DW ترافق "أوشن فايكينغ" خلال إنقاذ لاجئين قبالة سواحل ليبيا
٢٤ فبراير ٢٠٢٠
تنفيذ عمليتين في اليوم الواحد: سفينة الإنقاذ "أوشن فايكينغ" التابعة لأطباء بلا حدود موجودة في رحلة في البحر المتوسط. مراسل دويتشه فيله ميودراغ زوريتش عاين إنقاذ 182 شخصاً، معظمهم من المغرب وبنغلاديش ونيجريا وغانا.
إعلان
طلب النجدة جاء حوالي الساعة الخامسة والنصف صباحا: قارب خشبي مكتظ باللاجئين يطفو على بعد حوالي 130 كيلومتر من سواحل ليبيا. وعندما وصل الخبر إلىسفينة "أوشن فايكينغ"كانت بعيدة بنحو 22 ميل بحري عن القارب، ويستغرق الأمر حتى ساعتين كي تصل إليه.
نيكولاس رومانيوك قائد العمليات على متن السفينة يغير المسار، ويقرر التأكد من الوضع بالقرب من عين المكان، خصوصا وأن مصدر الخبر هو منظمة غير حكومية ذات مصداقية، وهي في صلب شبكة من الناشطين المدنيين في أوروبا وشمال أفريقيا، يتصل بهم من يواجه صعوبات وسط البحر.
وهذه المنظمة التي تُدعى "ألارم فون" (هاتف الإنذار) تخبر منظمات غير حكومية أخرى بينها "أطباء بلا حدود "، و منظمة "اس أو اس ميديتيرينيه"، إضافة إلى خفر السواحل المسؤولة.
حالة الطوارئ تحصل
وفي الوقت الذي تقترب فيه سفينة "أوشن فايكينغ" من المنطقة، التي يفترض أن يتواجد فيها قارب اللاجئين، يجري نيكولاس رومانيوك اتصالا مع قوة حماية الحدود الأوروبية المعروفة باسم "فرونتيكس"، والتي تعمل بتفويض من الاتحاد الأوروبي وما يُسمى دول "شنغن" وتراقب الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي. ولهذا فإن فرونتيكس مهمة بالنسبة لقائد عمليات السفينة "أوشن فايكينغ"، لأنها تتوفر على طائرات صغيرة أو هليكوبتر تراقب المنطقة البحرية قبالة السواحل الليبية.
ويحصل نيكولاس رومانيوك من فرونتيكس على الإحداثيات الدقيقة لقارب اللاجئين بالإضافة إلى بعض التقديرات حول عدد اللاجئين على متن القارب. وتتحدث فرونتيكس عن 90 شخصا في حالة طوارئ. وكان عددهم في النهاية 84 شخصا.
وفجأة تبدأ الحركة فوق السفينة: نيكولاس رومانيوك تعرف من خلال منظار على القارب الخشبي، وأمر بإنزال قوارب الإنقاذ. وبعد دقيقتين انطلق اثنان من قوارب الإنقاذ على متن كل واحد منهما يوجد ثلاثة أشخاص.
عملية إجلاء خطيرة
وبعد فترة وجيزة بدأ القارب الأزرق للاجئين يظهر في الأفق. والأشخاص على متنه يلوحون بأيديهم في اتجاه المنقذين. وبدأ القارب في التمايل. والمهمة الأساسية للمنقذين الآن هي تهدئة اللاجئين.
تانغوي، الذي يوجه قوارب الإنقاذ الصغيرة، يتحدث لتهدئة الناجين، قائلا بأنه سيتم أخذ الجميع ويوجد متسع كاف على متن "أوشن فايكينغ" للجميع ولن يتم إعادتهم إلى ليبيا، التي انطلقوا منها قبل يوم. وفي الدقائق الثلاثين التالية يحصل كل لاجئ على سترة إنقاذ، وبهذا يتأكد المساعدون من أنه حتى لو انقلب القارب لن يتعرض أحد للغرق.
وفي ثلاث رحلات ينقل قاربا الإنقاذ اللاجئين، الذين ينحدرون بوجه خاص من بنغلاديش والمغرب إلى سفينة "أوشن فايكينغ". ومجموعة اللاجئين تتكون من رجال فقط، بينهم 21 شابا تحت 18 عاما اختاروا طريق البحر الخطير دون صحبة الأبوين أو أقارب. وجميع اللاجئين يحصلون على كيس به لباس جديد وغطاء وغذاء إضافة إلى الماء.
إنذار طوارئ جديد
ومع مرور اليوم تغطي السحب السماء فوق سفينة "أوشن فايكينغ" والرياح تهب بقوة والأمواج تصبح عالية. وفي فترة بعد الظهر تخبر منظمة "ألارم فون" مجددا نيكولاس رومانيوك بوجود سفينة في حالة طوارئ، وهذه المرة يتعلق الأمر بقارب مطاطي. و"أوشن فايكينغ" تنطلق.
وبعد ساعة من الوقت تصل إلى مكان الناجين الذين يلوحون أيضا عندما اقترب المنقذون. وخطر أن ينقلب القارب المطاطي كبير، وهو مليئ عن آخره ويطفو فوق الماء مثل قطعة خشبية.
وهذه المرة يواجه تانغي وضعا أصعب لتهدئة الناجين الذين يتدافع بعضهم إلى الأمام لأخذ مكان على متن سفينة الإنقاذ. وفي النهاية يتم إجلاء 98 شخصا، وغالبيتهم ينحدرون من نيجيريا وغانا وبعضهم من السنغال وغينيا وغامبيا ومالي وتوغو أو غينيا بيساو. و14 من الناجين أطفال أو شباب دون 18 عاما. وتوجد امرأة بين الناجين. والمنقذون على متن "أوشن فايكينغ" يتأهبون لعمليات إنقاذ أخرى.
ميودراغ زوريتش/ م.أ.م
إنقاذ المهاجرين من الغرق في المتوسط لا ينهي مأساتهم
عام 2018 كان مأساويا للمهاجرين عبر المتوسط، إذا ارتفع عدد الضحايا بشكل مضطرد. لكن عام 2019 لا يدعو إلى التفاؤل، إذ باتت مهمة "صوفيا" لإنقاذ المهاجرين في المتوسط مهددة بالانتهاء والخلاف مستمر حول استقبال من يتم إنقاذهم.
صورة من: Getty Images/C. McGrath
ارتفاع كبير في عدد الغرقى
أعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين أن عدد الضحايا على مسار الهجرة بين ليبيا والاتحاد الأوروبي ارتفع بأكثر من الضعف في عام 2018 ، إذ بلغ معدل الوفاة واحدا من بين كل 14 مهاجرا عبروا هذا الطريق وسط البحر المتوسط. وكان المعدل واحدا من بين كل 38 عام 2017 .
صورة من: Getty Images/AFP/A. Paduano
ستة غرقى كل يوم
حسب إحصائيات الأمم المتحدة بلغ إجمالي عدد المهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا عام 2018 نحو 117 ألف شخص، وتوفي في البحر المتوسط 2275 على الأقل، مقارنة بـ 172 ألف مهاجر عبروا إلى أوروبا عام 2017 ووفاة 3139 شخصا. وحسب المفوضية، فإن البحر المتوسط شهد موت ستة أشخاص يوميا في المتوسط العام الماضي.
صورة من: picture-alliance/dpa/AP/Küstenwache Lybien
منع سفينة "سي ووتش 3" من الرسو
في آواخر عام 2018 أنقذت سفينة "سي ووتش 3"، التي تملكها منظمة إغاثة ألمانية وترفع علم هولندا، مهاجرين كانوا يستغيثون في البحر قبالة السواحل الليبية، لكن تم منعها من الرسو في إيطاليا أو مالطا.
صورة من: picture-alliance/dpa/Sea-Watch.org
البحث عن ملاذ آمن
بقيت "سي ووتش 3" مع المهاجرين على متنها تمخر عباب البحر بحثا عن ملاذ آمن، وتزامن ذلك مع استمرار الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال هؤلاء المهاجرين، حيث رفضت إيطاليا استقبالهم مطالبة هولندا وألمانيا بذلك، لأن السفينة ترفع علم الأولى، بينما تتخذ المنظمة المالكة لها من برلين مقرا لها.
صورة من: Getty Images/AFP/F. Scoppa
توتر بين فرنسا وإيطاليا
في ظل الخلاف بين الدول الأوروبية حول استقبال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من الغرق في المتوسط، تصاعد التوتر بين فرنسا وإيطاليا، إذ تتهم روما باريس بأنها سبب الفوضى الحالية في ليبيا، وترى إيطاليا أن هذا الوضع غير المستقر يدفع المهاجرين إلى الهرب من ليبيا للوصول إلى الشواطئ الإيطالية عبر البحر المتوسط، وهو ما يشجع على تهريب البشر.
صورة من: picture alliance/CITYPRESS 24/f. Passolas
ألمانيا لن تستمر في مهمة "صوفيا"
مع تصاعد التوتر والخلاف الأوروبي حول ملف الهجرة واللاجئين، أعلنت ألمانيا أنها لن ترسل أي بديل للفرقاطة التي تنتهي مشاركتها في مهمة الاتحاد الأوروبي لإنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط "صوفيا" في أوائل شباط/ فبراير المقبل.
صورة من: picture-alliance/dpa/M. Assanimoghaddam
مصير مجهول!
مهمة "صوفيا" لإنقاذ اللاجئين من الغرق باتت مهددة بالانتهاء، لأن الأمر متعلق بموقف دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة، إذ يجب أن توافق عليها كل الدول الأعضاء في الاتحاد. وعلاوة على ذلك تطالب إيطاليا بتغيير قواعد وشروط المهمة. في هذا السياق صرح وزير الداخلية الإيطالية ماتيو سلفيني أن سفن المهاجرين التي كان يتم إنقاذها ترسو في الموانئ الإيطالية وبالتالي "إما يجب تغيير القواعد، أو إنهاء المهمة".
صورة من: picture-alliance/dpa/G. Lami
بارقة أمل
لكن رغم كل هذا الخلاف والتوتر، هناك بارقة أمل في تحسن الوضع خلال العام الجاري وتجاوز الدول الأوروبية لخلافاتها حول ملف الهجرة واللاجئين. فقد أعلن رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي أن اتفاق تقاسم مهاجرين مع ستّ دول أوروبية أخرى (فرنسا وألمانيا والبرتغال ومالطا ورومانيا ولوكسمبورغ) سيتيح إنزال وإنقاذ المهاجرين العالقين على متن سفينة"سي ووتش 3". إعداد: عارف جابو