور وما يجعله مضللاً: وضع السوريين في ألمانيا معقد. وقد حصل مئات الآلاف على الحماية في مختلف الفئات.
صوفي ماينرز، الباحثة المشاركة في مجلس العلاقات الخارجية الألماني، قالت في مقابلة معنا حول ادعاء حزب البديل من أجل ألمانيا: "هذا البيان خاطئ ومضلل لأنه يتجاهل أن حق اللجوء ليس سوى جزء صغير من خيارات الحماية المتاحة في ألمانيا". ألمانيا وسوريا من الدول التي تتمتع بأعلى نسبة حماية". ووفق مكتب الإحصاء الفيدرالي، فإن ما يقرب من 88 في المائة من السوريين الذين قدموا طلبات الحصول على الحماية قد حصلوا على وضع الحماية المعترف به في نهاية عام 2023.
جانب من احتفالات السوريون في ألمانيا بسقوط بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأولصورة من: Andreas Arnold/dpa/picture alliance
هناك أربعة أنواع من الحماية في ألمانيا: حق اللجوء، وحماية اللاجئين، والحماية الفرعية وحظر الترحيل، كما أوضحت لينا تريس، المتحدثة باسم المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، رداً على استفسار من DW:"طالبي اللجوء من سوريا يتمتعون بحماية فرعية." وبحسب وزارة الداخلية الاتحادية، فإن هذا العدد يشمل أكثر من 330 ألف سوري (حتى 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2024).
الحماية الفرعية تعني أن الأشخاص الحاصلين عليها لا يتمتعون بحق حماية اللاجئين ولا الحق في اللجوء، ولكن قد يكون هؤلاء معرضون للتهديد في وطنهم. ويشمل هذا التهديد، على سبيل المثال، عقوبة الإعدام أو التعذيب أو تهديد التعرض إلى العنف التعسفي على إثر نزاع مسلح ببلدهم.
في ظل نظام بشار الأسد، واجه الناس في سوريا تهديدات مثل التعذيب والمعاملة اللاإنسانية وحتى عقوبة الإعدام، مما لم يترك للكثيرين أي خيار سوى الفرار. ولكن منذ سقوط الأسد ونظامه نهاية العام الماضي، يجري نقاش على نطاق واسع في ألمانيا حول كيفية التعامل مع اللاجئين السوريين.
قضية اللاجئين السوريين هيمنت على الحملة الانتخابية للعديد من الأحزاب. لكن في حين لا تزال نوايا الحكام الجدد في سوريا بشأن حكم البلاد في المستقبل، غير واضحة لحد الآن، تنص خطة جديدة من وزيرة الداخلية فيزر على ضرورة عودة بعض اللاجئين السوريين إلى وطنهم بشروط معينة.
أعدته للعربية: إيمان ملوك
اللاجئون في ألمانيا - من "ثقافة الترحيب" إلى "سياسة الترحيل"
في خريف عام 2015، فتحت ألمانيا أبوابها للآلاف من اللاجئين. وكان تفهم الألمان لمآسي هؤلاء ملفتا جداً. إلا أن أحداثاً عديدة قلبت ثقافة الترحيب إلى مطالب بالترحيل. بالصور: محطات من السياسة الألمانية تجاه اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Fischer
بداية الموجة
في 25 آب/ أغسطس 2015، علقت ألمانيا تنفيذ اتفاق دبلن تجاه اللاجئين السوريين. وينص الاتفاق على إعادة اللاجئين إلى بلد دخلوه في الاتحاد الأوروبي. وبعدها بأيام قالت المستشارة ميركل إن التغلب على موجة اللجوء؛ "مهمة وطنية كبيرة"، كما أصرت على أن "ألمانيا ستنجح في هذه المهمة". وخشيةً من مأساة تحل بآلاف اللاجئين، قررت ميركل إلى جانب النمسا استقبال اللاجئين، وكان ذلك في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2015.
صورة من: Reuters/H. Hanschke
استقبال وترحيب
مثلت ""ثقافة الترحيب" عنصراً مهماً في استقبال اللاجئين في خريف 2015. وقد حظي اللاجئون عند وصولهم إلى عدد من المدن الألمانية بترحيب منقطع النظير من جانب المتطوعين من المواطنين الألمان والأجانب المقيمين في ألمانيا. وبادر هؤلاء المتطوعون إلى تقديم المساعدة المعنوية والمادية للعديد منهم. ففي ميونيخ مثلاً، تم إنشاء مطاعم مؤقتة للاجئين المنتظرين تسجيل أسماءهم لدى الشرطة، ونقلهم إلى مراكز الإيواء.
صورة من: picture alliance/dpa/J. Carstensen
أزمة السكن
عدد كبير من اللاجئين قصد ألمانيا بعد قرار ميركل عام 2015. الأرقام المتزايدة للاجئين شكلت تحديا كبيراً للألمان. وبدأت مدن ألمانية باستعمال المباني الخالية أو المهجورة كمراكز إيواء للاجئين، فيما استدعت السلطات الحكومية المختصة الموظفين المتقاعدين للعمل من جديد في مراكز اللاجئين. ويعتبر هذا المعطى واحداً من المؤشرات الأخرى التي فرضت على ألمانيا دخول تحدٍ جديدٍ، بسبب اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/I. Fassbender
بداية أحداث قلبت الموازين
كانت أحداث كولونيا، التي وقعت في ليلة رأس السنة الجديدة 2016/2015 بداية فاصلة لتغير مزاج الألمان تجاه اللاجئين. حيث شهدت تلك الليلة عملية تحرش جماعي كبرى لم تشهدها ألمانيا من قبل. تلقت الشرطة مئات البلاغات من نساء تعرضن للتحرش والسرقة وفتحت الشرطة أكثر من 1500 تحقيق لكن السلطات لم تنجح في التعرف إلا على عدد قليل من المشتبه بهم، الذين كانت ملامحهم شرق أوسطية وشمال إفريقية، طبقا لشهود.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Böhm
مطالب بالترحيل
أعمال التحرش الجنسي في كولونيا، ليلة رأس السنة، تسببت في موجة استياء واسعة في ألمانيا بداية من عام 2016، وقد دفعت كثيرين للمطالبة بتشديد القوانين لترحيل الجناة وجعلت آخرين يطالبون بتفادي تجريم فئة معينة في المجتمع. وكانت حركة "بغيدا" أهم الأطراف، التي دعت إلى وقف تدفق اللاجئين على ألمانيا. وتعارض هذه الحركة الشعبوية بوجه خاص إيواء لاجئين من دول إسلامية بدعوى أن ثقافتهم لا تنسجم مع القيم الغربية.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
تحديد سقف لعدد اللاجئين
على خلفية اعتداءات كولونيا ليلة رأس السنة، وجد زعيم الحزب الاجتماعي المسيحي المحافظ آنذاك هورست زيهوفر في الواقعة فرصة للتأكيد على طلبه الرئيسي المتمثل في تحديد سقف أعلى لعدد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا. لكن ميركل كانت قد رفضت الأمر في مؤتمر حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" (البافاري) في ميونيخ.
صورة من: picture-alliance/dpa/D. Karmann
هجمات متفرقة ينفذها لاجئون
وقام بعض اللاجئين بأعمال عنف و"إرهاب" جعلت مؤيدين كُثراً يسحبون دعمهم لسياسة الترحيب. ومن أبرز هذه الاعتداءات، ما حصل بمدينة أنسباخ جنوبي ألمانيا. فقد فجَّر طالب لجوء سوري عبوة ناسفة من صنعه وهو ما أدى إلى مقتله وإصابة 12 شخصاً. كما أصاب طالب لجوء آخر (2016) خمسة أشخاص بجروح بفأس وسكين على متن قطار في فورتسبورغ.
صورة من: Reuters/M. Rehle
هجمات معادية للاجئين
وفي المقابل قام أشخاص بالاعتداء على مجموعة من مراكز إيواء اللاجئين مثل إضرام الحريق في مركز فيرتهايم. كما شهدت بعض المدن الألمانية مظاهرات معادية لاستقبالهم. هذه التصرفات دفعت المستشارة ميركل للقول إنه لا تسامح مع اليمينيين المتطرفين الذين يقومون بهجمات ضد اللاجئين.
صورة من: picture-alliance/dpa/R. Engmann
عملية دهس وراءها داعش!
في 19 ديسمبر/ كانون الأول 2016 اهتزت برلين لفاجعة الدهس بشاحنة، التي أدت لمقتل 12 شخصاً وإصابة 48 آخرين. هذا العمل الإرهابي قام به لاجئ في ألمانيا، فقد وُجهت التهمة لأنيس العامري، وهو تونسي الجنسية، كان يبلغ حينها 24 عاماً، باختطاف شاحنة بولندية ضخمة، ودهس بها تجمعاً بشرياً بأحد أسواق أعياد الميلاد في قلب برلين، قبل أن تقتله الشرطة الإيطالية. وقد أعلنت "داعش" فيما بعد تبنيها للاعتداء.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Kappeler
سياسة ميركل في مرمى الانتقادات
تصاعد الأزمات، وتفاقم المشاكل جعل شعبية المستشارة ميركل تقل، فقد اتهمها منتقدوها بأن سياسة "الباب المفتوح" التي اتبعتها فاقمت الأوضاع من خلال تشجيع المزيد من اللاجئين على الدخول في رحلاتهم الخطرة نحو أوروبا. وفي سبتمبر 2016 بدأت ألمانيا أيضا بعمليات مراقبة مؤقتة على حدودها مع النمسا.
صورة من: Getty Images/J. Simon
هل ستستقبل ألمانيا لاجئين جدد؟
أعلنت المفوضية الأوروبية لشؤون اللاجئين موافقة الحكومة الألمانية على استقبال 10 آلاف لاجئ ضمن برنامج "إعادة التوطين" التابع للاتحاد الأوروبي، في الوقت الذي يحاول وزير الداخلية الألمانية الإسراع بفتح مراكز جديدة للاجئين تتولى استقبال اللاجئ والبت في قراره ثم ترحيله في حالة رفض طلبه. بالإضافة إلى توجهه نحو التشدد حيال لمّ شمل عائلات اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية. إعداد: مريم مرغيش